Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فنان سوداني يرسم بالقهوة لوحات مستوحاة من ثقافة بلاده

يعتمد على مفردات من البيئة التقليدية ويأمل في عرض أعماله بمعارض عالمية

رسوم بالقهوة تجسد ملامح التراث السوداني (الصورة تخضع لحقوق الملكية  الفكرية - الصفحة الرسمية للفنان صالح عبده على فيسبوك)

تجربة فنية متميزة يقدمها التشكيلي السوداني صالح عبده، إذ يرتكز مشروعه الفني بشكل رئيس على الثقافة الشعبية والتراثية لبلاده، معتمداً على مفردات بصرية من الحياة اليومية للبسطاء، فتبدو اللوحات كلقطات سينمائية تجسد جزءاً من مشهد متكامل تدور أحداثه في شوارع وأسواق وقرى السودان.

إلى جانب لوحاته التي يرسمها بخامات مختلفة، مثل ألوان الزيت والألوان المائية، قدّم صالح عبده تجربة مغايرة وغير مألوفة، وهي الرسم بالقهوة، التي استطاع تطويعها لنقل أفكاره، فبعد أن يفرغ من قهوته يسقي أوراقه لون القهوة بتدريجات متنوعة لتتحول إلى أشخاص ذوي بشرة سمراء يرتدون الجلابية، والثوب السوداني الشهير، ويشكلون جزءاً من حكاية تدفع المتلقي لأن يتخيل بدايتها ونهايتها تدور أحداثها في شوارع السودان بكل ما تحمله من مفردات بصرية يسعى لأن تعكسها لوحاته.

وعن تجربته الفنية ورؤيته لمدى قدرة الفن المستوحى من بيئة معينة على الوصول للجمهور في العالم كله، يقول عبده لـ"اندبندنت عربية"، "تأثرت منذ فترة الدراسة بالحياة السودانية في القرية والأجواء الشعبية والتراثية، وظهر هذا في كثير من أعمالي إلى أن أصبح لي أسلوب خاص مستوحى منها. فالفن يجب أن يكون له رسالة وهدف، ومشروعي الفني يهدف في المقام الأول إلى تقديم المجتمع السوداني والثقافة الشعبية والتراثية بشكل فني جميل لأهل البلاد ولغيرهم على السواء".

يضيف، "أبرز الموضوعات والمفردات في لوحاتي هي الريف والقرى والأسواق والشوارع والجلابية والثوب السوداني وأشكال الحياة اليومية لبسطاء الناس. وأرسم هذه اللوحات أو المشاهد بطريقة تجذب انتباه المتلقي وتدفعه للتأمل والتفكير واستكمال اللوحة وقصتها في خياله، فالفن له عدة أوجه، ويمكن تفسيره بأكثر من طريقة، وبالفعل أرى أن الفن عالمي يمكن أن يستوعبه كل الناس بمختلف ثقافاتهم، فهو لغة عالمية ينقلها المبدع بطريقة تعبيرية مستوحاة من مكنوناته الداخلية العميقة التي تكون ترجمة لمشهد أو موقف معين بصورة فنية".

 

 

خامات مختلفة

عن أدواته التي استخدمها قبل الرسم بالقهوة وإلى أي مدرسة فنية ينتمي، يوضح عبده، "استخدمت كثيراً من المواد في الرسم كالألوان الزيتية والأكريليك والمائية، فكانت الأخيرة المفضلة بالنسبة لي. ولأن القهوة بها بعض خصائص الألوان المائية كونها سائلة فلم أجد صعوبة في استخدامها كخامة للرسم، وهذا النوع من الفن لقي تفاعلاً وقبولاً من الناس باعتباره جديداً وغير مألوف إلى جانب أنه يعبر عنهم ويعكس جوانب من حياتهم بالأساس".

يضيف، "يمكن أن يكون للفنان أكثر من أسلوب أو مدرسة فنية، فعلى سبيل المثال الفنان الإسباني بابلو بيكاسو كانت تعتمد أعماله على أسلوب المدرسة التكعيبية والسوريالية، وما بعد الانطباعية، وكذلك الفنان الهولندي فان جوخ، وغيرهما الكثير، اعتمدوا على أكثر من مدرسة فنية، ولكن دائماً تكون هنالك مدرسة أو أسلوب معين يتميز به عن المدارس الأخرى، ويكون الأقرب له والسائد في معظم أعماله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يذكر صالح كيف جاءته فكرة الرسم بالقهوة والهدف من ورائها ومراحلها حتى تصل اللوحة إلى شكلها النهائي، فيقول، "أثناء فترة دراستي الجامعية سمعت عن الرسم بالقهوة، واندهشت من الفكرة إلا أنها أعجبتني بشدة، وكنا بعد المحاضرات نذهب لنشرب القهوة أنا وزملائي، وحاولت الرسم بها في كل مرة بعد الانتهاء من شربها، ولأنني كنت أرسم بالألوان المائية فلم أجد صعوبة في التعامل معها، وهدفي من الرسم بالقهوة هو نشر هذا الفن في العالم العربي، فهو ليس فكرة جديدة، ولم أخترعه، فهناك فنانون في دول مختلفة من العالم يرسمون بالقهوة، ولكنه غير مألوف في العالم العربي".

يضيف، "مراحل الرسم بالقهوة لا تختلف كثيراً عن الرسم بالألوان المائية، ولكن تعتمد الأولى على اختيار نوع مناسب من الورق يكون ثقيلا نسبياً لكي يتحملها، واختيار نوع من البن الناعم والمطحون جيداً، لأن هذا سيعطي نتائج أفضل كثيراً ويترك فنجان القهوة دقيقة أو دقيقتين، ومن ثم نبدأ بالرسم باستخدام فرشاة الألوان المائية المعروفة، وتختلف القهوة عن غيرها من الألوان بالتحكم في درجات القهوة من الفاتح إلى الغامق للحصول على تدريجات متنوعة للون".

 

 

وضع الفن التشكيلي في السودان

عن طبيعة الفن التشكيلي في السودان حالياً وماذا يميزه أو ينقصه ليوجد على الساحة العالمية بصورة أكبر، يقول عبده، "الفن التشكيلي السوداني له تاريخ عريق وقديم، سواء في المنطقة العربية، أو عالمياً، ولديه رواد كثر، وتجربة بصرية كبيرة، إلا أنه أصابه بعض الركود في الفترة الحالية والأسباب عديدة ومتشعبة، ولكن على رأسها انغلاق الملامح الثقافية السودانية لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وانعزال الفنانين عن قضايا المجتمع، إضافة إلى القصور في تعليم الفن في المراحل الدراسية المختلفة والتأثر الكبير بالفن الغربي والبعيد عن الهوية المميزة للبلاد، وعدم وعي المتلقي بدور الفنان التشكيلي بالأساس".

يوضح، "تأثرت كثيراً في تجربتي الفنية بتشكيليين سودانيين على رأسهم الفنان عبدالله البشير جولي، والفنان الراحل عبدالباسط الخاتم. ومن ضمن مشروعاتي المستقبلية العمل على تنظيم معارض فنية في الخارج لتقديم الفن التشكيلي والثقافة الشعبية السودانية للعالم".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات