Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوات إلى الحوار... لماذا يستمر الانسداد في الجزائر؟

توجس الحراك من السياسيين عامةً وليس أزلام النظام فقط مع صعوبة تأطير المسيرات والاحتجاجات

شاب جزائري ملتف بعلم بلاده يقف بين عناصر مكافحة الشغب في العاصمة (رويترز)

لا تزال المبادرات والدعوات إلى الحوار تسيطر على المشهد العام في الجزائر، فبينما يدعو رئيس أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، إلى التحاور مع مؤسسات الدولة، تتحدث شخصيات سياسية وحقوقية وحزبية عن ضرورة فتح حوار، ليتواصل الانسداد على الرغم من تمسك المؤسسة العسكرية بالحل الدستوري الذي يفرض إجراء الانتخابات الرئاسية في الموعد المحدد لها في 4 يوليو (تموز) المقبل، للخروج من الأزمة السياسية.

46 منظمة وجمعية تدعو الجيش إلى الحوار

ودعت 46 منظمة وجمعية جزائرية، قيادة الجيش إلى فتح حوار مع الطبقة السياسية والمجتمع المدني من أجل التوصل إلى حل توافقي للأزمة التي تعيشها البلاد، كما طالبوا بتأجيل موعد الانتخابات الرئاسية، وهو الموعد الذي تتمسك به المؤسسة العسكرية كحل يمنع "الوقوع في فخ الفراغ الدستوري الذي من شأنه أن يُدخِل البلاد في انزلاقات". كما ترى قيادة الأركان أن استمرار المسيرات من دون تأطير، سمح لبعض الجهات بـ"استغلال الوضع" لإبراز شعاراتهم و"تمرير رسائلهم المشبوهة"، التي تصب في إطار الدفع نحو مطالب غير عقلانية وغير موضوعية"، وهي من الأسباب التي اعتمدتها رئاسة الأركان لـ"فرض الحل الدستوري واستحقاق 4 يوليو". في المقابل، ذكرت الجمعيات في بيان صدر عقب اجتماع عقدته في العاصمة تحت عنوان "اللقاء التشاوري للمجتمع المدني إسهاماً في حل الأزمة السياسية للبلاد"، "ندعو مؤسسة الجيش إلى فتح حوار صريح مع ممثلي المجتمع المدني والطبقة السياسية لإيجاد حل سياسي توافقي يستجيب للطموحات الشعبية في أقرب المهل"، معلنين "الرفض المطلق لإجراء الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو، مع ضرورة رحيل رموز النظام الحالي تلبيةً للمطالب الشعبية".

تخوف وملل... وتحذير

في سياق متصل، صرح المحلل السياسي بوعلام سعد الله، أن مبادرة الجمعيات والمنظمات تندرج في سياق تحرك الطبقة السياسية والمجتمع المدني من أجل تأجيل انتخابات الرئاسة، مضيفاً أن "التخوف والملل بدءا يتسللان بين أوساط الشعب مع استمرار المسيرات والاحتجاجات، وإطالة عمر الأزمة".
كذلك، دعا وزير الاتصال والثقافة السابق عبد العزيز رحابي، قيادة الجيش إلى ضرورة فتح مشاورات مع الطبقة السياسية والفاعلين، داعياً الكل إلى تقديم تنازلات. ولفت إلى أن "التمسك بالحلول الدستورية أصبح جزءاً من الأزمة"، مضيفاً أن "المرحلة الانتقالية على الرغم مما تطرحه من مخاوف، إلا أنها ضرورية لتحقيق اختراق في الانسداد السياسي".
وتابع رحابي أن "الانسداد الحالي يحتاج إلى مبادرة سياسية قوية، بعيداً من المنطق الدستوري الذي أصبح عائقاً أمام تحقيق مطالب الحراك الشعبي"، مشدداً على ضرورة فتح نقاش واسع وإعادة الثقة بين الأطراف الفاعلة والشارع الجزائري، منتقداً غياب التواصل مع مؤسسات الدولة، نتيجة ما ترتب عن تفعيل المادة 102 بشكل حرفي، ومنح السلطة لوجوه مرفوضة شعبياً فاقمت من حجم الانسداد".
وحذر الوزير السابق من تعقد الأمور كلما طالت الأزمة، مؤكداً أن زحزحة الأزمة تقتضي حلولاً توافقية ومرحلة انتقالية تُحدَد مدتها مسبقاً، "لأن الانتقال من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي لا يمكن أن يحدث من دون فترة انتقالية تتيح للمجتمع إعادة تنظيم نفسه ضمن النقابات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني".

الأزمة تنتهي عرجاء؟

وكان ممثلو حوالى 100 جمعية جزائرية أكدوا في مارس (آذار) الماضي، ضرورة "فتح حوار وطني جامع" يهدف إلى تأطير الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر، ويدعو إلى تغيير النظام وبناء الجزائر الجديدة، وهي الخطوة التي لم تلقَ آذاناً صاغية، بل على العكس واجهت اتهامات بالعمالة والخيانة ومحاولة الالتفاف على الحراك الشعبي، الأمر الذي دفنها في المهد، ما يكشف صعوبةً في تقبل المبادرات مهما كان مصدرها، سواء لدى الشارع أو لدى قيادة الأركان.
وأشار المحلل السياسي بوعلام سعد الله إلى أن "توجس الحراك ورفضه كل رموز السياسة وليس النظام فقط، جعل أمر تأطير المسيرات والاحتجاجات صعباً إن لم يكن مستحيلاً. كما أن تجاهل المؤسسة العسكرية لكل المبادرات عائد إلى التخوف من النوايا، بعد الذي حصل من خيانة وتآمر من طرف قيادات وشخصيات كان يُفترض أن تكون رمزاً للحماية والإخلاص والتسيير الصالح". أضاف أن "الانسداد سيتواصل مع تمسك كل طرف بمواقفه، وقد يطول عمر الأزمة أو تنتهي عرجاء".

لا يمكن تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في ثلاثة أشهر

وترى المختصة في التنمية السياسية سلاف قسوم، أن حل الأزمة في الجزائر يمرّ عبر وضع ورقة طريق تمهد لانتقال ديمقراطي حقيقي، تكون مبنيةً على الحوار مع ممثلي الحراك مع البحث عن شخصيات توافقية ذات صدقية بالنسبة للشعب والجيش، مبرزةً أن الجيش يجب أن يكون طرفاً في حل سلمي. وأكدت أنه لا يمكن تنظيم انتخابات حرة في غضون ثلاثة أشهر تتسم بالاستقلالية، أي من دون الخضوع لتأثير سلطة تنفيذية أو أحزاب سياسية أو غيرها، وبالنزاهة أيضاً، أي أن تتمتع الإدارة الانتخابية بالاستقلالية العملية مع احترامها للشفافية. وأشارت إلى أن فتح الحوار مع الفاعلين في الحراك الشعبي، من ممثلي الطلاب والجامعات والنقابات والمنظمات المهنية، يمكن أن يساهم في الخروج بورقة طريق تمهد لانتقال ديمقراطي سلمي وتحقق الإجماع المطلوب، "الحل سياسي وليس دستورياً".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي