Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المباريات الأولمبية تعطي النساء فرصة نادرة في القوة

لا تتملك المرأة جسدها في حالات نادرة لكن الملهمات بألعاب طوكيو 2020 أعطين البرهان على ضرورة تحكمنا بأجسامنا

عودة الأميركية سيمون بايلز مع أداء مذهل في نهائي عارضة التوازن (يوتيوب)

خلال دورتَي الألعاب الأولمبية في أثينا 2004 وبكين 2008، تصادف أني كنتُ متغيّبة عن العمل بسبب أمراض مرتبطة بالحمل. وفي 2004، أجبرني خطر الإجهاض على البقاء ساكنة بلا حركة، طيلة أسبوعين. وفي 2008، حصلت معي مشكلة مغايرة تماماً، إذ أصبحت سمينة جداً وحَمَلْتُ بطفل ضخم الحجم ولم أستطع حتى رؤية قدميَّ، فما بالك بالتنقل عليهما لأي مسافة كانت.

وبما أن جسمي كان خارج الخدمة، جلستُ أمام مشاهد أجسام الآخرين بقوتها الخارقة ومرونتها وأخذت أصفق بحرارة وحماسة. ومنذ ذلك الوقت، صرتُ مهووسة بالألعاب الأولمبية.

نادراً ما يكون جسد المرأة ملكاً لها وحدها. فخلال فترة الشباب، يوجد ذلك الجسد كي يُعجب به آخرون ويحكمون عليه. وطيلة سنوات، يظل خاضعاً لحكم الآخرين عليه إما بالنجاح وإما الفشل، استناداً إلى قدرته على إيواء أشخاص آخرين. خلال مقابلة عمل، يبدو جسد المرأة الثلاثينية خطيراً بالنسبة إلى رب عملها المُحتمل.

في ذلك الصدد، حضرتُ نقاشاً تلو الآخر داخل البرلمان والأمم المتحدة وقاعات مؤتمرات حول العالم، عن أجساد النساء. ولقد اضطررتُ إلى الجلوس بصمت في قاعة مجلس العموم فيما أخذ رجال، لا شك في أنهم استغلوا أجساد النساء خدمةً لأهدافهم وتوقعاتهم الخاصة في الحياة، يناقشون ما الذي يُسمح لي أن أفعله بجسدي، وما الذي يُمنع عليَّ أن أفعله. وفي المرحلة المتقدمة من الحياة، تتجاهل الأبحاث الطبية جسم المرأة فيما تتحمله صاحبته بصمت. وفي أغلب الأوقات، يكون جسد المرأة لعبة، وأداة سياسية.

"يتمثّل الأمر الذي يميز مشاهدة أداء سيمون بايلز في أنني، خلافاً لما يحصل أثناء مشاهدة لاعبي جمباز آخرين، لا أشعر بالحاجة إلى إشاحة بصري عنها خوفاً من رؤيتها تؤذي نفسها. إذ تبدو متحكمة جداً بنفسها". جاءت تلك الكلمات ضمن تعليق أطلقه زوجي، فيما جلسنا مع ابنينا كي نشاهد أفضل لاعبة جمباز سوف يتسنى لنا أن نراها طيلة حياتنا، أثناء توجهها إلى عارضة التوازن. وباختصار، يشكل ذلك سبب سعادتي العارمة هذا العام بالنساء في ألعاب طوكيو الأولمبية.

إذ لا أشعر بالسعادة لمجرد رؤية حركات الدوران والرفع والشقلبة أو بسبب سرعة هؤلاء الرياضيات المذهلات، بل أيضاً بسبب مشاهدة النساء يدفعن أجسادهن ويمرنّها على العمل وفق أوامرهن، فيبدو ذلك كأنه قوة نادراً ما يُسمح لنا بها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكذلك أرى امرأة تتحكم بنفسها، ومسؤولة عن جسدها حتى في هذه الدورة التي شهدت انسحاب بايلز مؤقتاً، وحديثها علناً عن الآثار الجسدية والنفسية التي يخلفها عليها عملها، وقد تعرضت بايلز لانتقادات قاسية من رجال يعجزون على الأرجح عن الانحناء لربط شريط أحذيتهم. واستطراداً، أستنتج أنه بسبب خلفيتها وما تعرضت له من اعتداءات جنسية طيلة سنوات على يد طبيب فريقها السابق الذي أُدين حالياً، أنها لم تشعر دائماً، أسوة بكثير من النساء، بأنها متحكمة بجسدها ومسيرتها المهنية وقراراتها إلى درجة كافية. وبالتالي، فقد بدا عمل مقاومة بحتة مشاهدتها [بايلز] أثناء أداء توجّهه إلى نفسها، إذ تفعل ما ترغب بفعله، وتقفز وتقف على قدميها مبتسمة.

في سياق موازٍ، تضمن فيديو عن لورا كيني مدته ثلاث دقائق، عُرض قبل أن تخرج إلى مضمار الدراجات كي تضيف المزيد من الميداليات إلى مجموعتها، جولة في مسيرتها المهنية. وفي منتصف الفيديو، عُرِضَتْ صورة لها وهي حامل، تبعه شريط فيديو منزلي لابنها أثناء ركوبه دراجته الصغيرة. وفي تعليقها الصوتي على المشهد، ذكرت كيني أن كل شيء تغيّر عندما أصبحت أماً، ومع ذلك، فإنها ترتدي بدلة من قماش "ليكرا"، فتكون جاهزة كي تأمر جسدها بشأن كيفية تحرّكه. بكيتُ أمام هذه المرأة الأيقونة والخفّة التي ترتدي بدلتها بها. أشك في أن يستطيع كثير من الرجال لو كانوا في الموقع نفسه، المشاركة في منافسة بعد تغيير كهذا في أجسادهم، وأنا شبه متأكدة من أنهم لو فعلوا ذلك، لكنا أمطرناهم بالثناء والمديح يومياً بسبب التجربة التي خرجوا منها. أما بالنسبة إلى رياضيات على غرار كيني، فالأمر عادي.

فيما لفّت الربَّاعة إيميلي كامبل أظافرها الظريفة المقلمة حول القضيب الحديدي الذي حمل أثقالاً تدمي العين، ورفعته فوق ضفيرتيها المصبوغتين بألوان علم الوطن، ودوّى منها هدير امرأة تكسر قالباً جاهزاً. بدءاً من العمل مع أطفال لديهم حاجات تعليمية خاصة ووصولاً إلى تمويل نفسها كي تصل إلى هذه المنصة في طوكيو، تروي مسيرة هذه السيدة قصة حول ما يستطيع جسد المرأة وذهنها أن ينجزاه.

منذ انسحاب الرعاية التجارية والعلامات التجارية من العمل معها بسبب حجم جسمها، أخذتْ [كامبل] على عاتقها مسألة حث العلامات التجارية الرياضية على إنتاج ثياب قياسها أكبر من 16. سوف يؤثر جسد تلك المرأة وقوتها وصلابتها بشكل مباشر في حياة ونشاطات النساء المعرضات حالياً للإقصاء من عالم الرياضة. وتستخدم جسدها في تغيير الأمور.

لا شك في أن الألعاب الأولمبية في طوكيو 2020 جاءت غريبة وفاترة من بعض النواحي، لكن النساء في تلك الألعاب أدلينَ بتصريحات جريئة حول قوة أجسامهن، بما يتخطى الرياضيين الخارقين العاديين. وكذلك أظهَرْنَ للنساء في كل مكان أننا نحن [النساء] من يجب أن يتحكم بأجسادنا. إن نساء هذه الألعاب الأولمبية ينهضن بالباقيات فيما يتسلّقن درب التقدم.

* تشغل جيس فيليبس منصب وزيرة مكافحة العنف الأسري والحماية في حكومة الظل، إضافة لكونها نائبة حزب العمال عن منطقة "برمنغهام ياردلي". وقد ألّفَتْ كتاباً عنوانه "كل ما تحتاجون إلى معرفته حقاً عن السياسة: حياتي كنائبة في البرلمان".

© The Independent

المزيد من آراء