Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤتمر بغداد... آمال عريضة في الوقت الضائع

ليس بالتمنيات وحدها تتخطى الشعوب أزماتها

وصف مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بقمة التمنيات حيناً وتجمع الأضداد أحياناً، وبين هذه وتلك تقف آمال شعوب المنطقة التي ملت الحروب وانتبهت إلى حجم الخسائر الفادحة التي تتكبدها جراء الفرقة والاختلاف. 

وعلى الرغم من مشاركة الأضداد التسعة، فإن رسالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لافتة، بل داعمة ومساندة لمؤتمر بغداد، حيث أكد إمكانية أن يكون العراق جسراً وعاملاً للسلام في الشرق الأوسط. فهو قادر، من وجهة نظر المسؤول الدولي، على أن يؤدي هذه المهمة بجدارة. إذ يمثل، كما قال، جسراً للتقارب بين السنة والشيعة والعرب والأكراد، ويمكنه أن يؤدي دوراً في الخلافات بين البلدان الخليجية.

مؤتمر وسط العاصفة 

هذه القمة اللافتة جمعت دولاً تعاني من مشكلات وتوترات وتأثيرات مشتركة ومتناقضة في بغداد، التي تشهد تساقط الصواريخ والقذائف على رؤوس أبنائها، هدايا من الإرهاب الذي حال دون وهجها وأطفأ مصابيحها التي توقدت في حقب أخرى أيام زهوها. سلسلة من الحروب الماراثونية التي أنهكتها وجعلتها تستغيث بقدوم المخلصين إليها، حتى ولو بالشراكة الاقتصادية أو في القدوم لمنحها بصيص أمل لتحيا من جديد، وتعيد بعضاً من توهجها. 

وبعد أن تمكنت من استضافة قادة دول المنطقة، تفتح بغداد أبواباً للحوار وتلاقي المصالح وتغليبها على الخلافات، من أجل ثلاثة أهداف أولها الشروع بخطوات المصالحة التي من شأنها إيقاف حدة الغلو وتحجيم دور المنظمات الإرهابية والميليشيات المسلحة خارج مشجب الدولة، حيث أكد المشاركون وفي مقدمهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم بلاده للعراق، آملاً أن تؤدي تلك الشراكات إلى عالم ينعم بالسلام بلا إرهاب. 

الدبلوماسية النشطة التي يقوم بها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي تهدف إلى تكثيف العمل المشترك والمحادثات بين الخصوم، لا سيما مع إيران الدولة المغالية في مواقفها وتمددها في العراق ودول الخليج، مع غياب واضح لسوريا الشريك الحدودي الشمالي الغربي والأقرب للعراق تاريخاً وجغرافية، لكن الخطوة المقبلة تؤشر إلى مشاركتها، كما يُرجح كثيرون.

الاقتصاد والشراكة

الهدف الآخر لهذا المؤتمر يتمثل في تفعيل الاقتصاد وتوسيع حجم ونوع الشراكات الاقتصادية بين دول الإقليم وفرنسا الدولة الراعية والمؤثرة، من دون حضور أميركي، على الرغم من أن واشنطن هي أول من رعت ما يسمى بالعراق الجديد عام 2003، وأسهمت بجيشها في إسقاط النظام السابق وتسليم السلطة فيه لقوى معارضة له، لكن انسحابها بدا جدياً ولافتاً أيضاً. 

"الشراكة" العنوان الآخر والكبير الذي ورد حول توفير الطاقة الكهربائية وتوليد الطاقة النظيفة ومد شبكة خطوط تزود العراق ودولاً أخرى بحاجتها من الكهرباء. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العراقيين إلى ضرورة نقل التجربة المصرية وخبراتها، إذ بإمكانها أن تكون فاعلة في العراق.

وهذه الشراكة تحدث عنها وزيرا خارجية إيران وتركيا، وكيف أنهما يعملان على تنفيذ مشاريع رائدة في العراق بمليارات الدولارات. وقد قال الوزير الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بأن التبادل التجاري بين بلاده والعراق وصل إلى 300 مليار دولار، ثم عاد وأصلح الرقم بأنه 13 مليار، وهو رقم غير دقيق قطعاً. 

أما الدول الخليجية فقدمت تصورات عن علاقتها بالعراق وتمنياتها أن يقف على قدميه، مؤكدة دعمها لمشروع نهوضه واستعادته دوره كبوابة شرقية للعالم العربي كما كان سابقاً. وهي غير خجولة من إعلان ذلك، فلطالما أدركت بلدان مجلس التعاون الخليجي أهمية نهوض العراق ووقوفه ليكون دريئة العرب كما كان قبل 2003، وتأتي مشاركتها بهذه القوة لتؤكد بأن العراق جزء لا ينفصل عن محيطه العربي، تاريخاً وحضارة وآمالاً اجتماعية، مهما سعت دول الجوار الأخرى غير العربية إلى شده إليها.

أصوات شعبية 

أصوات شعبية من خارج جدران المؤتمر، سمعها القادة المجتمعون وإن كانت بعيدة، تستغيث من وضع العراق المتردي اقتصادياً وأمنياً والفشل الذي تسجله حكوماته المتعاقبة التي سلبته ما لا يعوض، وهو سمة دولة تحترم سيادتها وجوازها، وتحول دون عبث القوى غير الشرعية التي تطلق النار على الناس في الشوارع حين يمارسون حقهم في الاحتجاج. 

تدرك ملايين الأغلبية الصامتة بأن العالم من حولها لن ينقذها من دون أن تنقذ نفسها بنفسها، أي بأن يعاد بناء الدولة واقتصادها حين يُدرك مغزى اختيار نواب الشعب ووزرائه، كما دعاهم الرئيس السيسي حين وجه كلمة مباشرة للعراقيين بذلك.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات