في أول ظهور له كرئيس حكومة في مراسم عسكرية، صعد نفتالي بينيت تهديداته تجاه لبنان عموماً، و"حزب الله" خصوصاً، ومختلف الجهات التي تهدد أمن إسرائيل. وتحدث من منطلق تجربته بوصفه ضابطاً شارك في حرب (تموز) 2006، ليعلن أن الحرب المقبلة ستكون مختلفة تماماً، مؤكداً أنها ستكون "أكثر قوة وفتكاً"، وأن جيشه سيكون "قادراً على تنفيذ عدوان بري أكثر جدارة مما كان عليه في 2006".
وحظي بينيت بدعم رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، الذي واصل التهديد بالمستوى ذاته، معلناً أن إسرائيل تواجه تحديات أمنية من جبهات عدة، وأن جيشه بات اليوم "أكثر قدرة" على مواجهة أخطر التحديات.
وهذه التهديدات جاءت في وقت أصدر فيه مراقب الدولة تقريراً، يحذر فيه من أن الجبهة الداخلية "غير قادرة" على حماية المدنيين في إسرائيل، لا من صواريخ حديثة ومتطورة، ولا حتى من هزة أرضية.
اجتياح بري واسع
وكان بينيت وكوخافي يتحدثان خلال مراسم لتخريج فوج جديد من ضباط سلاح المشاة في الجيش الإسرائيلي. وتذكر بينيت الفترة التي قضاها ضابطاً في الجيش خلال حرب لبنان الثانية، حيث ذكر أن الجيش "لم يكن مستعداً" لعملية برية كتلك التي نفذها عام 2006، لكن، "هذه المرة سينفذ الجيش اجتياحاً برياً واسعاً، لتحقيق أهداف المعركة المقبلة، إذا ما وقعت بين إسرائيل ولبنان. وسيستخدم قوة أكثر فتكاً".
وعن حرب (تموز) قال بينيت، "في حينها كنت قائداً لقوة مشاة في الاحتياط، وعندما وصلنا إلى عمق لبنان، وفي ذروة العملية البرية، رأيت كيف تنفذ العمليات الحربية عندما يكون الاستعداد لها غير كاف، وتكون الأهداف غامضة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن بينيت خفض حدة تهديداته واستعراض قدرات جيشه، التي تشير معظم التقارير العسكرية والأمنية وتقارير مراقب الدولة، حتى اليوم، إلى أنه غير قادر على حسم المعركة والتفوق، قائلاً، "لسنا ممن يرغب في تنفيذ اجتياح بري، لكن إذا رأينا أن تحقيق أهداف المعركة يتطلب ذلك، فلن نتردد في تنفيذها، وستكون ضخمة وقوية".
وخطة المعركة، التي سبق وأعلنها الجيش الإسرائيلي في حال وقوع حرب مع لبنان، هي خطة "تنوفا" المتعددة السنوات التي أعدها كوخافي، وحتى اللحظة تواجه صعوبات وعراقيل كبيرة، بسبب عدم توفير الميزانيات والقدرة على التدريب عليها.
كوخافي، من جهته، الذي يخوض معركة داخلية من أجل الحصول على ميزانيات لتدريب جيشه على الخطط العسكرية التي وضعها، بما في ذلك خطة "تنوفا"، اختار الحديث العام في المراسم العسكرية، مشيراً إلى أن إسرائيل تواجه تحديات تجاه جبهات مختلفة، وتتعامل معها في آن. مؤكداً أن القيادة العسكرية لمست تعدد الجبهات خلال الحرب الأخيرة على غزة "حامي الأسوار".
وبحسب كوخافي، نفذ الجيش تجاه غزة هجمات قوية وشديدة، وقال "إلى جانب هذه الهجمات تعاملنا مع أحداث من جبهات أخرى في الضفة، وإطلاق صواريخ من الشمال، وحتى إطلاق طائرة إيرانية من دون طيار".
واستمراراً للهجة التهديد التي اختارها بينيت هدد كوخافي "كل من يحاول إلحاق الضرر بإسرائيل وسكانها بات على معرفة بأن الجيش قادر على مواجهة مختلف التحديات، من قريب ومن بعيد، حيث يجري الرد عليه سواء في العلن أو في الخفاء، وهذا ما سنفعله أيضاً في المستقبل".
فجوات خطيرة
وعقب تذكر بينيت تجربته في حرب تموز وقبيل مرور 15 عاماً على الحرب، اعتبرت جهات إسرائيلية ما نفذه الجيش والحكومة، آنذاك، خطأ كبيراً، لعدم اتخاذ خطوات أقوى تمنع "حزب الله" من تعزيز قدراته العسكرية والقتالية.
ودعت إلى التعامل مع أية تهديدات أمنية بقوة وحسم واستدعاء قوات الاحتياط في الجيش للتدريب العسكري، خصوصاً على المواجهة، في موازاة إعداد خطة لحالة الطوارئ بما في ذلك الهجوم البري "وجباية الثمن ليس فقط من حزب الله، إنما من دولة لبنان التي يعمل حزب الله تحت حمايتها، ومع التنسيق الكامل مع الجبهة الداخلية، وإدارة معركة إعلامية توضح من هو المنتصر في النهاية ومن هو الخاسر".
كما أصدر معهد السياسة والاستراتيجية في إسرائيل، قبل إطلاق تهديدات بينيت وكوخافي، تقريراً أشار فيه إلى أن حكومة بينيت - لبيد الجديدة تعاني ثغرات خطيرة إزاء التحديات الأمنية والاستراتيجية المحدقة بها، وعدم توفير الميزانية العسكرية، وأن هذه الثغرات ستشكل عائقاً أمام أي تفوق للجيش في المعارك المقبلة، ولن يكون بإمكان الجيش تنفيذ خطته العسكرية المتعددة السنوات، واستعداد الجبهة الداخلية لمواجهة خطر هذه المعارك.
ودعا المعهد الحكومة الجديدة إلى بلورة فورية لميزانية تضمن التصدي للتحديات، كما طالب المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت) والجيش الإسرائيلي إلى إعادة احتساب المسار، وتنفيذ تعديلات على خطة كوخافي "تنوفا"، والعمل على سد الثغرات التي وصفها بـ "الخطيرة" بكل ما يتعلق في جهوزية الجبهة الداخلية لأي حرب مقبلة.
كما شدد على ضرورة التصرف بشكل صحيح بميزانية المساعدة الأميركية التي طالب بها المسؤولون الإسرائيليون، لتسلح الجيش الإسرائيلي بمنظومات قتالية متطورة.
يذكر أنه جاء في آخر تقرير أصدرته شعبة الاستخبارات العسكرية، أن تصعيد التوتر على طول الحدود مع لبنان، وأن "حزب الله" أجرى تغييرات استراتيجية قد تؤدي إلى هذا التصعيد.
وبحسب التقديرات فإن "حزب الله يستعد لخوض أيام قتالية محدودة، يمكن أن تتطور في حال نجح في إسقاط طائرة إسرائيلية من دون طيار أو إطلاق قذائف وصواريخ تلحق أضراراً داخل إسرائيل".