Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب ترمب التجارية مع الصين هي كارثة على الاقتصادات كلها

هذه الأنواع من الحروب التجارية تهدد كل شخص، من العاملين في مطار هيثرو إلى نظرائهم في مركز أغنام بنيوزلندا

سفينة شحن ضخمة تفرغ حمولتها من السلع الصينية في ميناء "لونغ بيتش" بولاية كاليفورنيا، قبيل بدء سريان الضريبة الجديدة التي أضافها ترمب أخيراً (أ.ف.ب)

عادةً لا يُقتل أي شخص نتيجة حرب تجارية ما... ليس بشكل مباشر في أقل تقدير. ولذلك، أنا أفترض أن الناس لا ينتبهون بما فيه الكفاية إلى حرب دونالد ترمب المفتوحة مع الصين بشأن الاقتصاد، ليس بقدر اهتمامهم في علاقاته مع كوريا الشماليّة أو ميله إلى سلوك مفتوح تجاه إسرائيل.

وبالطبع، نحن يجب أن نهتم أكثر بتلك الحرب التجارية المعلنة. لقد مضى وقت طويل منذ انتهاء مرحلة الحمائية التجارية التي سادت عالم ما قبل الحرب العالمية الثانية، وذلك ما يجعل من الصعب الاقتناع بأن القوتين الاقتصاديتين الكبيرتين في العالم موشكتان على إطلاق مرحلة حمائية جديدة، لكن التهديدات المتبادلة برفع الرسوم الجمركية تبدو جديّة فعليّاً.   

سيخسر الجميع. سيفقد المستهلكون الأميركيون إمكانية الاختيار والتكنولوجيا والنوعية المتحسنة باستمرار للمنتجات الصينيّة كما تتجسّد مثلاً في الهواتف الذكيّة من الجيل الخامس ("5 جي" 5G). كذلك سيخسر العمال والمزارعون الأميركيّون حين تنغلق الأسواق الصينية أمام صادراتهم مثل الذرة والدواجن والمعادن. سيكون على الجميع في البلدين أن ينفقوا أقل على ما يُستَوْرَد من البلد الآخر، ثم تبدأ دورة الهبوط مرة أخرى.

عند ذلك، قد تدفع هذه الحرب التجارية إلى عقوبات انتقامية جديدة، وربما إضافة التلاعب بالعملة أو سعر الصرف إلى الخليط المسموم، على غرار ما شهدناه خلال عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، حين كانت التكنولوجيا تحقق تقدماً هائلاً، جنباً إلى جنب مع الحروب الاقتصاديّة والاكتفاء الذاتي والكساد الاقتصادي.

يمكن القول إن ما يجري الآن ليس مجرد شجار خاص. إذ سيسعى المُصدّرون الأميركيون والصينيون إلى تحويل سلعهم بأسعار رخيصة صوب أسواق عالميّة أخرى. وسيؤدي إغراق تلك الأسواق بسلع البلدين المتحاربين تجاريّاً، إلى خفض الأسعار والأرباح والتشغيل في كل مكان، بما في ذلك المزارعون الأستراليون وعمال الفولاذ الألمان ومهندسو الالكترونيّات الكوريون وعمال المناجم البرازيليّون. وستغذي تلك التأثيرات بعضها بعضاً ضمن دورات لا تكف عن التردي. وكذلك قد يميل الطرفان المتحاربان تجاريّاً، إلى الانتقام من بعضهما بعضاً بهدف حماية منتجاتهما المحلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعبارة أخرى، يمكن القول إن الحروب التجارية تشكل تهديداً للجميع ابتداءً من العاملين في مطار هيثرو إلى نظرائهم في مركز أغنام بنيوزلندا. ويعني ذلك أن العالم سيكون في جعبته مالٌ أقل للانفاق، وسيكون في خزانات الحكومات عائدات ضريبية أقل. يعني ذلك كساداً اقتصاديّاً أو ربما أسوأ. يعرف الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جيبينغ تلك الأمور، لكنهما لم يمتلكا حتى الآن القدرة على التراجع.

أو هل هما ينويان ذلك فعليّاً؟ يمقت ترمب التجارة بقوة، بل أنه من أنصار السياسة الحمائية بالفطرة. وجهله هو السبب الأساسي الذي يمنعه أن يجد مستشاراً اقتصادياً عقلانياً. وذُكر أنه كتب عبارة "التجارة سيئة" في مسودة أحد خطبه. وعلى العكس من ذلك، فإن شي الذي هو الزعيم الحقيقي للصين نصير قوي للتجارة وميال لأن يرى الاقتصاد سلاحاً بيد قوة عظمى، ولذا، تأتي "مبادرة الحزام والطريق" بنفحة كولونيالية محدثة.

إنه ليس زواجاً جيو- سياسياً مثالياً بين شي وترمب، ونحن نتساءل إذا كانت المواجهات الديبلوماسية والعسكرية الصيفية حول بحر الصين الجنوبي ودور شركة "هواوي" ستضيف بُعداً سيئاً آخر للحروب التجارية. في تلك الحالة، ثمة طرف سيتأذّى.

أيّاً كان الأمر، لا يمكننا فعل شيء سوى مراقبة ما يجري. وبالمناسبة، فإنها قد لا تكون فترة جيدة لبريطانيا الصغيرة التي تحتل الموقع العاشر بين أكبر الاقتصادات العالمية، كي تحاول إقامة معاملات تجارية حرة لوحدها مع أكبر 2 أو 3 من القوى الاقتصاديّة العالميّة (الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة).

يمكننا القول إن الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أخطائه الكثيرة، ونسخته الخاصة من الحمائية، مثل "السياسة الزراعية المشتركة"، وضرائبه العالية على الأغذية المستوردة، يمنحنا في الأقل القوة لكوننا جزء من كتلة اقتصادية رائدة في عالم القوى الاقتصادية العظمى. والبديل الحقيقي الوحيد لهذا الخيار هو أن تعلن المملكة المتحدة بشكل أحادي، عن سياسة تجارية حرّة مع الجميع، في مرحلة ما بعد بريكست.

حينها، سيغدو بإمكان المستهلكين البريطانيين والشركات البريطانية الاستفادة بشكل كامل من انخفاض الأسعار في السلع المستوردة أو المصدَّرة، لكن مع كل الأضرار التي ستلحق بالعمال والصناعة والزراعة في بريطانيا.

ونظرا لأن بريكست هو في الأساس نوع من الاحتجاج على العولمة، يجعلني ذلك في شكٍّ من أننا جاهزون فعليّاً للخروج من الاتحاد الأوروبي.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء