Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ناج من بلدة كندية محتها موجة الحر عن الخريطة يرى حيواناته يحترق حياً

"بقيت مستيقظاً طوال الليل أراقب المدينة والنار تأكلها. كان المشهد مخيفاً للغاية،" يقول أحد سكان ليتون

سائق يراقب من على جانب طريق السريع العابر لكندا حريقاً هائلاً اندلع على جانب جبل في ليتون، بريتيش كولومبيا، الخميس 1 يوليو 2021 (أ ب)

 كانت ألسنة النار تلعب ببيت بيار كويفيلليون في بلدة ليتون، حين وضع كلبيه الاثنين على عجل في شاحنته استعداداً للفرار، بيد أنه سارع بالعودة إلى الداخل لإنقاذ قطته، ولما رجع من البيت كانت النار قد بدأت سلفاً تلتهم الشاحنة. 

ولم يلبث الرجل أن أدرك أن لا خيار له سوى الابتعاد تاركاً سيارته وكلبيه طعاماً للنيران، والفرار سيراً على الأقدام للنجاة بجلده وهو يحمل القطة بين ذراعيه.

يقول كويفيلليون: "ركضت في اتجاه البلدة وكانت النار إلى حد بعيد تلاحقني، وفي 15 دقيقة كانت البلدة برمتها قد باتت أثراً بعد عين."

كويفيلليون هو واحد من حوالي 1000 شخص كانوا يسكنون في ليتون، ممن أجبرتهم حرائق الغابات على ترك بيوتهم والهرب إلى بلدات مجاورة بعدما أتت النيران على بلدتهم الكندية الصغيرة في بريتش كولومبيا بشكل شبه كامل.

ويقول "بي سي كورنر سيرفيس" إنه تلقى بلاغات عن مقتل شخصين جراء الحريق، فيما يبقى العديد من سكان البلدة مفقودين.

وكانت النار اندلعت في البلدة بعد ما وصلت درجة الحرارة فيها إلى 121.1 فارنهايت (49.5 درجة مئوية) لأيام عدة. وكان اليوم الذي شب فيه الحريق هو الثالث على التوالي الذي سجلت فيه أرقام درجات حرارة قياسية لم تشهد مثلها كندا من قبل.

كان بيت كويفيلليون واحداً من مجموعة بيوت وصلتها النار قبل غيرها مساء الأربعاء الماضي في أعقاب إصدار عمدة البلدة أمراً بإخلائها فوراً. وكان صديق له اتصل به محذراً من الحريق الوشيك، عندما شرع هو في عملية إنقاذ حيواناته الأليفة قبل أن يضطر إلى الهرب مشياً على الاقدام مصطحباً قطته وحدها. 

ويقول كويفيلليون: "لم أستطع حتى أن أرى شاحنتي، فقد وصلت ألسنة اللهب التي تصاعدت منها إلى ارتفاع تسعة أقدام، ولذا ركضت مبتعداً. كانت البلدة تحترق بالكامل، والنار تزحف صوبي. عندها ذهبت إلى طرف البلدة، وكان الشيء الوحيد الذي لم تمتد إليه ألسنة اللهب هو أنا." 

نقل سائق عابر كويفيلليون في سيارته إلى تلة قريبة كانت النيران قد التهمتها سلفاً، وهناك أمضى الليلة "في مراقبة البلدة تحترق تحتي".

 كان ذلك منظراً صعباً على الرجل الذي يعود أصله إلى فانكوفر، وقد أتى إلى هذه البلدة الصغيرة قبل أربع سنوات للعمل على ترميم بيت أحد الأصدقاء، فطابت له الإقامة ولم يغادرها قط.

من ناحيته، استطاع نيل دايك (72 عاماً) أن يهرب من السنة اللهيب ويمشي من مكان قريب إلى التلة نفسها في وقت مبكر من صباح الخميس، واستطاع أن يجمع بعض أمتعته من بيته في البلدة قبل أن يتحول المكان إلى ما يشبه الجحيم، وكان معظم ما جلبه من بيته بعض الصور.

ويعتبر دايك من السكان القديمين، إذ انتقل إلى بيت بالقرب من سبنسر بريدج في البلدة العام 1970 كي يشتغل عاملاً في محطة وقود. ولفت إلى أن المنطقة كانت حارة دائماً، لا سيما أن درجات الحرارة وصلت فيها أحياناً في الصيف إلى حوالى 40 درجة مئوية، بيد أنه لم يرَ في حياته هنا شيئاً كالذي حصل هذا العام. وكذلك الأمر بالنسبة لحرائق الغابات التي كانت شائعة، وخصوصاً أن المنطقة جافة، إلا أنها لم تشهد يوماً حرائق غابات من هذا النوع.

