تواجه الدنمارك أكبر موجة احتجاجات من قبل اللاجئين السوريين وصلت إلى حد الاعتصام أمام البرلمان في العاصمة كوبنهاغن على خلفية دراسة قدمتها الحكومة للبرلمان، تجيز لها نقل اللاجئين غير المقبولين والصادر بشأنهم قرار عودة ونقلهم إلى بلد ثالث.
احتجاجات متواصلة
واحتج الآلاف من السوريين اللاجئين حاملين شعارات تندد بقرار الترحيل وتطالب بثني الحكومة الدنماركية عن عزمها ترحيلهم من البلاد، لا سيما أنها بدأت فعلياً بالتواصل مع دول متعددة لاستضافتهم ونقلهم من أراضيها، وأول تلك الدول رواندا التي وقعت مع كوبنهاغن اتفاقية بهذا الشأن.
ويرى أحد منظمي الاعتصام أن الإقبال الواسع والتضامن مع المعتصمين بدأ يتسع عقب دراسة القرار الأخير "جاء اللاجئون إلى الدنمارك كملجأ من القهر وهرباً من رحى الحرب الدائرة في بلادنا، نرجوا أن لا تخيب هذه البلاد التي استضافتنا منذ البداية آمالنا".
وأضاف أن الاعتصام أمام البرلمان مستمر لتنفيذ المطالب، منذ 18 يوماً "بلغ عدد المتضررين من هذا القرار ما يناهز 900 من اللاجئين السوريين الذين وضعتهم دائرة الهجرة الدنماركية على قائمة الترحيل إلى دول جديدة"، وبذلك تحل الحكومة الدنماركية معضلة قرار سابق لها وهي ترحيل طالبي اللجوء إلى بلدهم بعد استقرار أمني في دمشق وريف العاصمة.
كما يقابل اللاجئون القرارات الصادرة باستياء عارم، ويعتقد مراقبون لشؤون اللاجئين أن الدنمارك هي أول دولة أوروبية تخل باتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، وهي طرف فيها، وأول دولة تلغي تصاريح إقامة لأكثر من 200 لاجئ سوري في الآونة الأخيرة.
إدانة وتبريرات الهجرة
في هذا الصدد، تواجه كوبنهاغن إدانة من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وهذا يترك بحسب المختص بشؤون الهجرة والمهاجرين، محمد الحجي، الكثير من الضغوط النفسية على اللاجئين خصوصاً أن تلك البلاد التي وصلوا إليها عبر قوارب الموت وقطعوا البحار والغابات الخطيرة ولمسافات شاسعة، كانت على الدوام تمثل حلماً وشط أمان لهم ولعائلاتهم.
وفي غضون ذلك، رفع المتظاهرون السوريون من طالبي اللجوء شعارات "سوريا ليست آمنة" في إشارة إلى عدم مقدرتهم على العودة إلى البلاد، لا سيما المعارضين للسلطة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الهجرة غير المشروعة والأمان
وتسعى الحكومة وعبر دائرة الهجرة لاستصدار مذكرة لاعتبار محافظتي الحسكة شمال شرقي سوريا وحلب شمال غربي مدينتين آمنتين، وهذا يخول الحكومة إعادة كل طالبي اللجوء كما فعلت مع قوائم من السوريين الذين وصلوا من ريف العاصمة دمشق.
من جانب متصل، ذكر المتحدث باسم الشؤون الخارجية، ماركوس كنوث، في تصريحات صحافية له، شارحاً أسباب هذه القرارت، "يجب تقييم الوضع باستمرار بهدف إعادة الأشخاص إلى ديارهم". وأضاف، "مع هزيمة (داعش) في معظم أنحاء سوريا لم يعد القتال مستمراً بالقدر نفسه".
وكانت وزارة الهجرة الدنماركية أفصحت عبر تقرير لها نشر في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، خلصت إلى أن دمشق وريفها قد أصبحتا أكثر أماناً مقارنة مع بقية المدن والمناطق.
في المقابل، يعلق لاجئون سوريون من المعتصمين أمام البرلمان الدنماركي عن عدم إمكانيتهم العودة، إلا بضمانات دولية وعودة آمنة لهم ولعائلاتهم، فبحسب وصفهم لا يزال الشمال السوري يعيش توترات أمنية وانعدام الاستقرار الأمني، إلى جانب الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد، والتي تدفع بالسوريين أنفسهم إلى التفكير بالرحيل لضعف الإمكانات والموارد المالية وبهدف تحسين حياتهم المعيشية.