Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع جنوني لأسعار منتجات الدورة الشهرية في لبنان- على النساء الاختيار بين الطعام والنزيف الحر

تصل أسعار الفوط الصحية في بعض المناطق إلى 35 ألف ليرة لبنانية، أي ما يعادل 17 جنيها استرلينيا تقريباً على سعر الصرف الرسمي

أعضاء المنظمة غير الحكومية الدولية دايز فور غيرلز وشريكتها المحلية وينغ وومان ليبانون يجمعن قطع اللوازم الصحية التي يمكن إعادة استخدامها في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين (غيتي) 

خرق وقصاصات من صحف قديمة وأكياس بلاستيك وحفاظات مقصوصة أتت من التبرعات أو في أسوأ الحالات، لا شيء إطلاقاً. هذه بعض البدائل الفظيعة للمنتجات الصحية التي اضطرت النساء في لبنان إلى اللجوء إليها فيما حلقت أسعار الفوط الصحية

حين يتخيل الناس معاناة العائلات الغارقة في فقر مدقع، يفكر معظمهم في معركة الحصول على الطعام والمياه النظيفة والثياب أو حليب الأطفال، لكن قلة منهم يخطر لها أمر أساسي -ودوري- مثل الحاجة الشهرية إلى استخدام منتجات الحيض النسائية. 

ويخلِّف هذا الموضوع تبعات مدمرة بما فيها منع الفتيات من ارتياد المدارس، وإجبار النساء على التخلي عن عملهن، والمعاناة من الألم والمرض والخجل والنبذ. والمشكلة غير محصورة بلبنان وحده، فهي مشكلة عالمية ويجب التصدي لها الآن. 

في لبنان اليوم، وفي ظل المعاناة من أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم، تضاعف متوسط تكلفة المنتجات المتعلقة بالدورة الشهرية خمس مرات في سنة واحدة فقط. تصل أسعار الفوط الصحية في بعض المناطق إلى 35 ألف ليرة لبنانية، أي ما يعادل 17 جنيهاً استرلينياً تقريباً على سعر الصرف الرسمي. فيما كانت تبلغ ثلاثة آلاف ليرة فقط (1.40 جنيه) قبل الأزمة الاقتصادية. 

وما يعنيه هذا الارتفاع هو أن ثلاثة أرباع النساء والفتيات في لبنان يجدن صعوبة في الحصول على منتجات الدورة الشهرية، وفقاً للمجموعة الحقوقية اللبنانية Fe-Male. ويُترجم ذلك على أرض الواقع بالحاجة إلى الاختيار بين الطعام والنزيف الحر [على غاربه].

ويعود هذا بشكل كبير إلى انهيار العملة المحلية. فقد خسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها في غضون سنة، فأصبح كل دولار بالتالي يعادل 18500 ليرة في السوق السوداء، مع أن سعر الصرف الرسمي ما زال 1500 ليرة. ونتيجة لذلك، صارت السلع المُستوردة مثل المنتجات الصحية باهظة الثمن وبعيدة المنال.

العام الماضي، وفي سبيل مساعدة الفئات الأفقر في المجتمع، جمعت الحكومة اللبنانية لائحة بثلاثمئة سلعة "أساسية" يمكن أن يستقدمها المستوردون إلى البلاد على سعر صرف 3900 ليرة لبنانية للدولار، من أجل إبقاء الكلفة منخفضة. وفيما شملت اللائحة شفرات الحلاقة الرجالية، يبدو أنها لم تتضمن الفوط الصحية مما أثار الغضب. 

لكن لبنان لا يشكل استثناءً. وفقاً للأمم المتحدة، 13 في المئة من النساء والفتيات حول العالم يعشن في حال من الفقر ويعانين من أجل الوصول إلى الموارد الضرورية للتعامل مع الدورة الشهرية. ولا شك أن هذه النسبة ارتفعت خلال الجائحة.

وما يزيد من صعوبة هذه المسألة هو أن المنتجات الصحية، كما هي الحال في لبنان، ما زالت تُعامل باعتبارها سلعاً للرفاهية في العديد من البلدان. ومن الصادم أن المملكة المتحدة لم تُلغِ "ضريبة الفوط الصحية" -وهي ضريبة قيمة مضافة على المنتجات الصحية- سوى في يناير (كانون الثاني) من العام الجاري. من المذهل أننا متقدمون نسبياً في هذه النقطة. 

معظم الدول الأوروبية لا يُسمح لها بتخفيض قيمة ضريبة القيمة المُضافة على منتجات الدورة الشهرية إلى ما دون خمسة في المئة، لأنها تُعتبر سلع رفاهية. وفي الولايات المتحدة، ما زالت 27 ولاية من أصل 50 تفرض الضرائب على المنتجات الصحية. وفي أريزونا، تخضع الفوط الصحية للضريبة التي لا تُفرض في المقابل على العرقسوس، والحال نفسه في أوكلاهوما حيث تخضع الفوط الصحية للضرائب التي لا تُفرض على المصابيح الشمسية، أما في كارولاينا الجنوبية، فتشمل الضريبة الفوط الصحية فيما تُعفى منها ألعاب مدن الملاهي. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في لبنان، النساء يقاومن. أطلقت مجموعة من النساء هذا الشهر مهرجان الفقر والدورة الشهرية وسمينه "جايتنا"، وهو يجول حالياً في البلاد. خلال جلساته، تعرض النساء فيلماً وثائقياً يتابع مسيرة عشر نساء يعانين من مسألة الدورة الشهرية، تتبعه حلقة أسئلة وأجوبة عن الحيض. كما وضعن أكشاكاً توزّع منتجات صحية مستدامة مثل كأس الحيض وسروال الحيض الداخلي وفوط مصنوعة محلياً قابلة لإعادة الاستعمال. 

 تلقت فادية، 38 سنة، أم لبنانية لأربعة أطفال، تدريباً من منظمة "وينغ وومان"، على خياطة الفوط القابلة لإعادة الاستخدام التي تُوزع في المهرجان. وهي تقول إن ذلك ضروري. وتخبرني بأن "الناس ما عادوا قادرين على تحمل تكلفة شراء الفوط، لذلك تستخدم النساء أي قماشة قديمة، وهذا ليس آمناً. أنا أعاني من أجل شرائها لي ولابنتي البالغة من العمر 16 سنة. أستطيع الخياطة ولذلك أحاول أن أجد حلولاً للأمور الكثيرة التي نعاني من أجل شرائها حالياً". 

لا يركز المهرجان فقط على تعذر الحصول على السلع، بل يسلط الضوء كذلك على انعدام وجود المراحيض الآمنة كما التثقيف حول الجسد والحيض. خلال المهرجان، يوجد طلاب طب كذلك ويقدمون استشارات مجانية لمن لديه أسئلة. 

وتقول فانيسا زامر، ناشطة حقوق المرأة اللبنانية السويسرية التي تنتمي إلى الفريق المسؤول عن المهرجان "إن الدورة الشهرية موضوع قيد الكتمان جداً وعلى هذا الواقع أن يتغير. إن معالجة (فقر الدورة الشهرية) أمر حيوي، وهي تتقاطع مع مجالات كثيرة: (...) حقوق المرأة، والاستقلال الجسدي، والحياة الجنسية، والصحة والتعليم". 

وتعتبر صانعة الأفلام الأوروبية إيفيلينا لويلين، التي صوّرت الفيلم الوثائقي، أنه يمكن تفصيل فكرة هذا المهرجان ونسخه بسهولة في عدة بلدان حول العالم "ليس في العالم بلد واحد لا يعاني من فقر الدورة الشهرية والموضوع يتفاقم. يمكننا نسخ هذا النموذج في بلدان أخرى، هناك مساحة هائلة متاحة له في أوروبا". 

سوف تزداد هذه الأزمة سوءاً في لبنان والعالم مع غرق المزيد من الناس في الفقر بسبب جائحة فيروس كورونا. يجب أن تصبح مسألة الدورة الشهرية مسألة طبيعية. ويجب أن تكون المنتجات الصحية الأنثوية في متناول الجميع، وأن تُعتبر منتجات أساسية. ويجب الكف عن إسكات النساء ومعاقبتهن. لقد طفح الكيل.

© The Independent

المزيد من آراء