Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة الدنماركية تقر البدء بترحيل اللاجئين السوريين

يسود القلق أوساط المتحدرين من دمشق وريفها بعدما صنفتهما كوبنهاغن ضمن "المنطقة الآمنة"

تعتبر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن التحسينات الأمنية الأخيرة في أجزاء من سوريا ليست جوهرية بما فيه الكفاية (أ ف ب)

يسود في أوساط اللاجئين السوريين المتحدرين من دمشق وريفها في الدنمارك، قلق حول مصيرهم المحتوم عقب إصدار الحكومة الدنماركية قرار ترحيلهم، بعدما فتحت ذراعيها للمهاجرين من سوريا إثر اندلاع النزاع المسلح، في حين بلغت حركة الهجرة إلى بلدان القارة العجوز ذروتها خلال عام 2015، بهدف العيش بسلام على أراضيها.

العودة القسرية وسوريا المستقرة

ومع إعلان وزير الهجرة الدنماركي ماتياس تسفاي سحب تصاريح 94 لاجئاً سورياً في الرابع من مارس (آذار) الماضي، إبان قرار وزارته توسيع رقعة "المنطقة الآمنة" في سوريا لتشمل محافظة ريف دمشق، تبدّلت أحوال لاجئين عاشوا لأكثر من خمس سنوات على أرض أوروبية لطالما حلموا أن يصلوا إليها.
في المقابل، يساور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة القلق، إذ قالت في بيان أصدرته في نيويورك أنها تعتبر "التحسينات الأمنية الأخيرة في أجزاء من سوريا ليست جوهرية بما فيه الكفاية، ومستقرة أو دائمة لتبرير إنهاء الحماية الدولية لأي مجموعة من اللاجئين"، مطالبةً بعدم إعادتهم قسراً إلى أي مكان في سوريا.

الحياة الجديدة وآلام الواقع

وأثار القرار الدنماركي أصداءً وصلت إلى حدّ وفاة رجل خمسيني بعد استلامه إخطاراً بالترحيل من دائرة الهجرة. وردّت أسرة المتوفى سبب النوبة القلبية إلى انزعاجه المفرط من الترحيل.
وأرسلت فتاة سورية تُدعى آية أبي ضاهر يوم الأربعاء 14 أبريل (نيسان) الحالي، رسالة إلى رئيس الحكومة الدنماركية، ميتي فريديكسن وصفت فيها حالتها المريبة، وهي تحتفي بعامها العشرين بينما في واقع الحال هي مهددة بالترحيل. وقالت "كنا نأمل في أن نصل إلى بلد إنساني وديمقراطي".
وتواجه الحكومة الدنماركية انتقادات واسعة قبل سنة من اتخاذ قرارها الجديد، وذلك إثر إرسالها بعثة إلى سوريا لاستقصاء حالة البلاد الأمنية ووجدت أنها ليست خطيرة، وأوصت بإعادة اللاجئين إلى بلادهم ليعيشوا حياة جديدة هناك.
في المقابل، رأى أحد المقيمين في الدنمارك أن الواقع معقد، وقال "يمكنك أن ترى في الأسرة الواحدة، مَن لديه إقامة دائمة أو مؤقتة، أو مَن مُنح الجنسية من الأطفال الذين ولِدوا في البلد. حقيقةً، الواقع كارثي في حال طُبِّق القرار لأنه سيعيد بعثرة وتشتيت الأسر، بعدما لُمّ الشمل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبها، تسعى الدنمارك للتخفيف من أعباء اللجوء، وقد سجلت انخفاضاً كبيراً بعدد المسجلين للجوء لنسبة 57 في المئة، وترغب بأن يستغل السوريون الاستراحة والسلام والكفاءات الممكنة المكتسبة في الدنمارك لبناء اللاجئين لوطنهم، بحسب ما وصفت رئيسة الحكومة ميتي فريديكسن.

وأعلنت في تصريحات صحافية "إذا كنت لاجئاً فهذا لأنك بحاجة إلى حماية، وهذه الحاجة اختفت لأنك لم تتعرض للاضطهاد الفردي أو لعدم وجود ظروف عامة تتطلب تلك الحماية"، مطالبة اللاجئين بالعودة إلى البلد التي لم تعد خطيرة كما كانت.

كما لفت وزير الهجرة ماتياس تسفاي في بيان صحافي له، إلى انخفاض نسبة اللجوء، وشكر سياسات الهجرة الصارمة في هذا الشأن، موضحاً أن الإجراءات أفضت نحو نسبة لجوء أقل، حيث سُجل ألف و547 طالب لجوء في العام المنصرم.

وبيّن تسفاي أن هذا الرقم أقل من عُشر العدد المسجل في عام 2015 عندما تقدم 21316 طالب لجوء مع أولى تدفق المهاجرين إلى أوروبا، "فالكثير من طالبي اللجوء لا يحتاجون على الإطلاق للحماية".

ويرى أن هذا الانخفاض في المجمل من شأنه أن يؤدي إلى إنفاق على معالجة الطلبات والإقامة والترحيل لمن تم رفض طلبات لجوئهم، ويعزز بالتالي مزيداً من الرفاهية في السكن للأشخاص المضطهدين في المناطق المحلية القريبة من مناطق النزاع في شمال سوريا.
القضية الإنسانية وعواقب العودة

إزاء ذلك، يواصل اللاجئون في الدنمارك المتحدرين من العاصمة السورية وريفها، مناشدة المنظمات الإنسانية والدولية علّها تلقى آذاناً مصغية وتثني كوبنهاغن عن قرارها.
وأعرب الحقوقي المتخصص في شؤون الهجرة إيهاب جمعة عن الأمل في أن تصغي الدنمارك إلى تلك النداءات، لا سيما أن "العودة إلى الأوطان في تلك الظروف ضربٌ من ضروب المستحيل، نظراً إلى ما يقاسيه السوريون في الداخل من تداعيات الحرب والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وغلاء المعيشة وشبه انعدام مقومات الحياة". ورأى جمعة أن "المجتمعات الدولية قادرة على تغيير القرار الصادر من الحكومة الدنماركية، إذ لا بُد من تأمين عودة آمنة لكل اللاجئين قبل تنفيذ قرار الترحيل"، مشيراً إلى أن "وزارة الهجرة الدنماركية درست قبل عام، 900 طلب للاجئين تنعم مدنهم في سوريا بالأمان".

كما صرّح أن "الاتجاه إلى الترحيل في الدنمارك هو الأول من نوعه لبلد أوروبي، كما وضعت الوزارة المختصة خطة لتنفيذ قرارها، إذ سيقيم اللاجئون ضمن مخيم خاص ولن تتم إعادتهم إلى سوريا مباشرةً، بينما تحرص الأحزاب اليمينية الدنماركية على تنفيذ قرار الترحيل، مع منح الحكومة دعماً مادياً لكل لاجئ يغادر طوعاً".

سدّ الطريق على لاجئين جدد

وكان سياسيون من الاشتراكيين في الدنمارك صوّتوا لصالح قرار الترحيل عام 2019 في حال كان الوضع آمناً في سوريا. ورأى متابعون أن الهدف هو سدّ الطريق على أي موجة لجوء جديدة، أو استقبال لاجئين جدد في المستقبل، وصولاً إلى منع أي لاجئ من التفكير بالدنمارك كدولة لجوء.

في المقابل، طالبت رئيسة المجلس الدنماركي للاجئين شالوت سلينتي بأن "تستمر بلادها في توفير الحماية للاجئين السوريين ومنحهم راحة البال التي يحتاجون إليها ليتمكّنوا من الاندماج وتثقيف أنفسهم والعمل". وأضافت في بيان "إعادة اللاجئين إلى دمشق أو أي مكان آخر في سوريا ليست آمنة، والوضع الحالي لا يعطي سبباً لسحب تصاريح الإقامة. عام 2020، سُحب 170 سورياً أو رُفض تمديد إقامتهم في الدنمارك من قبل دائرة الهجرة".
بالتوازي، يسعى مَن تقطّعت بهم سبل العيش ووجدوا في أوروبا حلماً في طريقه للتحقق، إلى توفير الأمان من خلال الحوافز لمنح الإقامة الدائمة أو الجنسية. إلا أن كابوس عودة وشيكة بات يطاردهم في الدنمارك اليوم. وتبقى لكوبنهاغن الكلمة الفصل في ذلك الملف.

المزيد من العالم العربي