في بعض الأحيان تكون القصة صادمة لدرجة أنها لا يمكن إلا أن تكون حقيقية.
إذ ليس باستطاعة أحد اختلاق حكاية سخيفة مثل فرض غرامة مالية على فريق نسائي يتنافس في مسابقة رياضية تجرى عام 2021 بسبب اختيار عضواته ارتداء الشورت [سروال قصير] بدلاً من البكيني، مثلما فعلت لاعبات فريق الكرة الطائرة النرويجي، أخيراً. وقد تطوعت المغنية الأميركية بينك لدفع تلك الغرامة.
يعد تاريخ الرياضة أيضاً تاريخاً من التمييز على أساس الجنس. ولطالما كانت الألعاب الأولمبية جزءاً من هذا التقليد [الإرث] المشين.
من استبعاد النساء من أول دورة للألعاب الأولمبية الحديثة في عام 1896، وصولاً إلى تصريحات يوشيرو موري، الرئيس السابق للجنة المنظمة لألعاب طوكيو 2020، الذي استقال في فبراير (شباط) بعد ما قال إن النساء الثرثارات يملن إلى "الإطالة جداً" في الاجتماعات.
تحتفل إحدى الفعاليات الأكثر شهرة بذكراها التي تصادف يوم الخميس. ففي 29 يوليو (تموز) عام 1948، بدأت أولمبياد لندن، وهي الدورة الأولى التي تنظم في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من المعروف أن الحدث أقيم أثناء فترة كانت تشهد تقنين الطعام، وكان على المتنافسين إحضار المناشف الخاصة بهم، كما مُنحت ميدالية ذهبية للفن [لأعمال فنية مستوحاة من الرياضة].
لكنه اشتهر في الغالب بشيء واحد - تمكَن رياضية بارزة من التغلب ليس فقط على منافسيها ولكن على التمييز الجنسي المحض.
كانت فاني بلانكرز كوين من هولندا ربة منزل وأماً لطفلين، الأمر الذي أثار رعب البعض، ومن المدهش أنها كانت أيضاً حبلى في شهرها الثالث أثناء الألعاب الأولمبية.
عندما قررت بلانكرز كوين المنافسة، قال لها النقاد- الذين بذلوا عناء كتابة رسالة إليها- إن مكانها كان في المنزل مع أطفالها. وحين وصلت إلى لندن، قال مدير الفريق البريطاني إن السيدة البالغة من العمر 30 عاماً كانت في سن متقدمة لا تمكنها من التنافس.
ورغم كونها أفضل رياضية في الألعاب، فقد وصفت بلانكرز كوين في التقارير بأنها كانت تجري "كما لو أنها تطارد الأطفال في غرفة المؤونة". وأسبُغ عليها لقب "ربة البيت الطائرة". وكانت على وشك الانسحاب من الألعاب بسبب إحباطها الشديد من بعض الانتقادات.
لكنها بدلاً من ذلك، واجهت أولئك الذين شككوا في مشاركتها وفازت بأربع ميداليات ذهبية، في سباقات 100 متر، 200 متر، 80 متر حواجز و400 مئة متر تتابع.
كانت هناك تسعة أحداث فقط حملت بصمة نسائية في أولمبياد عام 1948، وفازت بلانكرز كوين بأربعة منها. عندما عادت إلى وطنها، منحتها مدينة أمستردام دراجة هوائية كي "لا تحتاج إلى الركض كثيراً". وفي عام 1999 كان من المقرر التصويت على اسمها كأفضل رياضية في القرن [العشرين].
وبعد مرور 73 عاماً على القصة الصادمة لـ بلانكرز كوين، يبدو من الملفت للنظر أن الرياضة ما زالت غارقة في نفس الجدل.
مع خالص التقدير.
ديفيد هاردينغ، محرر الشؤون الدولية
© The Independent