Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التلاعب بالجثامين في إحدى المشارح يدفع أطباء سودانيين إلى الاستقالة

يرجح أنهم من ضحايا مجزرة فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة في 2019

وضِعت أكثر من 200 جثة داخل حاوية في فناء مستشفى التميز على الرغم من تعطلها وعلم المسؤولين بأن سعتها التخزينية لا تتعدى الـ30 جثماناً (اندبندنت عربية - حسن حامد)

دخلت أزمة الجثامين المكدسة في مشارح العاصمة السودانية الخرطوم، منعطفاً جديداً، باستقالة عدد من كبار اختصاصيي الطب الشرعي في السودان، احتجاجاً على ما سموه "محاولات قامت بها جهات عدلية وصحية (حكومية) لطمس الحقائق والأدلة المتصلة بمئات الجثامين لأفراد مجهولي الهوية" يرجح أنهم من ضحايا مجزرة فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة التي وقعت في 3 يونيو (حزيران) 2019، فضلاً عن وجود تجاوزات خطيرة وتلاعب في أرقام جثامين، ودفن جثث من دون استكمال عملية التعرف على هوية أصحابها.
 


الالتزام بالمهنة 

إلا أن نقيب أطباء السودان، أحمد عبدالله الشيخ، رفض في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، نهج الاستقالات التي تقدم بها عدد من أخصائيي الطب الشرعي مهما كانت الأسباب، معتبراً أن "الانسحابات في الحقل الطبي عملية غير مقبولة وغير صحيحة، ولا داعي لها في الوقت الحاضر، فمن المفترض أن يؤدي الطبيب عمله حسب ما نص عليه القانون". 

ولفت الشيخ إلى أن "الاتهامات التي صاغها الأطباء الشرعيون المستقيلون لا علاقة لهم بها، وليست ضمن مجال تخصصهم، فهي قضايا قانونية تخص الجهات العدلية، لأن الطبيب الشرعي تنتهي مهمته بتشريح الجثمان وكتابة التقرير الطبي الذي يوضح سبب الوفاة، ومن ثم تتولى النيابة العامة إجراءات وعمليات الدفن بموجب تصريح على غرار التقرير الطبي". وتابع، "يجب على الطبيب الشرعي معرفة القانون واختصاصاته المهنية، حتى لا يخلط بين مهامه وواجبات الجهات العدلية، لكن معروف أنه إذا شكك أهل المتوفى في عملية التشريح أو في ما صدر من تقارير أو أي إجراء آخر، يحق لهم إعادة التشريح، حتى لو تم دفن الجثمان"، مشيراً إلى أنه "ليس من صميم عمل الكوادر الطبية الحديث حول الجثامين الموجودة في المشارح بأنها لأشخاص قتلوا في عملية فض الاعتصام، فليس لهم دخل في ذلك لأنهم ليسوا الجهة المعنية بتحديد هوية المتوفين، بقدر ما يقتصر دورهم على تشخيص سبب الوفاة". 

وبيّن نقيب الأطباء أن "المشارح المتوافرة حالياً في مستشفيات الخرطوم تم وضعها حسب إمكانات الدولة، لكن من المهم أن تكون خدمات الكهرباء متوفرة حتى لا يحدث تعفن وتحلل للجثث".
 


جرائم تستر 

في المقابل، أوضح المحامي السوداني الصادق علي حسن، أن "استقالات كبار أخصائيي الطب الشرعي وانسحابهم عن العمل في لجان التشريح، يؤكد التزامهم بالجانب الأخلاقي والمهني، وما يمليه ضميرهم والرسالة التي يحملونها في هذا الخصوص"، منوهاً بأنه "واضح من الحيثيات أن هناك تلاعباً وتزويراً وأيادي تدخلت عبثاً لتغيير واستبدال أرقام الجثامين، ما أدى بالفعل إلى طمس الحقائق وإتلاف البينة". وأضاف، "يعتقد أن وراء هذا العمل جهات مرتبطة بالنظام السابق، وأشخاصاً شاركوا في عملية فض الاعتصام، حيث لديهم تواصل وتنسيق مع الجهات ذات الصلة بالمشارح، ما جعلهم يطمسون الحقائق ويغيرون الوقائع"، داعياً "الحكومة الانتقالية التي تمثل ثورة ديسمبر (كانون الأول) إلى الاضطلاع بمسؤولياتها، والتي من أهمها ملاحقة جرائم التستر الجنائي ممثلة في هذه الجريمة التي تستوجب أقصى العقوبات". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تلاعب وتشكيك 

وكان خمسة من كبار أخصائيي الطب الشرعي في السودان قد قدموا استقالاتهم من العمل في لجان التشريح المشكلة بواسطة النيابة العامة، احتجاجاً على ما قالوا إنها "عمليات تلاعب" في أرقام جثامين في إحدى مشارح العاصمة الخرطوم، ودفن جثث من دون عملية التعرف على أصحابها. 

وجاء في خطاب استقالاتهم، إنهم اكتشفوا عملية استبدال أرقام الجثامين بطرق مختلفة في مشرحة التميز التي تتبع للمستشفى الأكاديمي الذي يقع في أحد أحياء الخرطوم، مما يعني إمكانية استبدال هذه الجثامين مع مفقودين ليتم دفنهم خارج إطار القانون، الأمر الذي خلق حالة من عدم ثقة لدى الأطباء الشرعيين، إضافة إلى التشكيك في نوايا من قام بهذا العمل. 

كما أشار خطاب الاستقالة إلى قيام لجنة مكلفة من النيابة العامة دفن 23 جثماناً في 11 يوليو (تموز) الماضي، من دون استكمال عملية التعرف، على الرغم من توصية تقارير شرعية بعدم دفن هذه الجثامين. كما لفت الخطاب ذاته، إلى أنه "تم تجاهل حقوق الموتى بوضع حاوية تستخدم كثلاجة موتى في فناء مشرحة مستشفى التميز دون غطاء من أشعة الشمس أو من أعين المارة في الطريق، إضافة إلى وضع أكثر من 200 جثة داخلها على الرغم من تعطلها وعلم المسؤولين بأن سعتها التخزينية لا تتعدى الـ30 جثماناً، ما أدى إلى تفسخ وتحلل وتعفن كل تلك الجثامين، في أكبر كارثة عدلية ومهنية وبيئية وأخلاقية في تاريخ السودان، وكانت النتيجة طمس تفاصيل تلك الجثامين". 

وأرجع الأطباء استقالاتهم عن العمل في لجان التشريح إلى خشيتهم من عدم القدرة على أداء عملهم بنزاهة.

المزيد من العالم العربي