Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عن التوهجات الشمسية وماهيتها وأسبابها ومدى خطورتها علينا

يلحق النوع الضخم منها الضرر بجميع الرحلات الجوية وتكنولوجيا الاتصالات وأنظمة تحديد المواقع العالمية

منذ منتصف القرن التاسع عشر، رصد العلماء حدوث توهجات مفاجئة داخل الشمس (ناسا)

التوهجات الشمسية Solar flares  عبارة عن انفجارات هائلة من الطاقة المغناطيسية التي تنبعث من الشمس.

في غضون بضع دقائق فقط تبلغ تلك الدفقات الشديدة من الإشعاع ملايين الدرجات، ويمكن أن تكون آثارها مدمِّرة، كأن تتسبَّب في انقطاع التيار الكهربائي على الأرض، وتعرقل عمل الأقمار الاصطناعية.

ما هي التوهجات الشمسية؟

التوهجات الشمسية في الأساس انفجارات عملاقة تطرأ على سطح الشمس، مطلقة كمية من الطاقة تعادل ملايين القنابل النووية التي تنفجر في وقت متزامن. يدوم ذلك بين دقائق عدة وساعات، وعادة ما يرصدها العلماء عبر استخدام الأشعة السينية والضوء المرئي.

كذلك تمتدّ التوهجات الشمسية إلى الطبقة المحيطة بالشمس (منطقة وسطية بين الشمس والفضاء الخارجي) المعروفة باسم الهالة corona، التي تتكوَّن من غاز مخلخل (ضغطه أقل كثيراً من الضغط الجوي) تصل حرارته حتى مئة مليون درجة.

هل ثمة أنواع مختلفة من التوهجات الشمسية؟

يُصنِّف علماء الفلك التوهجات الشمسية إلى أربع فئات، تتراوح بين توهجات شمسية من المستوى "أي" A، تليها "بي" B، و"سي" C، و"اِم" M، وصولاً إلى "اِكس" X التي تعتبر أضخمها؛ وعلى غرار مقياس "ريكتر"، كل حرف (فئة) يفوق نظيره السابق بعشرة أضعاف، ما يعني أن التوهج من الفئة "اِم" أكبر بعشر مرات من الفئة "سي".

في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2020، رصدت الأقمار الاصطناعية أقوى توهّج تطلقه الشمس خلال أربع سنوات.

كم مرة تحدث التوهجات الشمسية؟

تحدث التوهجات الشمسية في أوقات مختلفة بناء على المرحلة التي وصلت إليها كرة الغاز المشتعلة من دورتها الشمسية، أي دورة النشاط الشمسي التي تمتدّ حوالى 11 سنة، علماً أن نجمتنا هذه تتحرك بشكل دوريّ من السكون إلى الحركة، ثم تعود إلى الهدوء.

تُعرف فترات النشاط تلك بـ"الطقس الشمسي" solar weather، ومع أن الخبراء انكبوا على مراقبة التغيرات الدورية في خواص الشمس طوال مئات السنين، ما زالت عملياتها والتأثيرات المترتبة عليها محاطة بغموض كبير.

في المرحلة الأقرب إلى الحد الأقصى للطاقة الشمسية، تطرأ توهجات شمسية كثيرة في اليوم عينه، أما خلال الحد الأدنى فتظهر التوهجات بمعدل مرة واحدة في الأسبوع.

التوهّج الشمسي الأول المسجَّل حدث في تاريخ 1 سبتمبر (أيلول) 1859، وقد رصده العالمان ريتشارد سي كارينغتون وريتشارد هودجسون.

