Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل طلبت الخرطوم تسلم رئيس استخبارات البشير من القاهرة؟

مصادر مصرية تشير إلى أن استقبال قوش جاء بتنسيق بين البلدين

أعلن المكتب الوطني للإنتربول في السودان تفعيل النشرة الحمراء لتعقب مطلوبين رئيسيين من قادة النظام السابق (اندبندنت عربية - حسن حامد)

يدور هذه الأيام في الشارع السوداني لغط كبير حول مدى صحة معلومات تحدثت عن مطالبة حكومة الخرطوم السلطات المصرية بتسليمها رئيس جهاز الأمن  والاستخبارات السودانية السابق صلاح قوش، الذي يواجه، بحسب بيان صادر عن النيابة العامة السودانية، تهماً جنائية عدة تتفاوت بين القتل والتعذيب والثراء الحرام والمال المشبوه وغسل الأموال خلال فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، بخاصة أن المكتب الوطني للإنتربول في السودان أعلن، مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، تفعيل النشرة الحمراء بطلب من الشرطة الجنائية الدولية لتعقب مطلوبين رئيسيين من قادة النظام السابق الذين هربوا إلى خارج البلاد عقب إطاحته في أبريل (نيسان) 2019، من بينهم قوش.
لكن، هل بالفعل طلبت الحكومة السودانية رسمياً من نظيرتها المصرية تسليمها قوش؟ وهل تستجيب القاهرة لطلب الخرطوم أم سترفض؟ وما تأثير وجود قوش في العلاقات بين البلدين؟

سابقة مشابهة

وقال عضو اللجنة السياسية في تجمّع المحامين الديمقراطيين السودانيين، محمود الشيخ، "لدينا في السودان سابقة مشابهة مع مصر، حيث سبق أن طالبت الحكومة السودانية نظيرتها المصرية عقب سقوط نظام الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري إثر ثورة شعبية في 6 أبريل 1985، بتسليمها إياه لمحاكمته داخل البلاد، لكن للأسف لم تستجب السلطات المصرية لطلب السودان آنذاك، بالتالي إذا قارنا هذه الحالة بحالة قوش، فإن استجابة القاهرة صعبة، على الرغم من أنها تعلم تماماً بما قام به قوش من انتهاكات في مجال حقوق الإنسان خلال فترة توليه رئاسة جهاز الاستخبارات العامة في السودان، وأنه مطلوب للعدالة، وستتم محاكمته في بيئة عدلية تتوافر فيها النزاهة والحرية والشفافية، وتطبيق القانون كاملاً غير منقوص".
وتابع محمود الشيخ، "للأسف، على الرغم من سجل قوش الملطخ بدماء الأبرياء، استضافته الحكومة المصرية على أراضيها، وحمته، فهو بحسب معلوماتي يسكن في القاهرة قرب مقر السفارة الإسرائيلية، ما يدل على أن مكانته تعادل مكانة السفير الإسرائيلي، لذلك أعتقد أن مصر ستكرر سيناريو النميري ذاته، على الرغم من اختلاف المطالبتين. فمطالبة نميري كانت محلية صادرة عن الحكومة السودانية الانتقالية برئاسة المشير عبد الرحمن سوار الذهب، بينما أصبح قوش ضمن النشرة الدولية الحمراء، ما يلزم أي عضو في المحكمة الدولية بتسليمه كمطلوب هارب من العدالة".


