على غرار العديد من الناس في مختلف أنحاء العالم، شاهدت بفزع كبير، قبل ما يقرب من اثني عشر شهراً، الصور المروعة التي تدفقت عبر العالم، للحظات الأخيرة في حياة جورج فلويد.
لقد أدى مقتله إلى إثارة الغضب وتحول إلى مرجعية للمحادثات الصعبة والحقائق المزعجة حول العرق والعنصرية في العديد من المجتمعات، وركز القسم الأعظم من هذه المحادثات على عمل الشرطة.
وباعتباري ضابطاً في الشرطة وشخصاً يعمل مع قادة الشرطة الأميركية على مسائل مثل تكتيكات تخفيف التصعيد، أعلم أن قوات الشرطة البريطانية تختلف تمام الاختلاف عن قوات الشرطة الأميركية. بيد أنني أعلم أيضاً أن مجتمعنا يملك مسائل خاصة به، وهذا يعني أن الناس يملكون تجارب مختلفة من الفرص والتمييز والنتائج في العديد من المؤسسات – بما في ذلك نظام العدالة الجنائية.
وفي لندن، تتمثل الأولويات الأكثر أهمية لدى شرطة العاصمة في معالجة العنف وزيادة مستويات الثقة (بالشرطة) لدى المجتمعات المحلية. لكن على الرغم من أن مستوى ثقة المجتمعات المحلية تجاه رجال الأمن مرتفع، فإن هذه الفئات لا تظهر كلها نفس مستوى الثقة بالشرطة. فأقل ثقة بالشرطة هم أهل لندن السود. وهذا شيء نعقد العزم على تغييره؛ فنحن واعون بأن المستويات الأدنى من الثقة قد تشكل حاجزاً يحول من دون الحفاظ على سلامة الناس.
إن الثقة مكتسبة، لكن التحديات التي واجهتنا في أعقاب مقتل جورج فلويد لاقت صدى واسع النطاق بيننا، تماماً كما حدث في أعقاب نشر التحقيق في مقتل ستيفن لورنس (شاب بريطاني أسود اغتاله أشخاص عنصريون بيض في 1993، عندما كان ينتظر حافلة المساء). فقبل تلك السنوات كان يطبق مصطلح "العنصرية المؤسساتية" على شرطة العاصمة.
وشكل مقتل ستيفن في ظروف عنصرية، والتقرير الذي أعقب ذلك، لحظة بالغة الأهمية دفعت شرطة العاصمة والمجتمع الأوسع إلى إلقاء نظرة فاحصة على أنفسهم في المرآة واستنتاج التغييرات المطلوبة. وهكذا قبل أكثر من 20 سنة، بدأت شرطة العاصمة رحلة لتحسين العلاقات مع المجتمعات المحلية واكتساب ثقتها– لا سيما المجتمعات المحلية المكونة من السود.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومما لا شك فيه أن شرطة العاصمة كانت قد أحرزت بحلول مقتل جورج فلويد تقدماً كبيراً حقاً، وعلى هذا النحو الإيجابي أصبحت مؤسسة الشرطة مختلفة تمام الاختلاف عما كانت عليه في السابق. بيد أنني كنت أدرك– وجميعنا يعلم ذلك– أن الحاجة لا تزال تدعو إلى مزيد من العمل.
منذ اثني عشر شهراً، ونحن ننظر إلى أنفسنا بشكل ناقد ونطرح أسئلة صعبة حول ما إذا كان تقدمنا يحدث بالسرعة المطلوبة وفي إطار واسع بالقدر الكافي. في الواقع لم يكن الأمر كذلك، فقمنا بإعادة تنشيط جهودنا. لقد شجعنا النقاشات حول تبادل الخبرات التي عاشها ضباط الشرطة وموظفونا السود ومجتمعاتنا المحلية المكونة من السود، حتى نتمكن من تحديد المزيد من المبادرات التي يمكننا القيام بها.
وخلال العام الماضي، كنت أتولى شخصياً قيادة فريق متخصص من الضباط، والعديد منهم من الأقليات العرقية، حيث يساعدوننا في تغيير طريقة تعاملنا مع العديد من الأمور، من بينها عملية التوقيف والبحث واستخدام القوة، وكيفية تدريب ضباطنا على أداء مهامهم. وهكذا نضع تجارب مجتمعاتنا الصغيرة وضباطنا وموظفينا من الأقليات العرقية في صميم ما نفعله ونستمع إليه. وأنا حقاً ممتن لهم لما قدموه من دعم لمساعدتنا في فهم الأمور والرد عليها.
ونعمل على إيجاد السبل لمساعدة عامة الناس كي يفهموا بشكل أفضل المهام التي نقوم بها، وذلك من خلال رؤية واقع عمل الشرطة ومساعدتنا في تحسين ما نقوم به.
ومن خلال جهودنا المستمرة في مجال التجنيد، يضمن السود والآسيويون والأقليات الإثنية من أهل لندن أن شرطة العاصمة أكثر تمثيلاً لمدينتنا من خلال الانضمام إلينا كضباط، ومساعدتنا في التغيير من الداخل إلى الخارج. ونريد أن نعجل بهذا أكثر.
وسيكون تدريب كل المجندين الجدد أفضل حتى يتسنى لهم أن يفهموا التاريخ الثقافي والاجتماعي للأماكن والأشخاص الذين سيحمونهم. كذلك أنشأنا فريق عمل لتحسين الاحتفاظ بالموظفين الحاليين من مختلف المجتمعات المحلية.
ولا نقوم بهذه الأمور لأن القيام بها صحيح من الناحية السياسية. نحن نفعل ذلك لأن مجتمعاتنا المحلية كلها تستحق خدمة شرطة تشعر أنها تنتمي إليها، وتخدمها وتعكسها– وهي الخدمة التي تحظى بثقتها الكاملة.
وأنا فخور بكيفية استجابة شرطة العاصمة على مدى السنة الماضية، فضلاً عن التقدم الذي حققناه قبل ذلك. وأنا فخور بهؤلاء الضباط والموظفين الذين أبدوا التعاطف مع بعضهم وإلى المجتمعات المحلية في مختلف أنحاء لندن، لا سيما أثناء الأوقات التي بدا فيها أن أشياء كثيرة تفرق بيننا. وأنا فخور بكيفية استماعنا إلى مجتمعاتنا المحلية وفهمنا لتاريخها والتحديات التي تواجهها. وأنا ممتن لكيفية عدم تردد أهل لندن في التقدم للمساعدة في تحسين أدائنا باستمرار. شكراً لكم على المساعدة. لقد كان مقتل جورج فلويد صادماً، ونحن مدينون للتركة التي خلفها لكي نواصل عملنا.
إنني أدرك أنه إذا وقعت حادثة واحدة لم نتصرف خلالها بشكل صحيح، فمن الممكن أن تقضي على كثير من المكتسبات التي نحققها باستمرار. فنحن نتحدى أنفسنا باستمرار، ولدينا مزيد من العمل، لكنني أعلم أنني أستطيع الاعتماد على الرجال والنساء في شرطة العاصمة وفي مجتمعات لندن المحلية للوصول بنا إلى النتيجة المطلوبة.
وبهذا نكون في وضع أفضل للحفاظ على أمن لندن وأهل لندن.
(يشغل السير ستيفن هاوس منصب نائب مفوض شرطة العاصمة)
© The Independent