ماذا عن أسباب التوهجات الشمسية؟

تحدث التوهجات الشمسية عندما تتشابك وتتفجّر خطوط المجال المغناطيسي الممتدة من البقع الشمسية، علماً أن الأخيرة هي المناطق الأشد دكنة وبرودة على سطح الشمس. على الرغم من كونها الجزء الأكثر برودة من الشمس، تبقى شديدة الحرارة وتصل حرارتها إلى 1800 درجة مئوية. على نحو مفاجئ، تتحرّر الطاقة المغناطيسية التي تكوَّنت في الغلاف الجوي للشمس، وتنبعث عبر الطيف الكهرومغناطيسي برمته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

هل تشكِّل خطراً علينا؟

في مقدور التوهجات الشمسية القوية أن ترسل سحباً ضخمة من مواد في حالة "بلازما" أو "الهَيُولى" (غاز أيوني) إلى الفضاء. تُعرف تلك الظاهرة بالانبعاث الكتلي الإكليلي" CMEs، وعندما تصطدم بالأرض تستطيع أن تتسبَّب بعواصف مغناطيسية أرضية (جيومغناطيسية) وشفق شديد. ولكن مع ذلك، لا يرتبط معظم "الانبعاثات الكتلية الإكليلية" بالتوهجات، كما تشير "وكالة الفضاء الأميركية" ESA.

يؤدي بعض أكبر التوهجات الشمسية من الفئة "إكس" إلى انقطاع التيارات اللاسلكية، بيد أنها تبقى نادرة جداً، بينما ينجم عن نظيرتها المتوسطة المستوى من الفئة "أم" انقطاع قصير للإرسال الراديوي.

في أوقات سابقة، أسفرت عواصف مغناطيسية أرضية كبيرة عن انقطاع في التيار الكهربائي وألحقت أضراراً بأقمار اصطناعية للاتصالات. يمكن أن تؤدي جزيئات الطاقة أيضاً إلى تعطل المعدات الإلكترونية، فضلاً عن أنها تشكل خطراً على رواد الفضاء، أو الركاب في الطائرات التي تحلق على ارتفاع عالٍ.

وفق وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، تسلك شركات الطيران سنوياً نحو سبعة آلاف و500 طريق قطبي، وعندما تعبر مسارات الرحلة إلى خطوط العرض حيث يتعذر استخدام الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، على طواقم الطيران استخدام الراديو العالي التردد للتواصل. ولكن في خضم بعض حوادث الطقس الفضائي space weather، يمكن أن تزيد كثافة الغاز المؤين وتؤثر سلباً في تلك الاتصالات اللاسلكية.

ومع ذلك، ثمة تحذيرات مما إذا كانت تلك الانبعاثات ستضرب الأرض. لا تؤثر التوهجات الشمسية في كوكبنا سوى عندما تحدث على جانب الشمس المواجه للكوكب؛ ذلك أنها تتكوَّن من جسيمات البروتون protons، وإذا أمكن للعلماء رؤيتها، في مقدورها عندئذ أن تؤدي إلى عواقب على الأرض.

علاوة على ذلك، يعمل المجال المغناطيسي للأرض كدرع توفر لها الحماية، وذلك عبر تشتيت الإشعاع الكوني ومنع معظمه من التأثير في سطح الكوكب.

ولكن مع ذلك، وفي ظلّ ازدياد التكنولوجيا، أصبح البشر أكثر عرضة لخطر التوهجات الشمسية عبر تأثيرات غير مباشرة.

مثلاً، في تصريح إلى "ناشيونال جيوغرافيك"، قال توم بوغدان من "مركز التنبؤ بطقس الفضاء" (SWPC): "تبقى في خطر التقنيات المتقِّدمة التي تشكّل عملياً كل جانب من جوانب حياتنا تقريباً".

في الواقع، تعتبر أنظمة تحديد المواقع العالمية والشبكة الكهربائية من أكبر المخاطر، إذ يمكن أن تؤدي الطاقة المرتفعة إلى تفجير المحولات، في حين أن استبدالها يستغرق وقتاً طويلاً وينطوي على تكلفة كبيرة- ولكن لا تتفاقم المشكلة إلا في حال تدّمر كثير منها في الوقت نفسه.

وذكر دانيال بيكر من "مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء" في "جامعة كولورادو" الأميركية: "لك أن تتخيل مدناً كبيرة من دون كهرباء طوال أسبوع، أو شهر، أو سنة. يُحتمل أن تتراوح الخسائر بين 1 إلى 2 تريليون دولار أميركي، ومن الوارد أن تبقى آثارها ملموسة لسنوات".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من علوم