تخرج عملة "إيثريوم" من سوق التعدين الشهر المقبل، بعد نفاد العدد المتاح منها، ولأن المُــعدِّنين لهذه العملة يمثلون 50 في المئة من مجموعهم على مستوى العالم، فإن هذا الأمر سيكون له تبعات ربما تمثل انقلاباً في سوق العملات المشفرة، وكذلك في أسعار كروت الشاشة المستخدمة في عمليات التعدين.
وقال محمود خير الله، الباحث في العملات الرقمية، إن "نصف المعدنين في العالم كانوا يقومون بتعدين عملة إيثريوم، وبعد توقف تعدينها يوم 4 أغسطس (آب) المقبل، نتيجة الوصول إلى السقف النهائي لعدد العملات التي يمكن إنتاجها، فإنها ستخرج من سوق التعدين، وسيقتصر استخدامها على التحويلات المالية، وسيكون لهذا أثر كبير في سوق العملات المشفرة".
وأضاف، "بعد الوصول إلى المحطة الأخيرة في تعدين إيثريوم، تراجعت أرباح نصف المعدنين في العالم بنسبة 50 في المئة أخيراً، وهذا أمر متوقع مع أي عملة تصل إلى نهاية سقف التعدين. ويمكننا بدايةً افتراض أن نسبةً ما من هؤلاء المعدنين ربما تنسحب من هذه التجارة بالكامل، ولكن البعض الآخر سيستمر. وبالنسبة إلى أعداد المنسحبين، فمن المؤكد أنهم سيبيعون ما يملكونه من كروت الشاشة المستخدمة في عمليات التعدين، ما يقودنا إلى توقع انخفاض أسعار الكروت على مستوى العالم، وهو خبر جيد لمن يريدون الاستمرار في التعدين المعتمد على هذه الطريقة".
وكانت أسعار كروت الشاشة خرجت عن السيطرة، وارتفعت أسعارها بنسب تتراوح بين 200 و300 في المئة على مستوى العالم خلال السنوات القليلة الماضية، ومع جائحة كورونا أصبحت الأسواق تعاني أيضاً ندرتها.
وأشار خير الله إلى هذه المشكلة بقوله، "بالنسبة إلى التعدين بكروت شركتي "إنفيديا" و"إي أم دي"، فقد قامت الأولى بعمليات تحديث وضعت فيها برامج على الكروت الخاصة بالألعاب، لرصد وإيقاف أي عملية تعدين. وقالت الشركة، إن ذلك تم بناء على طلب من مجتمع ألعاب الفيديو، بعد استحواذ المعدنين على غالبية إنتاج الشركة من كروت الشاشة. وهي الخطوة التي لم تقدم عليها منافستها "إي أم دي". وبينما زادت "إنفيديا" إنتاج الكروت المخصصة للألعاب الشهر الماضي، أعلنت في الوقت نفسه أنها ستخصص خط إنتاج لعمليات التعدين، القطاع الذي أدر على الشركة أرباحاً بـ155 مليون دولار في الربع الأول من العام الحالي، ويتوقع أن يدر عليها 400 مليون دولار في الربع الثاني، وعلى الرغم من ذلك، فإنها لا تريد المخاطرة بنصيبها من سوق الألعاب الأكبر على مستوى العالم، والأكثر ربحية".
البدائل المتوقعة
وتساءل خير الله "الأهم الآن ما هي العملات البديلة التي يتوقع أن تتوجه إليها النسبة المتبقية من المعدنين السابقية لعملة إيثريوم؟". وأجاب "هناك 4 بدائل في السوق مطروحة حالياً أمامهم، وهي عملات "إيرجو"، و"رافن"، و"إيثريوم كلاسيك"، و"بيم". بالتالي ستتغير السوق بشكل كبير، ولا يستطيع أحد التكهن بما سيحدث إلا بعد مرور يوم 4 أغسطس، لأنه لا يمكن لأحد معرفة القرار الذي سيتخذه هذا العدد الضخم من المعدنين، ولا آثاره على بقية العملات المشفرة، وربما تكون "إيثريوم كلاسيك" هي أكبر المستفيدين، لا أحد يعلم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
توقف الأنتوميترات
وأوضح، أن سوق التعدين تواجه أيضاً نقصاً في معدات الأنتوميتر التي تستخدم في تعدين "بيتكوين"، وتعد الصين المنتج الأكبر لها، لكن بعد منع تعدينها فيها، توقفت 54 في المئة من هذه الأجهزة عن العمل، فازدادت سهولة تعدين "بيتكوين" بنسبة 28 في المئة، ما سيسفر عن مضاعفة أرباح المعدنين المستمرين والمتصلين بشبكة الإنترنت بنسبة قد تصل إلى 300 في المئة، من دون تداول يذكر مع ارتفاع أسعار "بيتكوين" عن النطاق الحالي.
الصناديق و"بيتكوين"
وحول أسعار "بيتكوين"، أشار خير الله إلى "أن إغلاق السنة المالية لبعض الصناديق الاستثمارية خلال يونيو (حزيران) ويوليو (تموز)، يدفعها إلى الخروج من سوق العملات المشفرة، ما دفع سعر "بيتكوين" إلى الحدود الحالية، لكن المستثمرين في العملات المشفرة أصبحوا يعلمون ذلك الآن ويتكيفون معه، ويتقبلون هذا المحفز السلبي بعمليات شراء على العملات المشفرة عموماً، ما سيؤدي إلى ارتفاع "بيتكوين" إلى مستوى 40 ألف دولار في المتوسط خلال الفترة المقبلة، بخاصة مع توقف تعدين عملة "إيثريوم"، ومعاودة الصناديق إلى الاستثمار مرة أخرى في العملات المشفرة بقوة، كنوع من أنواع تنويع الاستثمار في مواجهة آثار جائحة كورونا"، مشيراً إلى "أن هناك تدفقاً في السيولة استمر خلال الـ72 ساعة الماضية، ما قد يدفع سعر "بيتكوين" للخروج من المستوى العرضي لسعر 33 ألف دولار، وإذا استمر هذا التدفق فقد يدفعها للوصول إلى سعر 40 ألف دولار أسرع من المتوقع".
تعدين مختلف
ويرى خير الله، أن تعدين العملات الرئيسة ربما تتغير أداوته، لكنه لن يتوقف، وأن هناك جيلاً جديداً من العملات الرقمية لا يحتاج إلى رأس مال كبير، وقيمته في الخدمة التي يوفرها، وذلك على حسب الاحتياج في السوق العالمية وليس المحلية فقط، ويعني أيضاً أن العملات الرقمية الخدمية ستصبح مصدراً للدخل في المستقبل القريب، لأن هذه السوق بدأت ومستمرة في التوسع، ولا تعاني هذه العملات من الانتقادات التي تواجه عملات أكثر شهرة.
وأشار إلى أن "هناك أنواعاً مختلفة من التعدين بدأت في الانتشار، وتعتمد على توفير خدمات مقابل الحصول على العملات المشفرة، مثل تعدين عملة هيليوم، التي ظهرت عام 2019. ويعتمد تعدين هذه العملة على أجهزة راوتر خاصة، تستهلك القدر نفسه من الطاقة الذي تحتاجه أجهزة الراوتر العادية. وتوفر تلك الأجهزة خدمات مختلفة عبر الإنترنت، في الوقت نفسه تنتج لصاحبها عدداً معيناً من عملة هيليوم، حسب السعة والنشاط الذي يقدمه جهاز الراوتر على الشبكة".
وأضاف، "هناك أيضاً تعدين عملة "بي تي تي" التي تعتمد على توفير مساحات تخزينية للملفات، التي يتم تحميلها بمقابل مادي يدفع بالعملة نفسها. وفي الإطار نفسه، هناك عملة "هولو"، ويتم تعدينها من طريق توفير خوادم لا مركزية توضع في أي مكان متصل بالإنترنت، ويستأجرها من يحتاجون إلى مكان سري لحفز الملفات، بمقابل مادي يدفع بعملة هولو".