ورطة وتقاطعات

واعتبر الشيخ أن "هذه المعطيات تضع مصر في ورطة الآن، وكلنا يعلم أنه خلال فترة نظام البشير كان هناك تعاون بين الاستخبارات السودانية والمصرية في إطار العمل الإقليمي المشترك بينهما، كما توجد حالياً تقاطعات بين الحكومة المصرية والمكون العسكري في مجلس السيادة السوداني، فضلاً عن أن المكوّن العسكري في البلاد يرى أن لقوش اليد الطولى في عزل البشير من الحكم، وأنه استجاب لمطالب الشعب السوداني باستقالته من المكون العسكري لحظة تسلمه الحكم في أبريل 2019، لذلك، فإن الاثنين (المكون العسكري، وقوش) سمن على عسل، بل إن المكون العسكري راضٍ عن حماية مصر لقوش، بالتالي فإن هذه القضية أصبحت أكثر تعقيداً في ظل هذه المعادلات". وزاد، "لكن السؤال الآن هو: ما العقبات التي قد تواجه مصر إذا لم تلتزم بالنشرة الدولية القاضية بتسليم قوش للعدالة؟"، معتبراً أنه "يجب على المجتمع الدولي الضغط على مصر لتسليم قوش. وفي اعتقادي إذا حدث تفاهم بين المكونَين العسكريَين في البلدين يمكن أن تسلمه مصر بعد استخلاص المعلومات التي تخدم مصالحها".
وأشار عضو اللجنة السياسية في تجمع المحامين الديمقراطيين السودانيين، إلى أنه "غير متأكد مما إذا كانت الحكومة السودانية طلبت من مصر تسليمها قوش أم لا، لكن إذا كانت غير جادة في المطالبة بتسليمه فهذه مصيبة"، لافتاً إلى أن "المشكلة هي أن المؤسسات العدلية في البلاد شبه مختطفة، وما جرى من إصلاحات تُعد طفيفة جداً، لا تسمن ولا تغني من جوع، فضلاً عن عدم تشكيل محكمة دستورية حتى الآن، لكن ما نلاحظه أن الشعب السوداني لا يستشعر الرغبة ولا القدرة من قبل حكومة بلاده تجاه هذه القضية، باعتبار أن قوش يواجه تهماً جنائية عدة".

معلومات متضاربة

في المقابل، أشار النائب العام السوداني الأسبق، عمر عبد العاطي، إلى أن "المعلومات التي تناولتها وسائل الإعلام السودانية خلال هذه الأيام بما يختص بمطالبة الحكومة الانتقالية السلطات المصرية بتسليم قوش، كانت متضاربة، لكن الأرجح أن زيارة النائب العام السوداني إلى القاهرة، أخيراً، كانت بروتوكولية، ولم يتطرق فيها إلى هذه القضية"، مبيناً أنه "بشكل عام، القانون واضح، لا يسمح بتسليم السياسيين إلى بلدانهم، وهذه قاعدة متعارف عليها، بخاصة إذا كان لاجئاً سياسياً".
ونوّه عبد العاطي بأنه عندما كان نائباً عاماً عقب إطاحة نظام جعفر نميري تقدم بمذكرة لنظيره المصري طالبت بتسليم الأخير لمحاكمته بتهم جنائية، لكن السلطات المصرية لم تستجب لطلبنا من منطلق أنه لم يسبق لها في تاريخها أن سلمت رئيساً أو سياسياً مطلوباً لبلاده، لافتاً إلى أن "حالة قوش يُفترض أن تجعل القاهرة تستجيب بتسليمه إلى السلطات السودانية من منطلق أنه صدر بحقه قرار دولي يستوجب من الإنتربول التدخل. كما يجب أن يستخدم السودان الضغط السياسي والشعبي حتى تستجيب مصر لرغبة الشارع السوداني، بخاصة أن قوش يواجه تهماً جنائية من بينها إصدار الأوامر بقتل وتعذيب المتظاهرين ضد نظام البشير خلال ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018".

زيارة بروتوكولية

يأتي هذا اللغط بسبب زيارة قام بها النائب العام السوداني إلى القاهرة اليومين الماضيين، ما جعل بعض وسائل الإعلام السودانية تتكهن بأنها بحثت إمكانية تسليم قوش للسودان، لكن مصادر مصرية أشارت لصحيفة "السوداني" الصادرة في الخرطوم، الثلاثاء 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، إلى أن "زيارة النائب العام كانت بروتوكولية، ولم تطلب فيها الخرطوم تسليم قوش أساساً، حيث تضمن برنامج الزيارة التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التعاون بين النيابتَين المصرية والسودانية اعترافاً بأهمية الاستمرار في تقويته لمكافحة الجريمة وتعزيز سائر أوجه التعاون في الأمور ذات المصلحة المتبادلة بما يتفق والتشريعات والاتفاقيات والمعاهدات النافذة في البلدين، بخاصة في مجالات مكافحة جرائم الإرهاب والجرائم المنظَمة، الوطنية والإلكترونية والاقتصادية، وجرائم الفساد والاتجار غير المشروع بالبشر، وفي العقاقير والمخدرات، والممتلكات الثقافية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


استبعاد مصري
واستبعد نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية السفير صلاح حليمة للصحيفة ذاتها، تسليم القاهرة صلاح قوش أو أياً من المطلوبين السودانيين، قائلاً، "في تقديري، المسألة تتوقف على طبيعة العلاقات الراهنة بين مصر والسودان، فإذا طلبت الخرطوم الآن بتسليم المطلوبين سيكون هناك تصرف مصري، إما بإبلاغ المطلوبين بمغادرة البلاد أو بتسليم أنفسهم".
وكان السفير المصري في الخرطوم، حسام عيسى، قال في مقابلة مع صحيفة "حكايات" السودانية الصادرة في 25 أغسطس (آب) 2020، إن "وجود صلاح قوش في القاهرة جاء بتنسيق بين قيادات السودان ومصر"، مشيراً إلى أن "هناك اتفاقية بين الدولتين تنظم دخول مواطنيهما، إلا إذا طلبت دولة من أخرى عدم دخول شخص بعينه، أو في حالة وجود حكم صادر عن محكمة ضده". وأضاف عيسى، "لن نسمح بأن يكون هناك أي نشاط على أرض مصر ضد السودان أو أي مخطط للنيل منه، ومن أهداف ثورته".

حظر أميركي

وكان وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو قد أعلن في 15 أغسطس 2019، أن واشنطن قررت حرمان الرئيس السابق لجهاز الأمن والاستخبارات السوداني صلاح قوش من دخول أراضيها بسبب ارتكابه انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى امتلاكها معلومات تتمتع بالمصداقية مفادها أن قوش متورط في أعمال تعذيب خلال رئاسته لجهاز الأمن والاستخبارات السوداني.

خلية إرهابية

ويلاحَق مدير الأمن والاستخبارات السوداني السابق بتهمة أخرى تتعلق بضلوعه المباشر في توفير الدعم المالي واللوجستي لخلية إرهابية كانت تستهدف تقويض النظام الدستوري في البلاد، تم توقيفها قبل تنفيذ العملية في مايو (أيار) 2019، وتتهمه السلطات السودانية بالوقوف وراء تمرد "هيئة العمليات"، وهي الجناح المسلح لجهاز أمن النظام السابق، الذي روّع المواطنين في الخرطوم في يناير (كانون الثاني) 2020، ما اضطر قوات الجيش والدعم السريع لمواجهة تلك العناصر بالأسلحة الثقيلة والخفيفة داخل المدينة للسيطرة على التمرد.
وبعد سقوط نظام البشير، صُنّف قوش كأخطر الشخصيات في الحكومة، ووُضع تحت الإقامة الجبرية في منزله بالخرطوم، إلا أنه تمكن من الهرب، قبل أن تكشف تقارير صحافية عن وجوده في مصر. ووافق الإنتربول في فبراير (شباط) 2020، على طلب السلطات السودانية استرداد قوش بعد إبلاغه من قبل النيابة العامة السودانية برصد تحركاته في إحدى دول الجوار التي يقيم فيها بصورة شبه دائمة.

المزيد من العالم العربي