Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يحدث برلمان الجزائر نقلة نوعية في التشريع والرقابة؟

يعتقد البعض أن لعنة الشرعية ما زالت تلاحق المؤسسة التشريعية والسلطة لكن الرهان على "الأحرار"

فتح التحاق النواب الجدد بمناصبهم في البرلمان أبواب الحديث عن قدرة الهيئة التشريعية الجديدة التي جاءت على أثر انتخابات ما بعد الحراك الشعبي، على ممارسة دورها التشريعي والرقابي، ومحو كل الصفات السلبية التي التصقت بمختلف البرلمانات السابقة التي عرفتها الجزائر.

مستقل يقود البرلمان لأول مرة

وفي أول ظهور له بعد انتخابه رئيساً للبرلمان، قال إبراهيم بوغالي، النائب المستقل الذي يتولى هذا المنصب في سابقة هي الأولى من نوعها تعرفها البلاد، إن العهدة التشريعية الحالية لها من الخصوصية ما يتطلب التشمير على سواعد الجد، لأنها تعد بداية لمرحلة تؤسس حقيقة وبصدق للجزائر الجديدة التي أرادها الشعب، والتزم بها الرئيس تبون، وتعهد بتجسيدها خلال حملته الانتخابية.

وأضاف أنه بتنصيب البرلمان "ها نحن نضيف حلقة أخرى في مسار إعادة الكلمة للشعب في اختيار ممثليه بعد انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة وبعد الاستفتاء على الدستور"، مشيراً إلى أن "السلطة التشريعية تستعيد اليوم مكانتها من خلال ثقة الناخبين فينا لتحقيق أملهم في تعميق الديمقراطية والدفع بمسار التنمية الشاملة".

وتعهد رئيس البرلمان بـ"السهر دوماً على التنسيق بين مختلف المجموعات البرلمانية، وكذا مع الحكومة من أجل إنجاح البرنامج الذي زكاه الشعب وتعهد الرئيس بتنفيذه"، معلناً التزامه بمرافقة الرئيس تبون كسلطة تشريعية، في تحقيق الأهداف المسطرة في برنامجه، وثمن دور الجيش وكل الأسلاك الأمنية التي تسهر على حماية الوطن والذود عنه، والحفاظ على أمنه واستقراره.

وبالعودة إلى ما جاء في أول تصريح لرئيس البرلمان إبراهيم بوغالي، فإنه خلا من أية إشارة إلى طريقة نشاط الهيئة التشريعية، كما لم يوجه رسائل تكشف عن نواياه خلال عهدته الانتخابية، ولم يقدم ملامح خريطة الطريق التي سيجري اعتمادها، بل على العكس أكد التخندق مع الموالاة بإعلانه العمل على إنجاح برنامج الرئيس الذي ستنفذه حكومة أيمن عبدالرحمن، ما يجعل الرقابة والتشريع في الدرجة الثانية من الاهتمام والممارسة.

موالاة دون منازع

إلى ذلك، يستبعد البرلماني السابق، عدة فلاحي، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن يتمكن البرلمان الحالي من ممارسة دوره التشريعي والرقابي. وقال إن الأمر "سيبقى على حاله ما دام الجهاز التنفيذي مهيمناً، وهو السلطة الفعلية، بينما يبقى الكلام والسجال السياسي للبرلمانيين، في ظل غياب تاريخ نضالي أو تجارب في العمل السياسي لدى الوافدين الجدد"، مبرزاً أنه "ما زالت لعنة الشرعية تلاحق المؤسسة التشريعية والسلطة عموماً، لأن ملامح التغيير ليست ظاهرة للعيان، وما زالت أبسط المشكلات لم تعالج بشكل يجعل الشارع يهدأ ويطمئن".

ويواصل فلاحي، أن البرلمان الحالي سيكون "موالاة دون منازع، فأغلب الكتل عبرت صراحةً عن ذلك، وفي مقدمتهم الأحرار"، موضحاً بخصوص تحرك المعارضة داخل البرلمان بقيادة أكبر حزب إسلامي ممثلاً في حركة مجتمع السلم، التي رفضت المشاركة في الحكومة، أن هذه الأخيرة "لم تكن مقلقة أبداً للنظام، فهو يعرف حجمها وقوتها وضعفها، وقد جرب كثيراً لعبته معها وانتصر عليها، وهي ليست معارضة حقيقية، بل مجرد ديكور، بدليل أن إطاراتها يتمردون على القيادة بمجرد أن تستدعيهم السلطة للاستوزار".

تغييب الكفاءة

من جانبه، يرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن الجميع كان يترقب برلمان كفاءات نخبوية بامتياز من حملة الدكتوراه على الأقل وخبراء اقتصاديين وسياسيين من أجل مشروع وطني يحمل في طياته الخير والأمان للبلاد، ويستطيع من خلاله النواب الجدد ممارسة دورهم التشريعي والرقابي الذي غيب أكثر من عشرين سنة مضت بسبب الرداءة المنتخبة في النسخ الماضية، التي أسهمت في تردي أوضاع البلاد إلى ما لا تحمد عقباه، لكن ما يغلب على البرلمان الحالي "حملة شهادة الليسانس وخريجو المعاهد"، متسائلاً، "هل يعقل أن يشرع هؤلاء؟ وأن يمارسوا الحق الرقابي؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر حبيب، أن الشعب غير راضٍ عما أسفرت عنه نتائج الانتخابات الأخيرة في ظل تغييب الكفاءة بسبب، أو من دون سبب، مبرزاً أنه سيبقى الحد الأدنى من الممارسة التشريعية والرقابية يراوح مكانه ويغازل رغبة الشعب، في ظل ضعف مستوى النواب الجدد في إصلاح ما يمكن إصلاحه من الأعطاب التي دمرت جل المؤسسات في زمن العصابة.

صلاحيات واسعة للنواب

وفق ما ينص عليه الدستور الجديد، فإن للنائب مهام محلية وأخرى وطنية، فالأولى تتمثل في تقديم أسئلة شفوية وكتابية حول ولايته ومشاكلها لأعضاء الحكومة، ومرافقة الوزراء والوالي في تفقد المشاريع بمختلف القطاعات عبر الولايات والرقابة حول سيرها، والمشاركة في إعداد البرامج المحلية للتنمية بتقديم مقترحات، بينما تتمحور الأخرى في تقديم تعديلات عن طريق اللجان المختصة حول مشاريع القوانين المطروحة للنقاش والتصويت، والتصويت بالموافقة أو الرفض على مخطط عمل الحكومة وحصيلتها السنوية، وتقديم ملتمس رقابة من قبل الأغلبية الذي يعني تقديم الوزير الأول استقالة الحكومة لرئيس الجمهورية، والمبادرة بمشاريع قوانين وإيداعها لدى رئاسة البرلمان، ثم الحكومة لاعتمادها وعرضها للتصويت، وكذا استجواب الحكومة في إحدى قضايا الساعة أو عن حال تطبيق القوانين وفقاً لأحكام المادة 160 من الدستور.

سابع برلمان ديمقراطي

يعتبر البرلمان الحالي سابع برلمان ينتخب بطريقة ديمقراطية منذ إقرار التعددية السياسية في دستور 1989، بينما انتخابات 12 يونيو 2021 هي أول انتخابات نيابية مبكرة تجرى في البلاد، أما حل البرلمان فهو الثاني من نوعه بعد يناير 1992.

وبموجب دستور 1996، بات البرلمان الجزائري مشكلاً من غرفتين اثنتين، وهما مجلس الأمة أو الغرفة العليا، والأولى للبرلمان ويصطلح على تسميتها في دول أخرى بـ"مجلس الشيوخ"، ويبلغ عدد أعضائه 144 نائباً، ينتخب ثلثا أعضائه عن طريق الاقتراع غير المباشر من طرف أعضاء المجالس المحلية.

أما الغرفة الثانية أو السفلى فهي المجلس الشعبي الوطني، وتتكون من 407 مقاعد، بعد أن ألغى الرئيس تبون 55 مقعداً منها، ويجري انتخاب أعضائه عن طريق الاقتراع العام المباشر، كما حدث في استحقاق 12 يونيو الماضي.

ترقب مفاجآت

في السياق ذاته، يعتقد أستاذ العلوم السياسية، عبدالكريم خنيش، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن البرلمان الحالي باستطاعته "تغيير المفاهيم وإحداث نقلة نوعية في ممارسة التشريع والرقابة"، على اعتبار أن الأحرار يحتلون المرتبة الثانية، وهو ما من شأنه أن يجعل منهم قوة صعب السيطرة عليها.

وأضاف، "تجربة الحراك الشعبي لا تزال في أذهان الجزائريين، خصوصاً المسؤولين، وعليه فالحذر سيكون سيد الموقف"، موضحاً أن البرلمان الحالي فسيفسائي بشكل "غامض"، لا يقدم ملامح المرحلة البرلمانية المقبلة، خاصة في ظل غياب أغلبية كانت إلى وقت قريب بيد الموالاة، وختم أنه لا ينتظر من النواب الجدد "إسقاط حكومة مثلاً، لكن يرتقب أن تعرف الهيئة التشريعية مفاجآت".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير