Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوريا في محاكمة نتنياهو أداة لتخفيف تداعيات خطورة اتهاماته

ما بين المدافعين عنه ومهاجميه أبقى نتنياهو الملف الأمني سيد الموقف

نجح نتنياهو في جعل نشاطه السياسي هو الأبرز خلال أيام محاكمته (رويترز)

ملخص

كان الملف السوري هو الأبرز، ليس فقط في اليوم الأول من المحاكمة، وإنما على مدار ثلاثة أيام، إلى جانب ما اعتبره إنجازات سياسية وأمنية. فقبل البدء في الدفاع عن نفسه أعلن نتنياهو أن نجاح الجيش في السيطرة على مناطق سورية حتى ما بعد المنطقة العازلة، يشكل حاجة أمنية لضمان أمن الإسرائيليين وحدود إسرائيل والحفاظ على الجولان.

على مدار ثلاثة أيام مثل خلالها أمام المحكمة الإسرائيلية للدفاع عن التهم الموجهة ضده، في واحدة من أخطر لوائح الاتهام ضد قادة إسرائيليين، سعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى جعل الإصرار على عدم تأجيل المحكمة بسبب الأوضاع الأمنية التي تعصف بإسرائيل وفي ذروة خوض حرب على جبهات عدة، "مسألة في غاية الخطورة تعكس الانتقام الشخصي وابتعاد خصومه من أي قلق على أمن إسرائيل والإسرائيليين".وقبل دخوله إلى قاعة المحكمة التي انتقلت من القدس إلى قاعة تحت الأرض في تل أبيب، بذريعة أسباب أمنية، وجد نتنياهو على مدار ثلاثة أيام عنواناً أمنياً وإنجازاً سياسياً تفوق في ترويجه وتداوله إعلامياً على التهم الموجهة ضده، على رغم أن معظم وسائل الإعلام منحت أهمية كبرى لمحاكمته كأول رئيس حكومة يمارس مهماته يمتثل للمحكمة دفاعاً عن نفسه بمواجهة تهم جنائية خطرة، بعد أن رفض نتنياهو الاستقالة، وأصر على براءته وأن التهم الموجهة ضده ما هي إلا انتقام شخصي يقف خلفها خصومه واليسار الإسرائيلي.

 

الملف السوري حاضر

وكان الملف السوري هو الأبرز، ليس فقط في اليوم الأول، وإنما على مدار ثلاثة أيام إلى جانب ما اعتبره إنجازات سياسية وأمنية. فقبل البدء في الدفاع عن نفسه أعلن نتنياهو أن نجاح الجيش في السيطرة على مناطق سورية حتى ما بعد المنطقة العازلة، يشكل حاجة أمنية لضمان أمن الإسرائيليين وحدود إسرائيل والحفاظ على الجولان، وشكلت مسألة الحفاظ على الجولان جوهر حديثه والرسالة التي أراد أن يوجهها للتغلب على أجواء اعتباره متهماً جنائياً تلاحقه تهم الرشوة وخيانة الأمانة والفساد.

بالنسبة إلى نتنياهو ما يهمه هو ضمان أمن إسرائيل والإسرائيليين، وأكد أن "الجولان سيبقى إلى الأبد مع إسرائيل"، وذكر بأنه هو رئيس الوزراء الذي حصل على اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال ولايته الأولى، بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، ثم رسم خريطة مستقبل هذه المنطقة بحيث تصبح المواقع المتقدمة في العمق السوري التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي ورقة مساومة بيد إسرائيل في المفاوضات المستقبلية حول ترسيم الحدود أو ما يعرف اليوم بـ"خط الدفاع" الذي اتفق عليه في عام 1974.

خلال الجلسة خرج نتنياهو أكثر من مرة من القاعة بعد تسلمه أوراقاً، وقال إنه مضطر إلى بحث قضايا أمنية تمحورت حول الملف السوري، وأيضاً صفقة الأسرى التي ادعى أنه يبذل كل جهد للتوصل إليها، على رغم أن أكثر من مسؤول مطلع على سير المفاوضات يؤكد أنه يمكن تنفيذ صفقة الآن إذا قرر نتنياهو وقف الحرب في غزة، وهو المطلب الذي بات يحظى بموافقة أكثرية الإسرائيليين.