أحب دايك البلدة لأنها كانت هادئة وكل من فيها عرفوا بعضهم بعضاً، ولطالما سره أن يتحدث مع سائحين مروا بالبلدة في طريقهم إلى آلاسكا أو أطراف بريتش كولومبيا، وهذا ما جعل رؤية البلدة وهي تحترق عن بكرة أبيها أشد فظاعة بالنسبة للرجل السبعيني. 

قضى دايك ليل الأربعاء في البلدة، على الرغم من أوامر العمدة بإخلائها فوراً، وذلك لأنه لم يستطع أن يجد طريقاً للخروج منها، وبات في بيت صديق له كان لا زال على حاله لم يتضرر بعد بالحرائق. 

وتوجه الرجل في وقت مبكر من صباح الخميس إلى التلال القريبة. 

يلفت دايك الذي لازال قادراً على الابتسام وهو يتذكر ما جرى، إلى أنه "كان هناك أسلاك كهربائية كيفما نظرت. كنت أزحف فوق الأسلاك وتحتها".

 استعار كويفلليان ودايك اللذان عثرا على بعضهما بعضاً على التلة، شاحنة من صديق وانطلقا معاً يبحثان عن ملجأ في بلدة تلو أخرى حتى وجدا مركز إخلاء مؤقت لمساعدة المهجرين أقيم في مدرسة ثانوية في بلدة تشيليواك التي تبعد 180 كيلومتراً إلى الجنوب من ليتون. 

وإذ أعطي دايك بعد ذلك غرفة في فندق للإقامة فيها خمسة أيام، فقد قرر كويفيلليان البقاء مع أصدقاء له في بلدة مجاورة في انتظار الوقت المناسب للعودة إلى بيته وتفقد الأضرار التي أصابته.

وقال كويفلليان: "أريد أن أرجع وابدأ بإعادة البناء في اللحظة التي يقولون فيها يمكنك أن تعود. لا زلنا غير متأكدين من أن الجميع بخير. أشعر بالقلق لأن هناك كثيراً من المسنين في البلدة." 

وكان أولئك الذين تم إجلاؤهم عن ليتون لا زالوا يتدفقون على مركز الإخلاء حتى صباح يوم الجمعة الماضي، واللافت أن بعضهم جاؤوا بسيارات محملة بالأطفال والحيوانات الأليفة وهم في أمس الحاجة إلى مكان يقيمون فيه، وكان مهجرو ليتون يحصلون على غرف فندقية، بيد أن كثيراً من البلدات باتت الآن عاجزة عن استيعاب أحد، نظراً لانتشار حرائق الغابات في المنطقة وعدم توافر ما يكفي من أماكن الإقامة في هذه البلدات سلفاً. 

وأوضح أحد سكان ليتون، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن تشيليواك كانت البلدة الرابعة التي حاول العثور فيها من دون جدوى على مكان للإقامة، وقد وصل إليها في الرابعة من فجر الجمعة الماضي، وبات ليلته مع زوجته وأولادهما في شاحنته قبل التوجه في الصباح إلى مركز الإخلاء.

"لقد أرسلنا من بلدة إلى أخرى. أنا أحاول فقط تأمين مقر لإقامة عائلتي." 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتم حالياً إغلاق الطريق على بعد خمسة كيلومترات من ليتون، خصوصاً أن رجال الإطفاء كانوا يصارعون للسيطرة على الحرائق الجامحة. وكانت طائرات الهليكوبتر المحملة بـ "دلاء مونسون" التي تستعمل لإخماد الحرائق، تحلق على الدوام فوق الوادي الضيق الذي يؤدي إلى البلدة، وهي ترش المياه على التلال التي تحولت إلى جمر محترق، وكان سكان بلدات المنطقة بأكملها قد استعدوا سلفاً وينتظرون لمغادرة بيوتهم في أية لحظة، فيما كانت حرائق الغابات آخذة بالتمدد في المناطق المجاورة، مما بات يهدد مجتمعات أخرى. وأدت الحرائق التي شبت بالقرب من كاملوبس (بلدة أكبر من ليتون تقع إلى الشمال منها) إلى إجبار عشرات العائلات على إخلاء بيوتها في وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي.

وكان بيت كاثرين هاري واحداً من حوالى 10 في المئة من منازل ليتون التي تم إنقاذها من الحريق.

تتذكر هاري أنها كانت في البيت مع طفلتها بروكلين (أربع سنوات)، فيما كان "مكيف الهواء يشتغل بكل طاقته وصوت التلفزيون مرتفع"، حين دقت صفارات الإنذار منبهة السكان إلى الحريق. 

"لم نسمع صفارات الإنذار، ولذلك لم نعلم أن النيران كانت تلتهم البلدة. خرجنا من البيت لنرى الدخان الأسود يتصاعد من كل المناطق التي تحتوي مواد كيماوية، ومن المستشفى المحترق وكانت خزانات البروبان تنفجر."

 أمام هذا الوضع، راحت هاري على الفور تسقي العشب خارج منزلها بشيء من الغضب، فيما كانت تحاول جاهدة لإنقاذ بيتها، وحين تحول اتجاه الرياح لحسن الحظ أدى ذلك إلى إنقاذ بيتها، والسماح لها ولصغيرتها بالبقاء في ليتون مساء الأربعاء، على اعتبار أن هاري لم تملك سيارة كي تغادر بها البلدة. لم يكن هناك كهرباء، ولا خدمة اللاسلكي للإنترنت أو خدمة الهاتف الخليوي.

وتقول هاري: "بقيت مستيقظة طوال تلك الليلة وأنا أتأمل البلدة وهي تحترق. كان ذلك مرعباً للغاية." 

وفي اليوم التالي ، جاءت شقيقتها راينبو أكوبي بسيارتها من بلدة ميريت القريبة لمساعدتها، ولما ظنت الشقيقتان أن الحرائق قد خمدت، قررتا المكوث ليلة أخرى على أن تكون المغادرة في صباح اليوم التالي. 

 وتوضح كاثرين: "كنا نستعد للذهاب الى الفراش حين سمعنا بأنه قد تم إخلاء المنطقة وأن النيران قطعت النهر فجأة ووصلت إلى الضفة الأخرى، وهنا شعرنا بالهلع وقفزنا إلى السيارة." 

غادرت العائلة الصغيرة على عجل إلى تشيليوك التي وصلتها في الساعة 5.30 من صباح يوم الجمعة، وهناك كانت 10عائلات أخرى من مهجري ليتون تنتظر الحصول على إقامة في مركز شاكسوهاي لونغهاوس، وهو مركز مجتمعي تديره عائلة محلية تابعة لمجموعات "الأمم الأولى" لسكان كندا الأصليين. يذكر أن لونغهاوس هذا قد افتتح لتوفير الطعام والملبس وعدة النوم من فرش وغيرها لأولئك الفارين من حرائق الغابات. 

وهناك كان المتطوعون قد جمعوا سيارات شحن محملة بالمساعدات المختلفة لإرسالها شمالاً لإعانة من هجرتهم الحرائق عن بيوتهم ولرجال الإطفاء أيضاً. وتكدست قطع الثياب ومستلزمات النظافة الشخصية والطعام وعلب الوجبات الجاهزة من مقهى تيم هورنتون، على الطاولات في القاعة الأمامية. 

وتجمع المهجرون وعائلات من تشيليواك مساء الجمعة للرقص والغناء في محاولة لدعم أولئك الذين أخرجتهم حرائق الغابات من ديارهم.

وقال رون بريست، وهو يدير لونغهاوس مع عائلته، إن القصد من تنظيم تلك الليلة كان "شحذ همم الناس، وكان كل من يحتاج إلى هذه الصلوات موضع ترحيب فيها". وفعلاً اهتز لونغهاوس وتأوهت حجارته تحت أقدام الراقصين والراقصات الذين كانت أصواتهم تعلو بالأناشيد، فيما لجأ الناس إلى مراوح يدوية لتخفيف الحرارة الخانقة، ونقلت لاحقاً الطاولات إلى الخارج لإتاحة الفرصة للجميع لتناول الطعام.

وأشار بيرست إلى أنه يتوقع مجيء مزيد من العائلات الهاربة من النيران ليل الجمعة، إذ أجبرت حرائق الغابات الناس على إخلاء ليتون والنزوح عن بلدات أخرى أبعد منها.

"نحن هنا من أجل مد يد العون إلى كل من يحتاجه، ولدينا أسرّة وغذاء أيضاً. جل ما نريده هو العناية بالمجتمع." 

© The Independent

المزيد من متابعات