Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ستكون سياسة مستشار ألمانيا الجديد تجاه الشرق الأوسط؟

بسبب تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة العربية من المرجح أن تبرز برلين أكثر من قبل في مناطق النزاع

لا يُتوقع من برلين أن تغير مسارها بشكل كبير في الشرق الأوسط (أ ف ب)

تستعد ألمانيا لبدء مرحلة جديدة بعد مغادرة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل السلطة، وإعلان نهاية عهدها الذي دام 16 عاماً رئيسة للحكومة عقب انتخابات عامة نظمت الأحد 26 سبتمبر (أيلول) 2021.

ومع وصول ميركل التي وصفتها "فوربس" بأقوى امرأة في العالم، إلى نهاية فترتها الرابعة، بدأت التساؤلات حول إرثها تطرح، وكيف سيبدو مستقبل ألمانيا بعد مغادرتها المشهد السياسي؟

ويمكن تقييم إرث ميركل في الشرق الأوسط على أنه ذو شقين، إلا أنه بعد ميركل لا يُتوقع من برلين أن تغير مسارها بشكل كبير في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، فإن خليفة ميركل، سواء أكانت أنالينا بربوك (الخضر) أو أرمين لاشيت، مرشح الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) أو أولاف شولتز، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، سيتعين عليه الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بموقف ألمانيا من العراق وليبيا وإسرائيل وفلسطين واللاجئين في الشرق الأوسط وغيرها من ملفات عالقة؟

انخراط أكبر بالسياسة الخارجية

سياسة ألمانيا الخارجية بدأت في التحرك أكثر منذ عام 2014، بعد أن توسعت أهدافها ضمن رؤية ما يسمى "إجماع ميونيخ"، الذي دعا إليه آنذاك وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير (الرئيس الحالي)، ووزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين (رئيسة المفوضية الأوروبية الحالية)، والرئيس الألماني وقتها، يواخيم غاوك.

وتهدف رؤية "إجماع ميونيخ" إلى أن تتحمل برلين مسؤولية أكبر ودوراً أكثر نشاطاً في السياسة الدولية، وذلك بعد أن "تأثرت ألمانيا والدول الأخرى بشكل غير مباشر بسبب غياب الأمن والاستقرار عند بوابة الاتحاد الأوروبي".

فمن ناحية، كانت ألمانيا داعية سلام في المنطقة، وداعية للديمقراطية، ومناصرة للحد من التسلح وحقوق الإنسان مع توفير الملاذ للأفراد المعرضين للخطر. من ناحية أخرى، فإن سنوات ميركل مرادفة أيضاً لمبيعات أسلحة ألمانية كبيرة في المنطقة.

وبحسب متابعين، قد يكرس رئيس الحزب الجديد، أرمين لاشيت، استمرار التوجه "الميركلي"، خصوصاً أنه يُعتبر من أقرب الشخصيات السياسية إلى المستشارة. وقد خلق انتخاب لاشيت ارتياحاً على المستويين الأوروبي والدولي.

فبعد انتخابه رئيساً للحزب الديمقراطي المسيحي، بدأت وسائل الإعلام وصناع الرأي يهتمون بمواقف أرمين لاشيت بشأن السياسة الخارجية، وهو الذي قد يصبح المستشار المقبل لألمانيا. واعتبرت أسبوعية "دير شبيغل" أن لاشيت "مدافع عن الأسد" ومن "دعاة الحوار" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واستطردت "دير شبيغل" أنه بصرف النظر عن سوريا، فقد "أشار لاشيت مراراً وتكراراً إلى أنه ينتمي إلى أولئك الذين يعتقدون أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم التحاور بما يكفي مع روسيا (على الرغم من وجود حوار دائم مع روسيا باستمرار ومنذ سنوات)". لقد اشتكى ذات مرة من "الشعبوية المعادية لبوتين"، من دون أن يحدد معنى ذلك. وهو مقال مثير للتعجب، خصوصاً أن لاشيت معروف بولائه لميركل وقربه السياسي منها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تراجع دور الولايات المتحدة

ويُتوقع في حال تولي لاشيت منصب مستشار ألمانيا أن يواصل بصفة عامة ممارسة سياسات التوازن الحالية التي تتبناها ميركل. فهو أيضاً أعرب في 2015 عن دعمه السياسة المعتدلة إزاء ملف اللاجئين. وهنا يطرح السؤال نفسه: إلى أي مدى ستواصل ألمانيا جهودها عقب حقبة ميركل بخصوص مستقبل ليبيا وسوريا وملف اللاجئين؟ ففي حال شكل تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي حكومة ائتلافية مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي أو الحزب الديمقراطي الحر، يُرجح أن تتواصل السياسات الألمانية كما هي، أما في حال تشكيل الحكومة بالتعاون مع الخضر، فقد تتشكل مواقف مختلفة.

وبسبب تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة العربية، من المرجح أن تبرز ألمانيا أكثر من قبل في مناطق النزاع، باعتبارها "قوة" أوروبية إلى جانب فرنسا، كطرف رئيسي، أو ربما تقوم بدور الوسيط.

وتدعم الحكومة الألمانية قوات البيشمركة في العراق وتراهن على كل من مصر والسعودية كشريكين رئيسيين في المنطقة. سياسة لا تلقى ترحيب المعارضة وبعض نواب الائتلاف الحكومي.

وبات ينظر إلى برلين كطرف مؤثر في وسط أوروبا بفضل قوتها الاقتصادية. وقد صبت تركيزها، في ظل رئاستها مجلس الاتحاد الأوروبي، على التوصل إلى موقف أوروبي قوي موحد بشأن التحديات الكثيرة في ملفات السياسة الخارجية، خصوصاً فيما يتعلق بشمال أفريقيا ومنطقة الخليج وشرق المتوسط.

تغيير جوهري

وتوقع خبراء أن "تشهد السياسة الخارجية الألمانية تغييراً جوهرياً حقيقياً بعد حقبة ميركل"، خصوصاً أن أغلب التوقعات تشير إلى صعود كفة شولتس مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي أمام لاشيت في هذه الانتخابات، علماً أنه جرت العادة، خلال السنوات الأخيرة بتقدم الحزب المسيحي يليه الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب "الخضر". إلا أن احتمالية صعود الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب "الخضر" قد تقلب هذه المعادلة.

ويبدو أن تركيز برلين يصب على "منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار لمنع تدفق المزيد من اللاجئين، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب".

أما على الصعيد المحلي داخل ألمانيا فهناك ضغوط متزايدة لإعادة تنظيم سياسة ألمانيا في الشرق الأوسط. ولطالما كانت السياسة الخارجية الألمانية بمثابة عملية توازن بين المصالح والقيم.

المزيد من دوليات