Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتهت حرب أفغانستان وبدأ بايدن للتو المعركة حول إرثه

الانسحاب "الفوضوي" لأميركا سيتردد صداه لسنوات فهل هناك وقت للتصحيح؟

مع نهاية أغسطس (آب) من عام 2021، رحل آخر جندي أميركي من أفغانستان بعد حرب استمرت عقدين من الزمان، وعاصرها أربعة رؤساء أميركيين. لكن يبدو أن تلك الحرب التي بدأها الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في عام 2001، أخفقت في القضاء على حركة "طالبان" المتطرفة، فبعد 20 عاماً عادت إلى الحكم وسط مشاهد غير مسبوقة من الفوضى والمعاناة الإنسانية لملايين الأفغان.

فمشاهد مطار العاصمة كابول الذي اكتظ بالحشود الراغبة في الفرار من حكم "طالبان"، والمشاهد الأقسى بسقوط مدنيين من طائرات مقلعة ثم تفجيرات إرهابية أودت بحياة عشرات المدنيين و13 جندياً أميركياً خلال عمليات الإجلاء، الخميس الماضي، ستبقى جميعها في الذاكرة وستلقي بآثارها على المستقبل الذي يترقبه العالم ليس لأفغانستان فحسب، بل أيضاً لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يواجه انتقادات واسعة محلية ودولية للكيفية التي أدار بها عملية الانسحاب، التي أسفرت عن استيلاء "طالبان" على الحكم بسهولة.

صدى لسنوات

وتقول شبكة "سي أن أن"، الأميركية، إن "الانسحاب الفوضوي والمهين لأميركا وهزيمتها في أفغانستان سيتردد صداه لسنوات. فعلى الرغم من البطولة التي ظهرت في جهود الإجلاء الهائلة، تركت القوات الأميركية خلفها ما بين 100 و250 أميركياً، وعشرات آلاف الأفغان الذين يحق لهم الحماية وأمة بأكملها، لمصيرهم في ظل حكم جماعة متطرفة جنباً إلى جنب مع فصيل أكثر تطرفاً من داعش. فبالنسبة لهم "الحرب الأبدية" لم تنته".

وتضيف الشبكة التلفزيونية أن "فوضى الانسحاب الأميركي ناقضت كل ما وعد به بايدن بشأن خروج مستقر ومشرف للولايات المتحدة، ولطخت هالة الكفاءة التي باعها للبلاد في الانتخابات الأخيرة، وأثارت تساؤلات حول قيادته وصراحته وقدرته على معالجة أزمات الأمة المتعددة".

وتسبب تفجير مطار كابول الذي راح ضحيته 13 جندياً أميركياً كانوا يستعدون للعودة إلى بلادهم، في نكسة كبيرة على الصعيد المحلي لبايدن. ففي 8 يوليو (تموز) الماضي، وعد الرئيس الديمقراطي من الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض، بأن الانسحاب سوف "يسير بطريقة آمنة ومنظمة". وأشار إلى أنه بسبب الطريقة التي ستدير بها إدارته الانسحاب "لا أحد، سواء من القوات الأميركية أو غيرها سيُفقد"، وبالتالي فإن التفجير الانتحاري، الخميس الماضي، جعل الرئيس محاصَراً في زاوية سياسية صعبة.

وتراجعت شعبية الرئيس الأميركي إلى أقل درجاتها منذ انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فوفقاً لمؤشر "فايف ثرتي إيت"، الذي يقيس شعبية الرئيس بناء على تحليل مجموعة واسعة من استطلاعات الرأي، فإن شعبية بايدن بلغت 47.2 في المئة الأسبوع الماضي، وهى المرة الأولى التي تتراجع فيها شعبيته لأقل من 50 في المئة، إذ بلغت 53 في المئة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

فاصل زمني كاف

وبينما تشهد الولايات المتحدة انتخابات نصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، يأمل مؤيدو بايدن والحزب الديمقراطي، أن يلعب الفاصل الزمني دوراً. وتقول مجلة تايم، الأميركية، إن "الانسحاب يمكن أن يصبح وصمة عار لا تُمحى على إرث بايدن، ويظل القضية الأكثر إلحاحاً للناخبين في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، أو قد تتلاشى من أذهان الناخبين في الأشهر والسنوات المقبلة حيث يركزون أكثر على جائحة كورونا المستجد والقضايا الاقتصادية".

