Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعديل النظام الانتخابي في تونس... بين ضرورة التغيير و"القلق من المجهول"

"تهدف هذه المشاريع إلى التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب صاحب السيادة"

ألغى الأمر الرئاسي عدد 117 دستور تونس لعام 2014 (أ ف ب)

منذ حملته الانتخابية في 2019 عرض الرئيس التونسي قيس سعيد برنامجه الذي أثار جدلاً، ومنه تغيير النظام الانتخابي الذي اعتبر أنه أدى إلى الانقسام وتعطل عجلة سير الدولة.

هذا المشروع أصبح بعد 25 يوليو (تموز) الماضي، حقيقة يؤيدها البعض لأنها تحقق تمثيلية برلمانية تشبه الشعب، وبين رافضين له باعتباره يبعد منظومة الأحزاب التقليدية.

وألغى الأمر الرئاسي رقم 117 الذي اتخذه سعيد في 22 سبتمبر (أيلول) الحالي دستور العام 2014، وتم تعويضه بتنظيم مؤقت للسلطة، ونص الباب الرابع من هذا الأمر الرئاسي على أن "تهدف مشاريع هذه التعديلات إلى التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي، يكون فيه الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات، ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء، ويقوم على أساس الفصل بين السلطة والتوازن الفعلي ويكرس دولة القانون، ويضمن الحقوق والحريات، وتحقيق أهداف انتفاضة 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010 في الشغل والحرية والكرامة، ويعرضها رئيس الجمهورية على الاستفتاء للمصادقة عليها".

مشاريع ديكتاتورية

ويعتقد الرئيس التونسي بحسب مشروعه الانتخابي الذي قدمه قبل تبوئه سدة الحكم أن البرلمان لا يعكس التمثيلية الانتخابية الواقعية لخيارات الشعب، ويرى أنها تعكس فقط أوزان الأحزاب في كامل جهات البلاد.

ويفضل سعيد أن تكون طريقة الاقتراع في الانتخابات التشريعية حسب حملته التفسيرية بالتصويت على الأفراد بدوائر بدل القوائم الحزبية أو المستقلة.

ويرى مهتمون بالشأن العام أن رؤيته هي رؤية مجالسية تتعارض مع المركزية الديمقراطية، وتؤسس لمجالس في المحافظات والمعتمديات أين يتم اقتراح مشاريع وبرامج بمصعد اجتماعي لا مركزي، ينطلق من القاعدة نحو القمة، مع التخلي عن منظومة الأحزاب التي يعتبرها قيس سعيد مشاريع ديكتاتورية مؤجلة، وما يثبت ذلك رفضه تأسيس حزب خاص به، وحتى الأطراف الحزبية التي تتبنى أفكاره لا يعتبر أنها تمثله، معتبراً أن الأحزاب ستندثر بعد عقد أو عقدين من الزمن.

ويقوم فكر سعيد على عدم الاعتماد على الأحزاب والحكومة المركزية لتقديم الحلول والمقترحات، بل إن الشباب والعمال والفئات الاجتماعية الدنيا هي المطالبة بالاقتراح وتقديم المشاريع فيما يشبه الديمقراطية الشعبية. وهو مشروع يمكن القول إنه جديد على تونس.

البناء وليس الهدم

وفي هذا الصدد يعتقد ممثل عن إحدى منظمات المجتمع المدني، سيف الدين العبيدي، أن "الإشكال في القانون الانتخابي السابق لا يمكن الكتل في مجلس النواب من تشكيل حكوماتهم بطريقة سهلة من أجل محاسبتهم إن فشلوا"، قائلاً "هذه مسألة عشناها بصفة جلية منذ انتخابات 2019، إما في تشكيل حكومة الحبيب الجملي أو الحكومات التي تلتها".

