Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف جدية في تونس من الخطر الآتي من جهة الحدود مع ليبيا

يُعدّ عدم خضوع قاعدة الوطية لسيطرة الحكومة الليبية تهديداً للأمن التونسي

سعيد ملتقياً الدبيبة في طرابلس في 17 مارس الماضي (أ ف ب)

منذ أكثر من عشر سنوات، تُعتبر الحدود الجنوبية لتونس مع الجارة ليبيا، بمثابة قنبلة موقوتة تهدد الأمن التونسي بسبب الوضع غير المستقر في ليبيا، وسيطرة الميليشيات المتشددة على مناطق قريبة من الحدود المشتركة بين البلدين. واليوم، وبعد التغيرات السياسية الحاصلة في تونس، بدءاً بإبعاد الرئيس التونسي قيس سعيد حركة "النهضة" الإسلامية عن الحكم، أصبح الخطر مضاعفاً بوجود قاعدة الوطية العسكرية الليبية القريبة من الحدود التونسية، التي تسيطر عليها القوات التركية.
وأصبحت هذه التهديدات أكثر جدية بعد التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، إذ قال إن تونس "مهددة من تنظيمات إرهابية داخلية وأخرى في المنطقة، بخاصة في ليبيا"، مضيفاً أن "الجزائر تتقاسم مع تونس المعلومات الاستخباراتية"، وأن بلاده "مجندة مع تونس حتى تتجاوز هذه المرحلة". وأكد لعمامرة أن "الجزائر لن تقبل بفرض إملاءات خارجية على الدولة التونسية".

تهديدات إرهابية

وكان وفد ليبي تترأسه وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، زار تونس أخيراً، لبحث إمكانية فتح الحدود التي أغلقتها تونس بسبب الوضع الصحي في ليبيا، لكن البعض يقول إن السبب الحقيقي هو وجود تهديدات أمنية. إلا أن الجهات الرسمية الليبية أكدت بعد انتشار أخبار عن دخول عناصر إرهابية من ليبيا إلى التراب التونسي، أن "لا وجود لأي تهديد إرهابي من ليبيا نحو تونس".
في المقابل، قال وزير الشؤون الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، الخميس 26 أغسطس (آب) الحالي، إنه "تمّ خلال اجتماع تونسي - ليبي رفيع مناقشة ملفات متعلقة بالمجالين الأمني والصحي"، نافياً "وجود أطراف إرهابية في ليبيا تحاول التسلل إلى تونس".
وشدد الجرندي على اليقظة العسكرية والأمنية من الجانبين التونسي والليبي في تأمين حدود البلدين.
في السياق، صرح مدير تحرير "بوابة أفريقيا الإخبارية" محمد بالطيب، أنه "على الرغم من التطمينات الليبية الرسمية بعدم وجود أي خطر فعلي يتهدد الحدود التونسية من قاعدة الوطية الخاضعة للسيطرة التركية، فإن موقع القاعدة ووجودها خارج الإشراف المباشر للحكومة الليبية يمثل خطراً واضحاً وتهديداً أمنياً لتونس"، مضيفاً أن "الجميع يعلم بأن القاعدة هي تحت الإشراف التركي الكامل".

الحشد التركي

وواصل بالطيب "في السنوات الأولى التي أعقبت الانتفاضة في البلدين ومع انهيار الدولة في ليبيا وسيطرة الجماعات المسلحة والمتطرفة على المراكز والقواعد العسكرية، كانت الوطية تمثّل قاعدة تجميع وتدريب رئيسة للشباب التونسي الباحث عن الالتحاق ببؤر التوتر بخاصة الساحة السورية آنذاك. وكانت القاعدة تمثّل نقطة رئيسة في شبكة التسفير الإرهابي"، موضحاً أن "القاعدة التي تقع على مقربة من الحدود التونسية، وتحديداً في مجال جغرافي يُسمّى الجفارة، وهو السهل الواسع الذي تقسمه الحدود التونسية - الليبية، تمثل أهمية استراتيجية عسكرية عالية ليس في ليبيا فقط بل في شمال أفريقيا وجنوب المتوسط. لذلك كان الحشد التركي الإعلامي والعسكري من أجل السيطرة عليها في سياق الحرب الليبية الأخيرة بين (الجيش الوطني) الذي يقوده المشير خليفة حفتر وقوات (حكومة الوفاق) في طرابلس التي كان يرأسها فائز السراج. وكان واضحاً أن جزءاً من الأهداف التركية في تلك الحرب هو السيطرة على تلك القاعدة بالذات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعبر بالطيب عن اعتقاده بأن "خطر الحضور التركي في قاعدة الوطية يتزايد مع وجود آلاف المرتزقة السوريين الذين تستعملهم أنقرة في بسط نفوذها على الساحة الليبية"، مفسراً أن "آلاف المقاتلين المنتمين إلى جماعات متطرفة يتكدسون في القاعدة ويمثلون خطراً فعلياً. ومن بين هؤلاء المقاتلين تتحدث التقارير الإعلامية عن وجود مئات العناصر الإرهابية التونسية".

كما يرى بالطيب أن "الإجراءات الأخيرة التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد، أقصت أحد أهم حلفاء تركيا في المنطقة، أي حركة النهضة. والموقف التركي من هذه الإجراءات كان الأكثر حدة من بين كل البيانات الدولية الصادرة. فبالتالي فإن لدى تركيا الإمكانية القائمة للضغط عبر وجود تلك القاعدة لمحاولة فرض تدخلها في الشأن التونسي".

واستنتج بالطيب "إذن فالقاعدة تقع في قلب معادلة كاملة سياسية وجيواستراتيجية، إذ يمكن أن تشكل أداة توظفها تركيا لفرض أجنداتها التي تتقاطع بشكل كامل مع مواقف شق ليبي رسمي يمثله رئيس مجلس الدولة خالد المشري والمفتي المعزول الصادق الغرياني، وعدد من الجماعات المسلحة، التي عبرت عن الرفض الصريح لقرارات سعيّد وما نتج عنها من تحجيم للدور السياسي لحلفائهم الإسلاميين".

خطر أمني

من جانبه، حذر الباحث السياسي، الصغير الحيدري، المسؤولين التونسيين من التعامل مع الحكومة الليبية الحالية، موضحاً أن الحكومة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة "هي نسخة طبق الأصل من حكومة السراج. هي رهينة لدى الميليشيات ولم تنجح حتى الآن في توحيد المؤسسات، بخاصة العسكرية منها، بما يسمح بتقدم العملية السياسية وكذلك طمأنة دول الجوار بخاصة تونس التي تعيش وضعاً استثنائياً. وما يزيد الوضع خطورة هو وجود قاعدة الوطية". واعتبر الحيدري "أيام حكومة الدبيبة معدودة بخاصة بعد تلويح البرلمان الليبي بسحب الثقة منها، ولذا نرفض القبول بأي إملاءات سواء تعلق الأمر بالحدود والإجراءات المتخذة فيها أو غيرها".

المزيد من العالم العربي