عاصمة جديدة في القدس

وفي اليوم الثاني من شهادته لم يسقط الملف السوري أسوة بملف المفاوضات من أجندة الإسرائيليين، إذ تواصل الترويج للوضع الأمني في سوريا من نتنياهو والوزراء المقربين منه، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أجل الجلسة المقرر أن تبدأ عند العاشرة إلى الساعة الثانية والنصف، بسبب استقباله رئيس الباراغواي سانتياغو بينيا في الكنيست.
وهكذا نجح نتنياهو في جعل نشاطه السياسي هو الأبرز في هذا اليوم، ليضيف إلى إنجازاته السياسية والأمنية خلال لقائه رئيس باراغواي، إذ راح يعلن أن "إسرائيل وجهت ضربات شديدة لأعدائنا، وجبينا منهم ثمناً كبيراً بسبب عدوانيتهم. نحن نفكك محور الشر الإيراني، والعالم ذهل من نجاحاتنا في هذه الحرب". وأعرب عن أمله بعدم فتح جبهات أخرى، ملمحاً إلى أن إسرائيل ما زالت تواجه تهديدات من مختلف الجبهات.
ولم يكتف نتنياهو بتصريحاته هذه، بل أراد أن يحقق إنجازاً كبيراً بإعلانه افتتاح سفارة باراغواي في القدس، فهذا القرار الذي نجح نتنياهو في تحقيقه، يمثل بحسبه "خطوة تعبر عن اعتراف بحقيقة تاريخية، وسنضمن مستقبلنا وسنسعى إلى إقامة علاقات سلام مع جميع الذين يريدون العيش معنا بسلام".
هذه المعطيات التي نجح نتنياهو في جعلها المسيطرة على الأحداث في إسرائيل قبل دخوله إلى المحكمة، جعلت من تداول تفاصيل التهم الموجهة ضده أقل أهمية، إذ يعتبر الإسرائيليون أن فتح السفارات في القدس وليس في تل أبيب، كما هو الوضع القائم، يشكل اعترافاً بأن القدس الموحدة عاصمة للدولة العبرية.
وحتى عندما دخل إلى قاعة المحكمة، تحدث خلال إفادته عن رفضه مطالب داخلية وخارجية للتوصل إلى اتفاق لحل الدولتين، وعن سياسته ضد إيران.
أما أمس الخميس، وفي اليوم الثالث من محكمته، فكان الحظ إلى جانبه، إذ تزامنت زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إسرائيل مع موعد انعقاد الجلسة الثالثة. واتخذ نتنياهو من هذا اللقاء منصة قبل بدء محاكمته جاعلاً الملف السوري هو الأبرز، على رغم أن سوليفان وصل لمناقشة صفقة الأسرى وملفي لبنان وسوريا.
وحتى تشتد الأنظار إلى الوضع الأمني، اختار نتنياهو إصدار بيان بعد جلسته مع سوليفان، خصصه للملف السوري فقط، من دون أن يتطرق إلى صفقة الأسرى، القضية المشتعلة في إسرائيل، وكانت صرخات التظاهرات أمام قاعة اللقاء مع سوليفان المطالبة بالتوصل إلى صفقة أسرى مدوية في الخارج.
واعتبر نتنياهو في البيان أن "ضمان أمن الإسرائيليين هو الهدف الأسمى لعمليات الجيش في سوريا"، مؤكداً أن "الجولان باقية إلى الأبد تحت سيادة إسرائيل". واستعرض إنجازات الجيش وقدراته في السيطرة على مناطق واسعة في سوريا وتدمير 85 في المئة من سلاح الجيش السوري، بل بالنسبة إلى نتنياهو يمهد الوضع الحالي أيضاً لمواجهة النووي الإيراني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ديمقراطية إسرائيل وهم

من جهتها صحيفة "هآرتس" التي تتعرض لمقاطعة وهجوم وزراء في الحكومة الإسرائيلية، لمواقفها حيال المجازر في غزة وسياسة الحكومة المدمرة لإسرائيل وأمنها، خصصت مساحة شاسعة لمحاكمة نتنياهو.
وبحسب الصحيفة، حاول نتنياهو إعطاء دروس في الديمقراطية من خلال الدفاع عن الاتهامات الموجهة ضده، حين قال "إن هناك سوء فهم أساسي للعلاقة بين السياسيين ووسائل الإعلام". وأضافت الصحيفة "كل من يعتقد أن محاكمة نتنياهو جنائياً دليل على قوة الديمقراطية الإسرائيلية فهو واهم، وما حدث هو أن السلطة هزمت القانون بالفعل".
وعلقت الصحيفة على حملة الانتقام التي شنها نتنياهو على وسائل الإعلام و"هآرتس" تحديداً، قائلة إن "هذه الحملة أنتجت ثماراً مسمومة، إذ لن يحتاج رؤساء الحكومات الإسرائيلية في المستقبل إلى قوانين تشبه القانون الفرنسي لتمنحهم حصانة من التحقيقات القضائية، ومثول نتنياهو أمام المحكمة المركزية في تل أبيب هو نوع من عزاء لا يغني عن الحق".
وذهب الكاتب في الشؤون السياسية ناحوم برنياع إلى أبعد من ذلك في وصفه، إذ رأى أن "شهادة نتنياهو في المحاكمة لم تكن حدثاً قضائياً ولا حتى حدثاً سياسياً حقاً. أحياناً بدت مثل موعظة بلوغ لطفل نشيط على نحو خاص: فليعلم العالم كم أنا أعمل بكد، فليعلم العالم كيف أنقذ الوطن كل يوم. أحياناً بدت كقصيدة الضحية: انظروا ما فعلوه بي – المحققون، النواب العامون، وسائل الإعلام - انظروا ما يفعلونه بي الآن".
وتابع برنياع أنه "من الصعب علي أن أصدق بأن القضاة سيشترون هذه الحجة، فهي ليست معدة لهم. هي معدة للمتظاهرين في الخارج، الذين غطى مكبر صوتهم القوي على هزال الصفوف، وهي معدة للرجل نفسه، لعقيلته، لابنه. فهم ليسوا فقط أصناف القاعدة - هم القاعدة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير