Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عرض عسكري للجيش الليبي في الشرق يغضب خصومه في العاصمة

حذر حفتر مما اعتبره محاولات للالتفاف على العملية السياسية والاتفاقات المبرمة بين أطراف الأزمة

فسر حفتر أسباب العرض العسكري بأنه "يأتي لطمأنة الشعب الليبي" (مكتب إعلام الجيش الليبي)

لم يكن العرض العسكري الذي قامت به قوات الجيش الليبي في شرق البلاد، السبت 29 مايو (أيار)، عرضاً عادياً بالنظر إلى حجمه وتوقيته، بل كان بحسب مراقبين للمشهد الليبي، عرضاً محملاً بالرسائل التي تضيف مزيداً من الغموض على مستقبل الأزمة في البلاد، التي شهدت تقلبات كثيرة منذ أسابيع.

هذا العرض العسكري الذي أقيم لمناسبة الذكرى السابعة لانطلاق عملية الكرامة، التي نسق لها وأدارها قائد الجيش في الشرق المشير خليفة حفتر ضد المجموعات المسلحة في بنغازي، انقسمت الآراء حوله كالعادة في ليبيا، بين من اعتبر القوة العسكرية الضخمة التي شاركت فيه نواة صالحة لجيش موحد، وبين من عدّه استفزازاً غير مقبول وتهديداً حقيقياً لعملية السلام، خصوصاً في غرب البلاد.

رسائل كثيرة في كلمة حفتر

وفسر حفتر في كلمته أسباب العرض العسكري قائلاً إنه "يأتي لطمأنة الشعب الليبي بأن أمنه وسلامة أراضيه ومنشآته العامة والخاصة وثرواته الطبيعية، يحيط بها من كل جانب ضباط جيش وجنود ولاؤهم للبلاد أولاً".

وأضاف، "العرض العسكري للوحدات العسكرية الرمزية يمثل رسالة إلى الليبيين مفادها أن الجيش هزم الإرهاب وتصدى للغزو والاحتلال، وبنى نفسه بنفسه من العدم في أعقد الظروف وأقساها، لفرض الأمن وحماية البلاد والشعب الليبي".

وحذر حفتر مما اعتبره محاولات للالتفاف على العملية السياسية والاتفاقات المبرمة بين أطراف الأزمة الليبية. وقال، "رسالة القوات المسلحة مفادها أنها لن تتردد في خوض المعارك من جديد لفرض السلام بالقوة، إذا ما تمت عرقلته وفقاً للتسوية السلمية المتفق عليها".

واعتبر أن "دعوات الحل السياسي السلمي الذي تم السعي إليه حقناً للدماء ولخدمة الشعب الليبي وحماية نسيجه الاجتماعي سبّب وقف العمليات العسكرية للجيش"، لافتاً إلى أن "المهم الآن هو الالتزام بما ورد في الحل السياسي السلمي الذي أوقفت بموجبه القوات المسلحة حملتها لاستعادة العاصمة طرابلس بالقوة، وهو إخراج المرتزقة الأجانب والقوات الأجنبية من البلاد، وحل الجماعات المسلحة والتوزيع العادل للثروات".

وطالب "السلطة التنفيذية بإدارة شوؤن البلاد وتوفير الخدمات للمواطنين والعمل الجاد من دون مماطلة على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية المباشرة من قبل الشعب الليبي، من دون أن ينوب أحد عنه في تقرير مصيره".

ونفى الاتهامات الموجهة إليه من خصومه بأنه ضد السلام، معلناً أنه "يدعم المسار السلمي، ولكن إن عاد هؤلاء عادت القوات المسلحة"، مقدماً الاعتذار للمواطنين في ضواحي العاصمة طرابلس وفي المدن الأخرى التي شهدت معارك التحرير على خلفية الأضرار التي تعرضت لها ممتلكاتهم بسبب الحرب.

العرض يغضب الخصوم

وكما كان متوقعاً، استفز العرض العسكري الذي قام به الجيش الليبي في الشرق خصوم قائده في غرب ليبيا، وتوالت الاعتراضات عليه والتأويلات لدلالاته من أطراف بارزة في المشهد العاصمي، أولها مجلس الدولة الذي يترأسه خالد المشري، الذي يعد الشريك الرئيس في العملية السياسية مع مجلس النواب حالياً.

وفي بيان له تعليقاً على العرض، وصف المجلس الجيش الذي يقوده حفتر بأنه "ميليشيا خارجة عن القانون"، وقائده بأنه "مجرم حرب".

واعتبر المجلس أن "عملية الكرامة" التي أطلقها الجيش بقيادة حفتر في مايو 2014، والتي احتفل بها في هذا العرض، هي "محاولة آثمة غير شرعية تسعى للوصول إلى الحكم عبر الانقلابات العسكرية، ومدعومة من قوى إقليمية ودولية تحارب حلم التغيير في ليبيا والمنطقة العربية".

وتابع، "يلاحظ أنه كلما اقترب الليبييون من تسوية سياسية شاملة، ويكونون على أعتاب تجربة ديمقراطية جديدة، يظهر خليفة حفتر سلوكاً تصعيدياً وإشارات للتلويح بالقوة ولغة السلاح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالب البيان "المجلس الرئاسي بضرورة وضع حد لهذه الخروقات أو السلوكيات العدوانية، وأن يقوم بدوره المناط به في إرساء وقف إطلاق النار والشروع في توحيد المؤسسة العسكرية وفق عقيدة وطنية خالصة، تقوم على حفظ الحدود وصون الدستور والنأي بنفسها عن العملية السياسة".

ودعا مجلس الدولة "المجتمع الدولي للتخلي عما سماه سياسة الكيل بمكيالين، ورفع يده عن المشير حفتر، والعمل مع الأجسام الشرعية والسلطات الرسمية وحسب".

من جانبه، شن رئيس حزب "العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، محمد صوان، هجوماً على حفتر، مطالباً "المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة والمجتمع بتحمل مسؤولياتهما تجاه ما يقوم به حفتر من تصرفات تهدد بتقويض العملية السياسية".

وكتب صوان، في بيان مطول على مواقع التواصل الاجتماعي، "لقد بات واضحاً أنه في كل محطة تتجه فيها ليبيا إلى الاستقرار السياسي يتحرك حفتر وداعموه لتقويض الأوضاع"، واصفاً الاحتفال بالذكرى السابعة لعملية الكرامة وتحرير بنغازي بـ "أنه مجرد سلوك تعويضي مفضوح لن يحول الهزيمة والفشل إلى نصر".

واعتبر صوان العرض العسكري الذي قام به الجيش في الشرق "بداية جديدة للتمرد وتقويض للعملية السياسية، ومنع الحكومة من أداء مهماتها، وحشد للسلاح واستعراضات خارج إطار الشرعية المعترف بها محلياً ودولياً".

ومن أبرز الردود من الأطراف العسكرية المعارضة لحفتر، انتقاد آمر "غرفة عمليات سرت الجفرة"، إبراهيم بيت المال، الاستعراض العسكري، باعتباره استفزازاً لقواتهم العسكرية، قائلاً "نحن لن ترهبنا الاستعراضات الوهمية المستوردة، وسنحافظ على استقرار دولتنا المدنية، وفي الوقت نفسه سندافع عنها وبقوة ".

إشادات في الشرق

في المقابل، أبدت الأوساط السياسية الموالية لحفتر في بنغازي استغرابها من الهجوم الكبير الذي قوبل به العرض العسكري، معتبرين أن القوات التي شاركت فيه نواة يمكن الاعتماد عليها لتأسيس جيش موحد للبلاد خلال السنوات المقبلة.

عضو مجلس النواب زياد دغيم، هنأ حفتر، على ما وصفه بـ "العمل الوطني الكبير في بناء جيش نفتخر به، انتصر على الإرهاب والتطرف والفوضى".

ورأى دغيم في العرض العسكري "تحفيزاً لإجراء الانتخابات في موعدها"، موافقاً حفتر في دعوته إلى "انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب، وبرلمانية وفق وثيقة دستورية توافقية، تؤدي إلى خروج المرتزقة من البلاد".

أما عضو مجلس النواب عن مدينة الكفرة، النائب جبريل أوحيدة، فعلق على العرض العسكري بقوله، "مئات المليارات ذهبت هباء منثوراً لحسابات المجرمين، لم تبن جندياً واحداً، بينما بالقليل مما تحصلت عليه القيادة العامة بني جيش له ترتيبه العالمي".

المزيد من العالم العربي