في أعقاب انتهاء جولة "المحادثات الاستكشافية" الثانية لعودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة، رجح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إمكانية استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين هذا العالم، حال تم حل القضايا العالقة.
وشدد مدبولي في مقابلة، أجرتها معه وكالة "بلومبيرغ"، ونشرت اليوم الجمعة، إن القضية الرئيسة لمصر تظل في تورط تركيا بليبيا، موضحاً "لا ينبغي لأي دولة أخرى أن تتدخل في ليبيا، أو تحاول التأثير في صنع القرار هناك، ونود أن نترك الليبيين يقررون مستقبلهم".
وأنهت مصر وتركيا جولة المباحثات الثانية بينهما على مستوى نائبي وزير الخارجية، الأربعاء الماضي، وعلى مدار يومين، وأكد البيان الختامي، رغبة البلدين في اتخاذ مزيد من الخطوات الإضافية لإحراز تقدم في القضايا التي تمت مناقشتها إلى جانب عودة العلاقات الثنائية.
"تحركات كثيرة حدثت"
وفق رئيس الورزاء المصري، في معرض تعليقه على الحوار بين القاهرة وأنقرة، فإن هناك "الكثير من التحركات التي حدثت خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن لا تزال هناك أيضاً بعض القضايا العالقة".
وذكر مدبولي، أن الأزمة الليبية تعد أحد أهم القضايا الرئيسة في العلاقات مع تركيا، موضحا أن بلاده تعمل على مساعدة الليبيين على الوصول إلى هدفهم المتمثل في تحديد مستقبلهم، وتطالب بعدم التدخل في الشؤون الليبية، مشيراً إلى أن الجارة الغربية لبلاده "تشهد حرباً بالوكالة بين خصوم إقليميين، بعد نحو عقد من الصراع"، وهو ما لا ينبغي حدوثه.
وتمثل قضية وجود "مرتزقة وقوات أجنبية" في ليبيا أحد الملفات الحساسة بالنسبة للقاهرة في التعامل مع الأزمة الليبية، إذ ترى في وجودهم عائقا أمام انجاز المسار السياسي وتحقيق تقدم على صعيد توحيد المؤسسات الليبية ونزع سلاح الميليشيات المسلحة، فيما تعتبر أنقرة وجودها العسكري في البلاد "شرعيا" استنادا لاتفاقات عسكرية وقعتها مع حكومة الوفاق السابقة في طرابلس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت مصادر دبلوماسية أخبرت "اندبندنت عربية" أن "أجواء بناءة أبدتها العاصمتان خلال الأسابيع الأخيرة تعزز فرص الوصول لتوافقات خلال جولة المباحثات الراهنة والبناء على نتائحها نحو إمكانية المضي في إعادة العلاقات بين البلدين"، مضيفة أن "هناك رغبة لدى الطرفين في كسر حدة التوتر. وحلحلة الملفات الرئيسة العالقة بين الجانبين، فضلا عن وقف التصريحات العدائية المتبادلة".
وذكر وزير الخارجية المصري سامح شكري، في مقابلة مع "بلومبيرغ"، إن بلاده "حريصة على إيجاد حل وصيغة لإعادة العلاقات الطبيعية مع أنقرة"، موضحا في أعقاب جولة المباحثات "الاستكشافية" الثانية أن "هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به، وأنه عندما تشعر مصر بالرضا عن حل القضايا العالقة، فإن الباب سيفتح أمام مزيد من التقدم".
وجاءت تصريحات شكري، في أعقاب تصريحات مماثلة لنظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، تحدث فيها عن إمكانية عودة السفراء بين القاهرة وأنقرة، موضحاً، وفق ما نقلت عنه قناة "تي أر تي" التركية أن "المفاوضات مستمرة عبر وفود من البلدين تجري زيارات متبادلة، ومن الممكن الاتفاق على عودة السفراء، كما يمكننا التفاوض حول مناطق الصلاحية البحرية بما يحقق مكاسب حقيقية للقاهرة"، وتابع "إن التعاون التجاري بين البلدين في تزايد مستمر".
ماذا بعد جولة المحادثات الثانية؟
والأربعاء الماضي، أعلنت وزارة الخارجية التركية، اختتام الجولة الثانية من المحادثات السياسية مع مصر التي جرت في أنقرة على مدى يومي 7 و8 سبتمبر (أيلول)، وأوضح الجانبان في بيان مشترك أنه "بالإضافة إلى القضايا الثنائية، نوقشت أيضاً بعض القضايا الإقليمية، بما في ذلك التطورات في ليبيا وسوريا والعراق وفلسطين وشرق المتوسط"، وتابعا أن البلدان "أكدا رغبتيهما في اتخاذ مزيد من الخطوات لإحراز تقدم في القضايا التي تمت مناقشتها إلى جانب تطبيع العلاقات".
وجاءت الجولة الثانية بعد تلك التي استضافتها القاهرة قبل أربعة أشهر، في مايو (أيار) الماضي، برئاسة نائبي وزيرا خارجية البلدين، التي كانت الأولى من نوعها عقب خلافات دامت أكثر من 8 سنوات.
وعقب اختتام المباحثات آنذاك، قالت مصر وتركيا في بيان مشترك، إن المناقشات كانت "صريحة ومعمقة"، وأن الجانبين سيقومان بتقييم نتيجة هذه الجولة من المشاورات والاتفاق على الخطوات المقبلة.
وفي أعقاب الجولة الثانية من المباحثات، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن بلاده "حريصة على إيجاد حل وصيغة لإعادة العلاقات الطبيعية مع تركيا"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الحاجة تدعو إلى بذل مزيد من الجهد لعودة العلاقات بين البلدين.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن "مسيرة إعادة العلاقات مع مصر مستمرة، ووضعنا لأجل ذلك خريطة طريق، وإن توصلنا إلى اتفاق سنقدم على الخطوات اللازمة لتعيين السفراء في كلا البلدين"، وتابع جاويش أوغلو، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، "حواري مع وزير الخارجية المصري سامح شكري كان مستمراً حتى عندما كانت العلاقات بين البلدين تمر بفترة جمود، والآن بدأت عملية عودة العلاقات، وإذا تم الاتفاق على خريطة طريق مستقبلية، فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة".
ومنذ العام 2013، توترت العلاقات بين البلدين، بشأن العديد من القضايا الإقليمية، كان على رأسها استضافة أنقرة لعناصر جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها مصر "إرهابية"، وأنشطتهم الإعلامية، فضلا عن الصراع في ليبيا والسياسات التركية في منطقة شرق المتوسط.