وقال المدير التنفيذي للمجلس الأطلنطي، في واشنطن، فريدريك تيمب، إنه "بينما يصعب العثور على جانب مضيء في ظلمة العاصفة الأفغانية، فإن هناك نافذة واحدة للرئيس بايدن، وهي أن هذه الأزمة حدثت في وقت مبكر بما فيه الكفاية في فترة رئاسته حتى يتمكن من اتخاذ إجراءات تصحيحية بناءً على الأخطاء التي ارتُكبت والدروس المستفادة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين يقول معظم منظمي استطلاعات الرأي، إنه من السابق لأوانه معرفة مقدار الأثر الذي قد تتركه الكارثة على إدارة بايدن، فمن الواضح أنه وصل إلى "أصعب لحظة في رئاسته حتى الآن". وتقول صحيفة الـ"غارديان" البريطانية، إنه "سواء كانت عالقة في أذهان الناخبين أم لا، فإن الظروف المحيطة بالانسحاب هي هدية للجمهوريين". وتضيف أنه على الرغم من أن السياسة الخارجية "نادراً ما تقرر الانتخابات الأميركية، فإن الانتقادات الموجهة للرئيس طوال فترة الانسحاب غذت رواية موجودة مسبقاً بأن الرجل البالغ من العمر 78 عاماً ليس لديه أمور جيدة يقدمها".

علامة قد لا يمكن محوها

تركت صدمة الأسبوعين الماضيين منذ سقوط كابول بيد عناصر "طالبان"، بالفعل علامة ربما لا يمكن محوها، على رئاسة بايدن وسمعة الولايات المتحدة بين حلفائها المحبَطين. أحدث مثال على ذلك تصريحات رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، في منتدى "بليد" الاستراتيجي في سلوفينيا، الأربعاء 1 سبتمبر (أيلول) الحالي، بشأن الاستقلال العسكري للاتحاد الأوروبي، إذ قال "من وجهة نظري لسنا بحاجة إلى حدث جيوسياسي آخر من هذا القبيل لندرك ضرورة أن يسعى الاتحاد الأوروبي إلى استقلالية أكبر في صنع القرار، وقدرة أكبر على العمل في العالم".
واعتمدت الدول الغربية التي تدافعت لإخراج مواطنيها من كابول بعد استيلاء "طالبان" على السلطة، على الجيش الأميركي في استمرار تشغيل المطار أثناء عمليات الإجلاء الجوي.

واعتبر رئيس المجلس الأطلنطي أن "بايدن بحاجة للتركيز على ثلاثة إجراءات، استعادة ثقة الحلفاء في القيادة الأميركية، وضع استراتيجية قوية لمكافحة الإرهاب على أساس الواقع المتغير في أفغانستان، وحشد الجهات الفاعلة الإقليمية لتشكيل وتقييد سلوك طالبان. وأقر بأن ذلك لن يكون سهلاً، لكنها خطوات ضرورية وعاجلة في الوقت الذي باتت فيه طموحات إدارة بايدن ومصداقية الولايات المتحدة على المحك.
ولم تكن تعليقات ميشيل بمنأى عن غيره من الحلفاء الأوروبيين. فهناك توترات بين لندن وواشنطن مشتعلة بالفعل بسبب الافتقار الواضح للتشاور مع الحلفاء من قبل إدارة بايدن بشأن خطة الخروج من أفغانستان. واعتبر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير قرار الرئيس الأميركي بالانسحاب بأنه كان مدفوعاً بشعار "غبي" حول إنهاء "حروب أميركا الأبدية".
وتصاعدت هذه التوترات، الإثنين الماضي، بعد نشر صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، ملاحظات مسربة عن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" تزعم أن القيادة الأميركية في أفغانستان اضطرت للإبقاء على بوابة "آبي" في مطار كابول مفتوحة لفترة أطول للسماح لبريطانيا بمواصلة إجلاء رعاياها، وهى البوابة التي أسهمت بعد ذلك في الهجوم الانتحاري الذي شنه تنظيم "داعش- ولاية خراسان".
ونفت بريطانيا بشكل صارم ذلك الادعاء، على لسان كبار مسؤوليها، إذ قال رئيس وزرائها بوريس جونسون، للصحافيين "ببساطة ليس من الصحيح القول إننا ضغطنا لإبقاء البوابة مفتوحة". ونقلت وسائل إعلام بريطانية عن وزير الخارجية دومينيك راب، الثلاثاء (31 أغسطس)، قوله إن "مسؤولي المملكة المتحدة لم يطلبوا من نظرائهم في الولايات المتحدة الإبقاء على بوابة مفتوحة في مطار كابول قبل التفجير الدموي المزدوج في المنطقة".

وكتب وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، في مجلة الـ"إيكونوميست"، أن مصدر القلق الأساسي هو كيف تحركت أميركا للانسحاب من أفغانستان "في قرار اتُخذ دون كثير من التحذير أو التشاور مع الحلفاء أو الأشخاص الذين شاركوا بشكل مباشر في 20 سنة من التضحية".

المزيد من متابعات