Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حديقة الحامة رئة يتنفس من خلالها الجزائريون

صورت فيها مشاهد الفيلم العالمي طرزان عام 1938 وتضم نباتات نادرة وأشجاراً يفوق عمرها قرناً ونصف القرن

أزهار حديقة الحامة في العاصمة الجزائرية (اندبندنت عربية)

لا يُخيَّل لزائر حديقة الحامة في العاصمة الجزائرية بأنها في حي بلوزداد الشعبي المكتظ بالسكان والسيارات، فضجيج المدينة وحركتها لم تؤثرا على هدوئها وسكينتها التي تمنحها لمَن يطرقون أبوابها وهم بالآلاف يومياً، للهروب من الضغوط النفسية، وتقاسم لحظات جميلة مع الأصدقاء والأهل بين رِحابها.

متحف طبيعي

يُطلق عليها الجزائريون تسمية "جنة العاصمة"، فهي بمثابة الرئة التي يتنفس منها السكان هواءً نقياً، إذ تمتاز بمناخ معتدل. ومع أن درجة حرارة العاصمة تتراوح ما بين ست درجات شتاءً و38 درجة صيفاً، إلا أنها لا تنخفض في الحديقة عن 15 درجة في فصل الشتاء، ولا تزيد على 25 درجة أثناء الصيف.

وأسهم هذا المناخ الاستوائي في إنشاء المشاتل والبيوت البلاستيكية وحتى مربعات لزراعة الأزهار التجريبية، إضافة إلى الزراعة المخبرية التي يقصدها الباحثون وطلبة معهد الزراعة بعد تأسيس إدارة الحديقة مدرسة لتكوين البستانيين ومنشآت قاعدية أخرى.

شجرة اللبخ ولقطة طرزان

تتربع حديقة الحامة على 32 هكتاراً، ما صنفها الأولى أفريقياً والثالثة عالمياً من حيث المساحة والنباتات النادرة، وضمن أجمل خمس حدائق في العالم، وهو ما جعلها تحمل صِفة الأدغال، بشكل حفز القائمين على فيلم طرزان العالمي لتصوير أحد مشاهده في نسخته الأولى فوق شجرة اللبخ عام 1938.

وتقع الحامة قبالة خليج العاصمة، وتعود نشأتها بعد سنتين من الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830، لكن تصميماتها الحالية تعود إلى عام 1929 للمهندس المعماري الفرنسي رينييه.

وتحتوي الحديقة على أنواع نباتية من القارات الخمس، وكانت البداية بتلك التي جلبها الفرنسيون من مستعمراتهم في أفريقيا في ذلك الوقت، فقاموا بزراعتها في هذه الحديقة للتكيف مع مناخ البحر الأبيض المتوسط الذي يبعد عن الحديقة حوالى 200 متر تقريباً.


وتمزج الحديقة بتصميمها الفريد بين الطراز الفرنسي والإنجليزي، وتحوي 2500 نوع من النباتات وأشجار عمرها مئات السنين تفوق القرن والنصف وأكثر من 25 نوعاً من أشجار النخيل.

وتضُم أنواعاً عدة، كشجرة ورد يبلغ ارتفاعها 30 متراً وتعود إلى 100 سنة تقريباً، وأشجار نخيل من نوع البلميط وأشجار البيلسان العريقة التي قد ترتفع 30 متراً، إضافة إلى نبتة الكافور وشجر البامبو، فضلاً عن شجرة الجنكة (شجرة الكزبرة أو عشبة الذكاء)، وهي أحد أنواع الأشجار التي تتحمل التقلبات المناخية القاسية قروناً عدة.

خط مترو

إلى جانب ذلك، كانت الحديقة تُستعمل قديماً كمركز لتربية حيوانات أدغال أفريقيا، ودراسة تأقلمها مع المناخ قبل إرسالها إلى أوروبا، حيث يتشابه مناخ الشمال الجزائري مع المناخ الأوروبي، وتضم تمساحاً محنطاً يستقبل الزوار عند المدخل، بعدما عمّر 99 عاماً، إضافة إلى الدب الذي يقارب عمره 80 سنة، وفيها بحيرات مخصصة للأسماك، وأخرى خاصة بأنواع عدد من الطيور المائية، كالبط الأبيض والبط المكسوفي والبجع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحظى الحديقة بعناية خاصة من قبل فريق عمل يسهر على نظافتها والحفاظ على الأمن بداخلها، إلى جانب صيانتها وغرس النباتات والزهور، كما تنتشر لافتات مكتوب عليها "ممنوع الدوس على النباتات".

وافتقد الجزائريون هذا الفضاء الطبيعي في أعقاب إجراءات الغلق للوقاية من تفشي فيروس كورونا "كوفيد 19"، ما شكل حسرة لدى مرتاديها لما تمثله من أهمية كبيرة في قائمة الوجهات المفضلة للترفيه والاسترخاء، والدليل أنها استقطبت في أول يوم من إعادة فتحها، قُرابة عشرة آلاف زائر زحفوا إليها من كل مكان.

وفي الأيام العادية تستقبل الحديقة حوالى سبعة آلاف زائر في اليوم الواحد، ويساعد في تنقلهم خط المترو الذي يضم محطة عند المدخل الرئيس، ويضطر الأعوان لوقف بيع التذاكر مخافة إتلاف الغطاء النباتي أو الإضرار به.

"ملهمة المبدعين"

إلى ذلك، تضَع الإدارة العامة للحديقة مجموعة من التعليمات ينص عليها القانون الداخلي، وعلى المواطنين التقيّد بها من أجل الحفاظ عليها، كمنع دخول الدراجات أو استعمال الآلات الموسيقية، لأن المكان ليس فضاء للحفلات أو الترفيه، في حين تمنح تراخيص في حال إنجاز أعمال فنية كتصوير فيديو كليب مثلاً، شرط أخذ موافقة مسبقة من الإدارة.

الداخل إلى حديقة الحامة لا يمكن له إلا أن يصفها "بملهمة المبدعين"، إذ تعد ملجأ لمحبي مطالعة الكتب والتأليف. كما استطاع هذا المتحف الطبيعي أن يسحر بجماله رؤساء عدة من دول عربية وأجنبية، يصرون على التقاط صور تحت ظلال الأشجار وبين النباتات النادرة، ويقفون منبهرين بجمالها وما تحتوي من كنوز طبيعية بداخلها.  

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات