Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدينة "الأبواب السبعة" إرث إندلسي يصارع من أجل البقاء في الجزائر

لكل باب قصة تروي فصلاً من تاريخ البلاد منذ الحقبة العثمانية

مرت مدينة البليدة بمرحلتين أولها مرحلة التأسيس التي كان للأندلسيين دور كبير فيها (اندبندنت عربية)

غنمت الجزائر، كغيرها من البلدان المغاربية، إرثاً حضارياً أندلسياً وعثمانياً خالصاً بعد سقوط غرناطة، آخر قلاع المسلمين في إسبانيا، سنة 1492، وضم الخلافة العثمانية للجزائر بعد "النجاح" الذي حققه الإخوة بربروس عروج وخير الدين في تأمين استتباب الأمن الداخلي من خلال رد العدوان الإسباني على المدن الساحلية مثل بجاية، ووهران، وشرشال، ما شجع عدداً من سكان الأندلس على الهجرة باتجاه شمال أفريقيا للمكوث والاستقرار بها.

مدينة البليدة (جنوب العاصمة) أو "الأبواب السبعة"، كما يحلو للبعض تسميتها، هي إحدى المدن التي روى الأندلسيون في كل زاوية منها حكايةً لفصل من تاريخها. فلا يمكن أن يمر زائر بأروقتها وشوارعها من دون أن يستشعر حضارة المدينة الضاربة في جذور التاريخ المغاربي.
ويعيد مؤرخون التاريخ الفعلي لتأسيس المدينة إلى قرابة 500 سنة، وتحديداً عام 1535، تاريخ نزول العالم سيدي أحمد الكبير، المعروف بسمعته الطيبة، رفقة وفود من الأندلسيين بشعبة الرحال بوادي الرمان بسهل "المتيجة"، حيث حط بهم المقام وشيدوا مدينة سموها "البليدة"، لا تزال إلى يومنا تحتفظ في أزقتها وبنيانها العمراني بطابع أندلسي وعثماني خاص.
وقال عمر ناجي، الباحث في التراث المحلي، إن مدينة البليدة مرت بمرحلتين، أولاهما مرحلة التأسيس التي كان للأندلسيين دور كبير فيها، موضحاً أن "الفضل في ذلك يرجع للشيخ سيدي الكبير، الخبير في شؤون الزراعة والفلاحة الذي استطاع أن يقنع الباشا خير الدين العثماني بالترخيص لاستقبال وفود الأندلسيين، ليبني لهم أحياءً خاصة بهم الأمر الذي سهل اندماجهم وجعلهم يقومون باستصلاح أراضيها الخصبة وزراعتها، ما أعطى للمدينة الحديثة وجهها البهي وتميزها عن باقي المدن، إلى أن أصبحت آهلة بالسكان، وانتعشت فيها التجارة، ما شجع الكثير من الأندلسيين على الاستقرار نهائياً فيها".

وأشار الباحث الجزائري إلى أن "تطور المدينة واستقطابها للمهاجرين من بلاد الأندلس جعلها محط عناية خاصة من قبل العثمانيين، الذين عمدوا في المرحلة الثانية من تأسيس المدينة إلى منحها نظاماً خاصاً، ترجم بإحاطتها بسور يتخلله سبعة أبواب مصنوعة من خشب ما زالت أسماؤها متداولة على الألسن".

لكل باب قصة

تشكلت الأبواب السبعة بشكل مدروس من قبل العثمانيين لتأمين الدخول إلى المدينة، حيث تم وضع باب رئيس لها أُطلق عليه اسم "الجزائر"، ويقع في مدخلها الشرقي. وسمي كذلك لأنه يطل على الطريق المؤدي إلى العاصمة.
أما ثاني باب فهو "باب الرحبة"، ويقع بين الكنيسة البروتستانتية، وحمام "المزالت"، أو ما يعرف بمدرسة كازناف، ويؤدي إلى سوق الحبوب أو المنطقة التي كانت رحبة وفضاءً مفتوحاً للتسوق، يستقطب سكان الجبل، القاطنين بضواحي المدينة، حيث تعرض مختلف المنتوجات والمحاصيل الزراعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


والباب الثالث هو "باب القبور" وموقعه في حديقة "بيزو" حالياً، وأخذ هذا الاسم نسبةً إلى مقبرة لغير المسلمين تقع بجواره. وفي مخرج المدينة غرباً نجد "باب السبت"، وسمي هكذا إذ يمر عبره البليديون (السكان المحليون)، ويتوجهون إلى السوق الأسبوعية في كل يوم سبت.
أما "باب الزاوية" الواقع قبالة مدخل شارع فلسطين (شارع ألكسندر الأول سابقاً)، فكان يعبر منه السكان إلى زاوية الولي الصالح "سيدي مجبر" بالبليدة. أما "باب الخويخة" فأصل تسميته تركي، أي "كويخة"، أو الباب الصغير، وهو معروف لدى القاطنين بالقرب منه فقط، في حين أن الباب السابع هو "باب القصبة" نسبةً إلى نبات "القصب الحر" الذي كان ينمو في ذلك المكان من المدينة.


إرث يصارع من أجل البقاء

لم تنجُ مدينة "الأبواب السبعة"، كغيرها من المدن الجزائرية، من محاولات طمس هوية سكانها، بدايةً من محاولات تغيير وجهها في الحقبة الاستعمارية الفرنسية (1830-1962). ويقول الباحث عمر ناجي، إن "مدينة البليدة تعرضت لمحاولة إزاحة آثار الوجود الإسباني والعثماني فيها، من خلال تحويل جامع بابا محمد بباب الدزاير إلى ثكنة للمشاة سنة 1840، لكن بعد استقلال الجزائر عام 1962 أعادت الحكومة للمدينة وجهها المشرق، من خلال المحافظة على بعض مكتسبات الحقبة الأندلسية - العثمانية".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات