Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل كان باستطاعة ترمب أن يبلي بلاء أفضل في أفغانستان؟

يجري استخدام اخفاقات بايدن كسلاح ضده من قبل أنصار الرئيس السابق الذي هو في الحقيقة من وقع معاهدة السلام الكارثية مع طالبان

أرسى دونالد ترمب أساسيات الانسحاب من أفغانستان كلها، وقد وُصِفَتْ بأنها أسوأ صفقة في التاريخ (غيتي)

يولي أولئك الذين يكرهون بايدن، بصورة مفهومة تماماً، اهتماماً كبيراً للانسحاب الأميركي المتخبط من أفغانستان الذي شكّل إذلالاً لم يشهد العالم مثله منذ فيتنام. وكذلك يرمز بشكل مساوٍ إلى اضمحلال قوة أميركا، وهزيمة في حرب غير متكافئة، إضافة إلى أنه يعتبر الجوهر والمثال عن الإفراط في التوسع العالمي المفرط.

في وقت مناسب، استعادت القوة الأميركية هيبتها بنهاية المطاف، عقب الخروج من سايغون الذي حفل بمشاهد التدافع بين المتسابقين على مغادرتها. وقد تعيد [القوة الأميركية] الكرّة من جديد بعد سقوط كابول. ثمة سؤال أكثر إلحاحاً من ذلك عن مدى قدرة دونالد ترمب على النهوض بعمل أفضل، ذلك أن إخفاقات بايدن تُستخدم كسلاح ضده من قبل حركة "ماغا" [أو "اجعلوا أميركا عظيمة من جديد"].

من الصعب أن يرى المرء لماذا قد يأتي استسلام أميركا أكثر إنسانية أو أناقة، في ظل ترمب مما كانه على يدي بايدن؟

وفعلياً، لقد كان ترمب هو من وقّع معاهدة السلام الكارثية مع "طالبان" في فبراير (شباط) 2020، وقد كانت عملياً وسيلة للاستسلام. وكذلك من المُلفِتْ أنه حدّد فيها تاريخاً لاحقاً للانسحاب، بحيث يمكنه تقديم ذلك للناخبين قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) بوصفه سلاماً استطاع تحقيقه بشرف.

وبالنسبة إلى أولئك الذين يحبون الإصغاء إلى أصداء يرددها التاريخ، لم تكن المعاهدة الأخيرة مختلفة كثيراً عن اتفاقات السلام التي وقعت في باريس في 1973 و"أنهت" حرب فيتنام، وكذلك سمحت لفيتنام الجنوبية والرئيس ثيو بمواصلة الصراع بضعة أشهر بعد خروج القوات الأميركية (تلك مدة أطول مما فعله الرئيس غني).

وكان ترمب هو من حدّد تاريخ الانسحاب في 31 أغسطس (آب)، ضمن معاهدة دولية مثّلت خيانة لحكومة كابول ومصالح الولايات المتحدة ذاتها أيضاً. إذاً، شكّلت تلك المعاهدة هزيمة وكارثة صُمِّمَتْ في البيت الأبيض.

ووفق تعبير توني بلير، كانت معاهدة "بلهاء". ولم يزد ما فعله بايدن عن اتّباع المخطط المرسوم سلفاً. ربما توجب عليه أن يتراجع عن الاتفاق [مع طالبان]، أو يحاول إعادة التفاوض بشأنه، أو حتى أن يتجاهلها. من دون شك، كان باستطاعته [بايدن] التخطيط للانسحاب بشكل أفضل مما حصل. في المقابل، لقد جرى تضمين الأساسيات كلها في نص الاتفاقية مِنْ قِبَلْ دونالد جي ترمب. وفي الواقع، كانت أسوأ صفقة في التاريخ.

واستطراداً، من الصعب تصديق أن ترمب سيكون لديه مزيد من الأفكار عن الوضع الذي يتعامل معه في أفغانستان، لو كان حالياً في السلطة. يبدو أنه يعتقد أن "داعش– ك" [تنظيم "داعش خرسان"] هي "داعش– إكس". والأمر الأكثر مدعاة للقلق بالنسبة إلى زعيم العالم الحر، أنه يظن كذلك أن عناصر "داعش" هم أيضاً "أعضاء في طالبان"، إذ يُعتَبَرُ ذلك التوصيف بعيداً من الواقع إلى أقصى درجة ممكنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب ترمب، فإنه قد هزم بمفرده خلافة "داعش"، وسيكون ذلك خبراً جديداً بالنسبة إلى الروس والسوريين لم يسمعوا به قبل. لو أنه فعلاً قد سحق "داعش" فلماذا عاود ذلك التنظيم الظهور من جديد في أفغانستان؟ لا يمكن لترمب أن يحتمل مواجهة حقيقة أنه امتلك أربع سنوات كي يحقق سلاماً مشرفاً في تلك المنطقة، بيد أنه فشل في ذلك وترك قنبلة لبايدن موقوته كي ينزع صاعقها.

ويبدو أن ترمب يظن أن المعدات التي خلفها وراءه، أهم من أرواح الأفغان. وقد ذكر الرئيس السابق (الذي خسر انتخابات نوفمبر) ذلك لشبكة "فوكس نيوز" قبل أيام، مشيراً إلى أن "[طالبان] مقاتلون جيدون. بيد أنهم ربما باتوا الآن أفضل بكثير لأن لديهم أفضل المعدات في العالم، وبكميات كبيرة ربما لا يعرفون ما يفعلون بها. سيبيعونها في السوق. إلا أننا نحن أعطينا هذه الأشياء لهؤلاء الناس، و"داعش– إكس"، وبحسب ما تعرف، لقد أطحت أنا بخلافة "داعش" مئة في المئة".

وأضاف، "قضيت عليها في سوريا وفي العراق. لقد أطحنا بها. ولذا، بات لديهم الآن "داعش" جديدة تُدعى "داعش- إكس"، وهؤلاء أعضاء في "طالبان"، وأشد شراً لأنهم لا يحبون الطريقة التي تتصرف بها "طالبان" لأنها ليست شريرة بما فيه الكفاية".

بكل صراحة، لم يُعرف عن ترمب أنه يتمتع بغرائز إنسانية، وليس هناك سبب معقول يحمل المرء على الاعتقاد بأن ذلك الرجل، الذي أراد يوماً أن يفرض "حظراً كاملاً وشاملاً" على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، سيكون في الواقع متعاطفاً جداً مع الحشود اليائسة خارج مطار كابول.

وبالفعل، ربما كان سيرسل مزيداً من القوات لإنقاذ عربات "هامفي" والمروحيات، ولعله كان سيأمر قواته ببناء جدار لإبقاء الأفغان خارج المطار.

وبالنتيجة، جاءت الهزيمة والخروج الفوضوي من أفغانستان أشبه بالقدر المحتوم قبل وقت طويل من وصول بايدن إلى السلطة. ويتعيّن على دونالد ترمب، إلى جانب جورج دبليو بوش وباراك أوباما، أن يتحلموا نصيبهم من اللوم والمسؤولية.

© The Independent

المزيد من آراء