ويواصل "البرلمان بالنظام الانتخابي هذا أصبح مجموعة من الجزر يصعب على الحزب الرابح فيه تطبيق مشروعه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "نحن منظمة تقوم على البناء، لا نعمل بطريقة الهدم الكلي كأنه لا يوجد أي شيء إيجابي يمكن البناء عليه، وبالتالي نحن مع تعديل القانون الانتخابي الحالي ولسنا مع إلغائه تماماً كما يريد قيس سعيد"، وتابع "سبق أن قدمنا مقترحات جادة في هذا الموضوع، لكن عدم الاستقرار السياسي كان وراء فشل البرلمان في تعديل القانون الانتخابي".

وبخصوص الأمر الرئاسي رقم 117 المتعلق بتغيير المنظومة الانتخابية، يؤكد العبيدي مخاوفهم من قرارات قيس سعيد التي تتمثل "في جمع كل الصلاحيات والنفوذ بيد شخص واحد"، أيضاً "بسبب الغموض المحاط بكل هذه العملية"، ويتساءل العبيدي "نحن لا نعرف كيف سيتغير القانون؟ وبأي طريقة؟ وكيف سيتم عرضه؟ وهل ستُستشار الأجسام الوسيطة التي تلعب دوراً أساسياً في الحياة السياسية على غرار الأحزاب والمنظمات الوطنية؟".

ويواصل "للأسف ما لاحظناه قبل 25 يوليو أن رئيس الجمهورية لا يؤمن بالأجسام الوسيطة، وبالتالي مخاوفنا تتمثل في التفرد بالرأي وعدم إشراك الأحزاب والمنظمات الوطنية في مثل هذا الموضوع المهم".

تجربة فريدة

ويذكر أن التدابير الاستثنائية لاقت معارضة من بعض الأحزاب كانت في زمن قريب مساندة له، وفي بيان لها قالت هذه الأحزاب التي تكونت في جبهة سياسية جديدة "إن سعيد فقد شرعيته بإلغائه الدستور وتفرده بالرأي".

من جهة أخرى، يقول العضو السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات زكي رحموني، إن "مشروع قيس سعيد الانتخابي يمكن اعتباره تجربة فريدة في العالم"، واصفاً المشروع بالبناء باعتبار أنه يمثل الفئات الدنيا التي تعرف مشاكلها وهي التي يمكنها تغيير واقعها من خلال تعيين من يمثلها وعزله إذا فشل في مهمته، أي بطريقة الاقتراع على الأفراد وليس على القوائم.

ويعتقد الرحموني أن "هذا المشروع الأقرب إلى الواقع وهو الأفضل لتحقيق عدالة حقيقية وديمقراطية شعبية، يكون للشعب فيها كلمته الفصل من خلال ممثليه"، ولهذا يؤكد الرحموني أنه مع الاقتراع على الأفراد لأنه أنجع في تحقيق ما تصبو إليه كل المحافظات، عكس الاقتراع على القوائم الذي أثبت فشله، وبالتالي يرى أن مشروع قيس سعيد لتغيير النظام الانتخابي يمكن أن يلاقي استحسان التونسيين.

من جانبه، قال المنسق العام لائتلاف "صمود"، وعضو "جبهة الاستفتاء" حسام الحامي، إن "جبهة الاستفتاء التي تم الإعلان عن تكوينها في يونيو (حزيران) الماضي، كانت قد طالبت بتغيير النظامين السياسي والانتخابي وعرضهما على الاستفتاء"، موضحاً أن "الجبهة تعتقد أن الإصلاح أصبح اليوم ممكناً بعد قرارات رئيس الجمهورية في 25 يوليو الماضي، خصوصاً بعد أن عبر سعيد عن نيته تعديل الدستور وعرضه على الاستفتاء".

وفي السياق ذاته، يرى الحامي أن "تعديل المنظومة الانتخابية يجب أن يكون ضمن مشروع متكامل للإصلاح، عنوانه الأكبر تغيير النظام السياسي"، لكن الحامي يدعو إلى "أن يتم هذا التعديل بصفة تشاركية، لا بطريقة أحادية يتفرد فيها طرف واحد بالرأي".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات