Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طالبان تعلمت على الأرجح من درس سقوطها الأول

سماح صانعي القرار في واشنطن بوصول الحركة يشير إلى أن واشنطن باتت مهتمة بأمنها الداخلي في المرحلة الحالية

عناصر من "طالبان" بعد السيطرة على القصر الرئاسي في كابول (أ ب)

لا تبدو الهواجس مما جرى في أفغانستان، بعد سيطرة حركة "طالبان" على الحكم في البلاد، مقتصرة على إمكانية تكرار السيناريو في بلدان أخرى في المنطقة، بل إن المخاوف باتت تتزايد من احتمالية أن توفر "طالبان" مرة أخرى ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية، ومنطلقاً للهجمات وإثارة التوترات في بلدان عدة في الشرق الأوسط

انكفاء أميركا على أمنها الداخلي

 على الرغم من التعهدات التي قطعتها حركة "طالبان" للحكومة الأميركية بعدم السماح بأن تكون أراضيها منطلقاً لأي هجمات إرهابية، إلا أن الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، بلال وهاب، يرى أن "سماح صانعي القرار في واشنطن بوصول طالبان إلى السلطة على الرغم من المخاوف الإقليمية والعالمية من احتمالية عودة سيناريو الإرهاب، يعطي انطباعاً بأن الولايات المتحدة باتت مهتمة بشكل خاص بأمنها الداخلي في المرحلة الحالية".

ويضيف وهاب أن الانكفاء الأميركي على الأمن الداخلي "هو الذي يعزز المخاوف من احتمالية عدم التدخل فيما لو انطلقت من أفغانستان عمليات ضد دول المنطقة".

ويقارن وهاب بين ما جرى بعد الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011، وما يجري الآن في أفغانستان، ليشير إلى أن "وعود طالبان ربما تكون مثل وعود رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بعد انسحاب القوات الأميركية، التي عاد وتجاوزها محفزاً انقسامات طائفية وقومية، فضلاً عن توفير دعم للميليشيات الموالية لإيران، وصولاً إلى احتلال تنظيم داعش لأراض عراقية واسعة". 

ويتابع وهاب، "في الحالتين اعتمدت واشنطن على تعهدات لا يمكن التأكد من حصولها على الأرض"، مبيناً أن تلك التجربة "هي التي تعزز حالة القلق من احتمالية انقلاب طالبان على الاتفاقات".

ويبدو أن ما يثير المخاوف بشكل أكبر، بحسب وهاب، هو "تقبل واشنطن التعامل مع طالبان والرضى بها كسلطة حاكمة، الأمر الذي سيعطي انطباعاً للجماعات المسلحة في المنطقة أن بإمكانها إدارة انقلابات على غرار ما جرى في أفغانستان".

ويختم أن "من حق الدول التي اعتادت على الدعم العسكري الأميركي أن تقلق من التوجهات الأخيرة للإدارة الأميركية بعد وصول طالبان إلى السلطة، الذي أعطى انطباعاً بأن الحرب على الإرهاب في المنطقة من قبل الولايات المتحدة ربما تتوقف".

الإرهاب 

ويرجح مدير منطقة الشرق الأوسط في مؤسسة "غالوب" الدولية، منقذ داغر، عودة نشاط الجماعات الإرهابية في أفغانستان وإدارتها عمليات خارج حدودها. 

ويبدو أن افغانستان ستمثل "ملاذاً آمناً للإرهاب مرة أخرى ولو كان بشكل غير مقصود"، كما يعبّر داغر، الذي يشير إلى أن "طالبان حركة جهادية إسلامية ورأس مالها واستثمارها السياسي مرتبط بالسلاح". 

ويضيف أن "تجريد طالبان من الاستثمار الجهادي الذي تعتمد عليه سيفقدها قدرتها على الاستمرار، وهو الأمر الذي لا تريد خسارته"، مبيناً أن "كل الحركات الجهادية في العالم تجيد القتال ولا تجيد الحكم، لأنها تستند في حكمها إلى الرأي الواحد". 

ويلفت إلى أن أحد أبرز الأسباب التي تدفع الحركة لاستمرار العمل المسلح يرتبط بـ"اعتماد مصادرها المالية على الأفيون وتجارة المخدرات"، مشيراً إلى أن كل تلك العوامل تجعل منها "مصدراً دائماً للقلق بالنسبة إلى محيطها الإقليمي وبقية دول المنطقة". 

ويشير إلى أن "طالبان تنتظر لحظة التمكين التي تجعلها تتجاوز كل الاتفاقات مع واشنطن". 

تنظيم براغماتي

 يرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية عمار علي حسن، أن "طالبان لن تشكل ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية، على غرار ما جرى في فترة حكمها الأولى، لأنها تعرف أن هذا سبب إسقاطها".

ويوضح أن "الظروف المحيطة بالتجربة الأفغانية مختلفة هذه المرة، وربما تعلمت طالبان الدرس جيداً". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير إلى أن أحد المتغيرات الرئيسة التي طرأت على الحركة يتعلق بكونها "لم تعد في قوتها السابقة، فضلاً عن تضاؤل أعداد أفرادها وتأثيرهم في العالم".

ويقول حسن إن "طالبان قد تتستر على بعض العناصر، شريطة عدم قيامهم بأنشطة خارج حدود أفغانستان، أو التسبب بإشكالات أمنية لدول المنطقة أو العالم". 

وعلى الرغم من أن الحركة "لن تغير أفكارها وأيديولوجيتها"، كما يعبّر حسن، إلا أنه يرجح أن تصبح "أكثر مرونة، خصوصاً أن الجيل الجديد من قادة طالبان أكثر خبرة، وبات يدرك أن التسويات السياسية بإمكانها أن تحقق له مكاسب أكثر من الحرب".

ويعتقد حسن أن الإشكالية ربما تتعلق بـ"إمكانية أن يلهم ما جرى في أفغانستان عديداً من الحركات المتطرفة التي تتخذ من الإسلام أيديولوجية لها في العالم". 

هدوء مؤقت

 يشير الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، بشير عبد الفتاح، إلى أن حاجة "طالبان" إلى "التصالح مع الداخل والخارج من أجل الاعتراف الدولي والحصول على دعم المانحين الدوليين لتجاوز الأزمة الاقتصادية الخانقة، ربما يمثل عائقاً كبيراً أمام إمكانية توفيرها دعماً للجماعات الإرهابية". 

وعلى الرغم من استبعاد الباحث لجوء "طالبان" إلى إعادة إنتاج تنظيمات إرهابية، يلفت إلى أن "الإشكالية ترتبط بمدى تمكن تلك التنظيمات من إيجاد موطئ قدم لها على غير رغبة طالبان". 

ويتابع أن قدرات الحركة اللوجستية في السيطرة على مجمل الأراضي الأفغانية تعد أمراً ليس هيناً، الأمر الذي قد يمكّن عديداً من التنظيمات الإرهابية من التسلل بدعم أطراف خارجية لإفساد مشاريع التصالح مع الخارج. 

ويشير إلى أن "التجارب تؤكد أن الخطاب وحده ليس كافياً لإثبات أن طالبان باتت مختلفة عما سبق، خصوصاً مع استمرار المضايقات التي تمارسها الحركة على بعض الفئات وتبني نظام الشريعة الإسلامية". 

ويعتقد عبد الفتاح أن "الفترة المقبلة ستفصح عما إذا كانت الحركة تمارس نوعاً من التقية السياسية للحصول على الاعتراف الدولي، أم أن تغيراً حقيقياً قد طرأ عليها، ومن السابق لأوانه الحكم على التجربة". 

وعلى الرغم من الحديث عن أن إعلان "الإمارة الإسلامية" قد يمثل حدثاً ملهماً لبعض حركات الإسلام السياسي، تحديداً في الشرق الأوسط، يشير عبد الفتاح إلى أن هذا الأمر "ليس كافياً، خصوصاً بعد الإخفاقات التي منيت بها جماعات الإخوان المسلمين في مصر وتونس، والتجارب المريرة في السنوات الخمس الماضية للإسلام السياسي".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير