Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتهامات والشروط تعقد ملف إعادة إعمار غزة

سيتم توزيع المبالغ النقدية للمتضررين مباشرة من خلال مؤسسات الأمم المتحدة

يقتصر دور الجهات الحكومية في غزة على رصد الأضرار وتسجيلها (اندبندنت عربية – مريم أبو دقة)

تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن ليلة الإعلان عن وقف القتال في جولة العنف الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بألا تستفيد حركة "حماس" من أموال إعادة إعمار غزة. وقال بايدن في مؤتمر صحافي مقتضب في 20 مايو (أيار) الماضي إن بلاده "ملتزمة العمل مع الأمم المتحدة لتوفير المساعدات الإنسانية والدعم لشعب غزة من أجل إعادة بناء القطاع بشراكة مع السلطات الفلسطينية لا مع حركة حماس".
ومنذ ذلك التصريح، تتنازع حركتَي "فتح" و"حماس"، على ملف إعادة إعمار غزة، إذ ترغب إسرائيل وأميركا ومصر، بتولّي السلطة الفلسطينية هذه المسؤولية، بخاصة أن تل أبيب وواشنطن تتهمان "حماس" بالاستفادة من أموال بناء القطاع واستغلاها لتطوير قدراتها العسكرية.

تأخير التنفيذ بسبب الخلافات

وفور انتهاء الجولة الأخيرة من القتال، أعلنت السلطة الفلسطينية جاهزيتها لإعادة بناء غزة، وشكلت فريقاً وطنياً يتولّى هذه المهمة، مؤلّفاً من ممثلين عن الوزارات الحكومية هناك إلى جانب شخصيات أخرى من القطاع الخاص والمنظمات الدولية، إلا أن الجهات الرسمية في غزة رفضت ذلك، معتبرةً أنها خطوة منفردة من دون شراكة حقيقية معها.

 امتناع السلطات التابعة لـ"حماس" عن التعامل مع الفريق الوطني لإعادة بناء غزة، عقّد الملف كثيراً، وبات من الصعب توصيل الأموال إلى المتضررين من القصف الإسرائيلي، ما يرتب تأخير تلك العملية.
وكان للحركة موقفان متناقضين، الأوّل أتى على لسان رئيسها في الخارج خالد مشعل، إذ قال "نفضل توجيه مساعدات إعادة إعمار غزة من الدول إلى قنواتنا مباشرة". أما الموقف الثاني، فجاء على لسان رئيسها في القطاع يحيى السنوار، الذي صرّح أن "الحركة ستفتح المجال أمام الدول الراغبة بالمشاركة في إعادة الإعمار من دون أن تأخذ دولاراً واحداً، بخاصة أن كتائب القسام (الجناح العسكري لـ"حماس") ليست بحاجة للأموال التي تأتي للإعمار"، متعهداً أن تكون العملية "نزيهة وشفافة".
 


وبالفعل، انعكست الخلافات السياسية على تولي الأمم المتحدة ملف إعادة البناء وتنفيذه. وتطرق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إلى تأخير عمليات إعمار غزة، مضيفاً أنه "من الواضح أن الوضع معقد للغاية ويأتي ضمن سياق سياسي، لكن على الرغم من ذلك لدينا أمل بأن تضمن الأطراف المعنية بدء العمل في بناء القطاع لمصلحة المدنيين الذين عانوا كثيراً، بعيداً من التجاذبات".

آلية الإعمار

على أي حال، فإن وضع ملف الإعمار في غزة ليس كما كان في الصراعات الفلسطينية - الإسرائيلية السابقة، التي كانت تشهد عند نهايتها عقد مؤتمر للمانحين للتبرّع لبناء القطاع من جديد، إلا أن هذه المرة لم يجرِ ذلك، واقتصر الأمر على وهب دول عربية مبالغ مالية لا يتجاوز مجموعها مليار دولار (مصر قدّمت حوالى 500 مليون دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبلغ عدد الوحدات السكنية المدمرة بشكل كامل نحو 1200 وحدة، وقرابة ألف منزل تضررت بشكل كبير وأصبحت غير صالحة للسكن، و40 ألف وحدة سكنية أخرى تضررت بشكل جزئي إلى طفيف. وتحتاج السلطات في غزة إلى حوالى 9 ملايين دولار لتدفع بدل إيجارات مساكن لكل المتضررين، حتى انتهاء عملية إعادة تأهيل مساكنهم بكلفة 1.1 مليار دولار أميركي، وفق بيانات وزارة الأشغال العامة والإسكان.
وحول طريقة سير ملف الإعمار، قال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان ناجي سرحان إن "العملية تمر بأربعة مراحل، الأولى هي الإغاثة السريعة والإنعاش المبكر (توفير مساكن مؤقتة للمتضررين)، ويتبعها تسجيل الأضرار وتقدير تكاليفها المالية، ثمّ إزالة الركام، والمرحلة الأخيرة إعادة البناء".

"حماس" ليست جهة حكومية
وبعد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، باتت عملية الإعمار تُنفّذ عن طريق مؤسسات الأمم المتحدة العاملة في القطاع، في مقدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، فيما تقوم الجهات الحكومية بحصر الأضرار وتسليم الكشوف إلى المنظمات الدولية التي بدورها تحدد قيمة الخسائر، وتدفع الأموال إلى المتضررين بالشراكة مع السلطات المحلية، وذلك لضمان عدم استفادة "حماس" من الأموال.
وعن الآلية المتبعة للمتضررين من جولة القتال الأخيرة، قال سرحان إنها "تتمثل في أن تدفع الدول المانحة الأموال عبر مكتب الأمم المتحدة وأونروا، بينما نحن نوفر قاعدة البيانات، ثمّ يجري التواصل مع المستفيدين مباشرةً ويتم الدفع لهم. دورنا يقتصر على عملية الحصر ولا علاقة لنا باستلام أموال أو تسليمها".
وتعتقد إسرائيل أنه بهذه الطريقة لا تستفيد "حماس" من أي أموال في تطوير قدراتها العسكرية، إذ توزَّع المبالغ عن طريق هيئة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى، ما يضمن عدم استلام الحركة أي شيء. وعلى الرغم من اتباع هذه الآلية، إلا أن إسرائيل وأميركا تتخوفان من استفادة الحركة من أموال الإعمار، وأوضح سرحان أن "الأمم المتحدة لا تتعامل بشكلٍ مباشر مع الحركة، إنما مع الجهات الحكومية، نافذة السلطة، ولديها ضمانات بعدم تدخلها بالعملية. ولو كان هناك تدخل في طبيعة عملنا، لرفض الرئيس الأميركي والجانب الإسرائيلي أن تتم العملية بإشراف من الجهة الدولية"، لافتاً إلى أن "الطرفين اختارا مؤسسات الأمم المتحدة لتأكدهم من شفافية ونزاهة العملية عبر الهيئة الأممية".
في المقابل، قال الناطق باسم "حماس" حماد الرقب إنهم معنيون أساساً باستفادة المتضررين من أموال الإعمار، من دون حصول الحركة على أي دولار منها، بخاصة أنها تملك مصادر تمويل "ولا تتطلع إلى الأموال التي تصل إلى الأشخاص الذين عانوا كثيراً جراء العدوان الإسرائيلي والحصار المفروض على غزة".

المزيد من الشرق الأوسط