جرت العادة أن يحارب النجوم بكل قوتهم كي لا تظهر قصة حياتهم الحقيقية في عمل فني، وإذا حدث ووافق ورثة الفنان على قيام آخر بتجسيد شخصيته في فيلم أو مسلسل تكون هناك كثير من المناوشات ولا يحدث التوافق إلا قليلاً، لذا كان يلجأ المشاهير إلى كتابة مذاكراتهم التي تشوبها المجاملات حيناً، وفي بعض الأوقات تكون مقتضبة ولا تضيء على كل الجوانب حتى لو وصفت بأنها صريحة وصدامية، لكن عدداً قليلاً للغاية من مشاهير الفن في العالم هم من بادروا بتجسيد قصة حياتهم في أعمال قاموا هم ببطولتها والإشراف عليها، في محاولة لغلق الباب أمام اجتهادات آخرين، ولحسم الأمور في ما يتعلق بالمعلومات المتداولة حول حياتهم التي قد لا تكون دقيقة من وجهة نظرهم.
"إيمينيم" المراهق الحزين
اللافت أنهم حرصوا على أن يكون تناولهم للأحداث التي مرت في حياتهم قبل الشهرة أو حتى أثنائها واقعياً، بل ومأساوياً في بعض الأوقات، ولم يخجلوا من سرد ما جرى معهم مهما كان في نظر البعض مسيئاً أو مشيناً، فلم يهتموا أبداً بتجميل سيرتهم التي كانت صادمة بشكل غير متوقع بالنسبة إلى الجمهور، فبمنتهى الجرأة قدم المغنى الأميركي ذو الأصل الاسكتلندي "إيمينيم" جانباً من قصة حياته في فيلم "8 Mileـ8 أميال"، حيث سرد كيف كانت مسيرته في منتصف التسعينيات وهو يسعى إلى أن يجد موطئ قدم في عالم الـ "هيب هوب" وأغنيات الراب الذي كان يسيطر عليه المطربون من ذوي البشرة السمراء، إذ كان يتعرض للعنصرية منهم، لم يكن إيمينيم حينها يمتلك قوت يومه، وكان يعيش مع شقيقته الصغرى ووالدته المدمنة على الكحول التي تتصرف بشكل غير مسؤول في مقطورة، فيما الأم لديها حبيب يعنفها وهي بدورها تلقي باللوم على ابنها الشاب ولا تعترف بموهبته، إذ كانت الأسرة تعاني الأمرّين، وجسد إيمينيم الحاصل على جوائز أوسكار وغرامي و "إم تي" في العمل شخصيته الحقيقية مع تغيير اسم البطل.
أسرة "شيا لابوف" المفككة
وعلى الخطى نفسها سار الممثل شيا لابوف الذي كتب نصاً سينمائياً يتناول سنوات عدة من طفولته وصباه حينما كان يعيش مع والده المنفصل عن والدته، وحمل الفيلم عنوان "Honey Boy" (فتى مدلل)، فيما كان الصغير بعد كل البعد عن فكرة الدلال، حيث يتولى هو الإنفاق على الأب المدمن والمصنف كمرتكب جرائم جنسية، إذ يعمل الطفل بالمسلسلات التلفزيونية ولكن والده المضطرب والغاضب دوماً كان ينغص عليه حياته، بسبب عنفه وتصرفاته غير المفهومة وقسوته، وتنشأ بينهما المشادات التي تصل للعراك والسب، فيما يعيشيان معاً في غرفة ضيقة بأثاث رث، وكان شيا لابوف قد كتب قصة الفيلم الذي عرض عام 2019 في أثناء برنامج تأهيلي خضع له بسبب قيادته سيارته وهو ثمل، ويقوم في الفيلم بدور الأب مع تغيير أسماء الشخصيات كذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
للأمل مكان أيضاً
فكرة تجسيد المعاناة مهما كانت تفاصيلها أمر يستهوي مشاهير العالم بكل لافت، بينهم الممثلة الإنجليزية "آن جيليان" المولودة في 29 يناير (كانون الثاني) 1950، التي قامت ببطولة فيلم تلفزيوني عام 1988 حول رحلة تشخيصها وتعافيها من مرض السرطان وحمل العمل عنوان "The Ann Jillian Story"، وحصل على جوائز عدة، إذ أصيبت الممثلة الشهيرة بالمرض وهي شابة في منتصف الثلاثينيات، ووثقت رحلة الأمل والشفاء من خلال فيلم مميز.
وبعيداً من المأساة كانت هناك لقطات حياتية مبهجة قرر أصحابها النجوم توثيقها بدقة من خلال السينما وأبرزها فيلم "The Big Sick" الذي عرض عام 2017 وحقق نجاحاً جماهيراً، وتدور أحداثه حول قصة حب وارتباط بطل الفيلم الباكستاني كميل نانجياني بزوجته الكاتبة الأميركية إيميلي في جوردان، وفي حين قام هو نفسه بتقديم دوره اكتفت إيميلي بمشاركته في الكتابة فقط، فيما قدمت شخصيتها بالفيلم الممثلة زوي كازان التي تشبهها في الملامح إلى حد كبير، وعرض الفيلم لبدايات كيميل في عالم الفن وتعرفه إلى زوجته كما تناول قضية اختلاف الثقافات والصدامات التي تحدث في حياة عائلة البطل المسلمة التي هاجرت من باكستان إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث تدور الأحداث في إطار كوميدي رومانسي.
وقريباً يبدأ المخرج الحائز على أوسكار ستيفن سبيلبرغ تصوير فيلم يحكي عن فترة مراهقته، وقد اختار له الأبطال بالفعل، وانتهى من كتابة النص السينمائي، إذ يرغب في توثيق هذه المرحلة من حياته في عمل فني يشرف عليه بنفسه. و اختار المخرج الأميركي الممثل الشاب غابرييل لابيل لأداء دوره وهو صبي.