Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خامنئي وخليفته "مجلس القيادة"

استعادة هذا المقترح في هذه المرحلة قد يكون الهدف منها أن الأوضاع والظروف السياسية الداخلية باتت مهيأة لهذه الخطوة

الحديث عن مجلس قيادة جاء بعد الانتهاء من الانتخابات التي أوصلت إبراهيم رئيسي إلى موقع رئاسة الجمهورية (أ ف ب)

كانت لافتة عودة المرشد الأعلى للنظام في إيران للحديث عن الطلب الذي وجهه إلى مجلس خبراء القيادة، الذي يتولى مهمة مراقبة عمل المرشد ومحاسبته واختيار خليفته لتشكيل لجنة ثلاثية من بين الشخصيات التي يجدون فيها القدرة والصلاحية لتأليف مجلس قيادة بعد وفاته.

اللافت في الأمر أن الحديث عن مجلس قيادة جاء بعد الانتهاء من الانتخابات التي أوصلت إبراهيم رئيسي إلى موقع رئاسة الجمهورية، وهو الشخصية الأبرز التي يدور الحديث عنها منذ أعوام عدة لتولّي موقع المرشد الأعلى خلفاً للمرشد الحالي، إضافة إلى أن رئيسي وبحكم موقعه في رئاسة الجمهورية، يعتبر حكماً وبحسب الدستور، عضواً في المجلس الانتقالي الذي يشكل مجلس خبراء القيادة بعد وفاة المرشد إلى حين انتخاب مرشد جديد.

لكن ما يستدعي التوقف عنده أن المرشد خامئني في الدعوة التي وجهها إلى مجلس الخبراء، تضمنت نقطة مفصلية وأساسية، وهي أن صلاحيات هذه اللجنة الثلاثية التي يطلب تشكيلها ووصفها بمجلس القيادة، تختلف عن التوصيف الدستوري للمجلس الانتقالي، خصوصاً أن خامنئي في كلامه تحدث عن تولّي مجلس القيادة المقترح مهمة إدارة موقع المرشد الأعلى لمدة ثلاثة أعوام، وهي المدة الانتقالية التي من المفترض أن يتم خلالها اختيار أو انتخاب مرشد جديد.

توحيد السلطة

قد لا يكون الكلام عن مجلس القيادة الثلاثي جديداً، وإن كان في السابق قد كشف خامنئي نفسه عن هذا الأمر قبل أكثر من أربعة أعوام، إلا أن استعادته في هذه المرحلة، ربما يكون الهدف منها أن الأوضاع والظروف السياسية الداخلية باتت مهيّأة لهذه الخطوة، خصوصاً أن أجهزة النظام استطاعت الانتهاء من توحيد السلطة في التيار الموالي للنظام والقيادة - التيار المحافظ - وباتت كل أجهزة الدولة وللمرة الأولى منذ ثلاثة عقود ونيّف في دائرة سيطرة القوى المحافظة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، فضلاً عن التحالف العميق والراسخ بين موقع المرشد الأعلى والمؤسسة العسكرية بكل تشعباتها، خصوصاً مؤسسة حرس الثورة الإسلامية التي تُعتبر الذراع الأقوى والجهاز الذي يعتمد عليه المرشد في التصدي للتهديدات الداخلية والخارجية، والحامل الأساس لرؤيته الاستراتيجية، والمدافع الأول عن المصالح القومية والوطنية الإيرانية في المنطقة والعالم، انطلاقاً من التوصيف القانوني والدستوري الذي يشكل الغطاء لعمل هذه المؤسسة، والذي يمنحها حرية واسعة في العمل وضرب أعداء النظام والثورة في الداخل والخارج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحديد مدة الأعوام الثلاثة لمجلس القيادة المقترح، الذي رُفعت أسماؤهم إلى المرشد الأعلى، ربما يهدف إلى واحد من أمرين، وكلاهما بحاجة إلى هذه المدة الزمنية، أو الفرصة لتتضح معها الاتجاهات التي ستكون عليها الأوضاع في إيران، خصوصاً أن الحاجة إلى هذا المجلس قد تنتفي في حال لم يحدث تغيير واستمر المرشد الخامنئي في الإمساك بالقرار والأمور.

الأمر الأول ربما يكون في سياق عملية تأهيل رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي على إدارة الملفات السياسية والإدارية والاقتصادية، وكسب التجربة الضرورية في التعامل مع القضايا والمسائل الأمنية والعسكرية والتعامل مع القرارات الاستراتيجية، بالتالي وبحكم موقعه في رئاسة السلطة التنفيذية، ودستورياً كعضو أساس في المجلس الانتقالي الذي يشكله مجلس خبراء القيادة، تصبح عملية انتقال السلطة والقيادة وتولّيه موقع المرشد والقائد الأعلى عملية طبيعية تجري بسلاسة ومن دون عراقيل، بناء على التجربة السابقة التي حصلت عام 1989 والتي جرت فيها عملية انتخاب خامنئي لموقع المرشد.

إثبات أهلية رئيسي

الأمر الثاني، وهو يعود إلى رئيسي نفسه، ومدى قدرته على إثبات أهليته بتولي هذا المنصب والتي تساعده في إسكات الأصوات المعارضة في حال وجدت. لذلك يشكل وجوده على رأس السلطة التنفيذية وفي موقع رئاسة الجمهورية مرحلة اختبار حقيقية لهذه الأهلية، لأن الفشل في إدارة البلاد اقتصادياً وسياسياً وإدارياً وإخفاقه في اجتراح الحلول للأزمات المتراكمة التي تعاني منها إيران، أو على الأقل وضعها على سكة الحلول الصحيحة هي التي ستشكل الاختبار الحقيقي وستمهد الطريق أمامه للانتقال إلى موقع القيادة.

وهنا لا يمكن إغفال تأثير الدور الذي سيلعبه رئيسي في تسهيل عملية انتقاله إلى موقع المرشد في موضوع إدارة الملفات الخارجية والعلاقات مع المجتمع الدولي، خصوصاً ما يرتبط بملف العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، وذلك في إطار الهامش المسموح له بالتدخل فيه والذي من المتوقع أن يكون واسعاً وكبيراً على العكس من الرئيس الحالي حسن روحاني، لجهة أن هذا البعد يُعتبر من اختصاصات ويقع في إطار صلاحيات المرشد الأعلى والمؤسسات التي تعمل تحت إشرافه، وأن رئيسي هو تعبير عن إرادة المرشد ورؤيته لدور رئاسة الجمهورية في المرحلة المقبلة كأحد مراكز القرار في مؤسسات الدولة التي باتت موحدة في التيار الموالي للقيادة وسلطة النظام.

فشل رئيسي في هذه الملفات أو إخفاقه في إحداث تغيير نوعي في إدارة الأزمات الداخلية على الأقل، وعدم قدرته على ترجمة القرارات الاستراتيجية للمرشد على الصعيد الخارجي والعلاقات الدولية والملفات الإقليمية، سيدفع الأمور ومجلس القيادة الانتقالي إلى استبعاده عن خيارات تولّي القيادة كخليفة للمرشد، بالتالي سيكون هذا المجلس أمام واحد من خيارين، إما تكريس مبدأ مجلس القيادة، وإما البحث عن خيار أو شخصية أخرى والعمل على بنائها وإعدادها خلال المرحلة الانتقالية لتصل مع انتهاء هذه المرحلة إلى مستوى تكون قادرة على تولي أو الإمساك بموقع المرشد والعودة إلى مركزية القرار. وهذا الأمر لن يكون بعيداً من التنسيق مع مؤسسة حرس الثورة التي ستكون لها الكلمة الفصل في رسم معالم المرحلة الجديدة وشخصية المرشد الجديد.

هذه التعقيدات والتداخلات قد لا تجعل عملية الانتقال سهلة وسلسة، وقد تشهد أو تذهب إلى صراعات داخلية لا يمكن التكهن بنتائجها منذ الآن، إلا أنها لن تكون سهلة وربما تدخل إيران في حالة من الغموض ما لم تكن مراكز القرار اتخذت خطوات استباقية لمنع الوصول أو مواجهة هذا الخطر، وأن يكون الخليفة المقبل عضواً فاعلاً ورئيساً ومقرراً في مجلس القيادة الانتقالي المقترح وأن تتم عملية انتقال السلطة باعتماد آلية التفويض، خصوصاً إذا ما كان المرشد سبق له أن فوّض له بعض صلاحياته للتعامل مع عدد من الملفات. وهو تفويض حصل بناء على كلام مدير مكتب المرشد الشيخ محمدي كلبيكاني.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل