Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذا ما تريده إسرائيل من استهداف المدنيين في غزة

أكثر من 300 غارة على القطاع في جولة تصعيد جديدة تعد محاولة لتحسين شروط الهدنة وفرض الإرادة على الطرف الآخر

صعّد الجيش الإسرائيلي من عدوانه على قطاع غزّة، وشنّ قصفاً جوياً ومدفعياً مكثّفاً على أجزاء متفرقة من القطاع، في حين ردّت الفصائل الفلسطينية على ذلك بقصف مستوطنات غلاف غزّة برشقات صاروخية، متوسطة وبعيدة المدى.

وأدى التصعيد الإسرائيلي المستمر لليوم الثالث على التوالي، إلى مقتل أكثر من 14 مواطناً، من بينهم سيدة وجنينها، ورضيعة أخرى من العائلة نفسها، في عامها الأول، وأصيب ما يزيد عن 95 آخرين، بحسب إحصاءات حديثة حصلت عليها "اندبندنت عربية" من وزارة الصحة في غزة، مقابل سقوط ثلاثة قتلى إسرائيليين جراء قصف الفصائل المستوطنات.

وهدّدت غرفة العمليات المشتركة للفصائل الفلسطينية بتوسيع دائرة ردها، على "العدوان الإسرائيلي"، ورفعت من جاهزيتها العسكرية، في حين أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجيش "بمواصلة هجماته بقوة" بحسب ما جاء في كلمته.

حصيلة العدوان

وأغارت طائرات الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة أكثر من 300 مرة، على مناطق متفرقة، استهدفت مباني سكنية، وسط أحياء مكتظة بالمدنيين، في تصعيد خطير ينذر بسقوط المزيد من الضحايا.

وبحسب دائرة التوثيق في المكتب الإعلامي الحكومي، فقد دُمرت عشر بنايات سكنية بالكامل، تضم ثلاث مؤسسات إعلامية، بالإضافة إلى استهداف أربعة منازل أخرى ومحيطها بالصواريخ، وقصف مسجد، وثلاث ورش حدادة وخراطة، كما تضرّر مئات المنازل في المنطقة المستهدفة.

وكذلك قصفت الطائرات 21 موقع تدريب وأكثر من 17 مرصداً يتبع للفصائل، واستهدفت سيارتين ودراجة نارية بشكل مباشر، وتضرّرت عشرات السيارات. هذا، وأغارت الطائرات على أكثر من 30 أرضاً زراعية واستهدفت عدداً غير محدد من المدارس.

البداية من النهاية

الجدير بالذكر أن "العدوان الإسرائيلي" على قطاع غزة في العام 2014، انتهى بقصف العمارات السكنية والأبراج المدنية، وهو ما فعلته إسرائيل خلال جولات التصعيد الأخيرة، وبدأت فيه هذه الجولة المستمرة.

وأثار استهداف المباني السكنية تخوّف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الذي اعتبر ذلك انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، وتحديداً المادة 52 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف الرابعة، والتي تنصّ على ألا تكون المراكز المدنية محلاً للهجوم، وأن تقتصر الهجمات على الأماكن العسكرية.

يقول المحلل السياسي ناجي الظاظا إن "استهداف المباني المدنية لا يشكل هدفاً عسكرياً إستراتيجياً، ولكن إسرائيل ترغب في زيادة معاناة الشعب الفلسطيني، وإطالة زمن الأسى لدى المواطنين، من أجل عودة الهدوء من دون دفع ثمن".

فيما يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر إبراهيم أبراش أن "إسرائيل قد تلجأ إلى نوعين من الاستهداف خلال جولتها في التصعيد على غزة، الأوّل، استهداف المباني السكنية، والثاني، اغتيال الشخصيات المدنية والسياسية". وهذا ما يظهر جلياً، إذ باشرت إسرائيل في قصف المباني السكنية المدنية، بحجة وجود مكاتب تابعة لحركتَي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" فيها.

وبيّن أبراش أن "إسرائيل تقوم بعدوان شامل على القطاع، من خلال الحرب النفسية والعسكرية والاقتصادية، وكلها خيوط مرتبطة ببعضها بعضاً"، مشيراً إلى أن "جولة التصعيد هذه، تعد محاولة لتحسين شروط الهدنة، لفرض الإرادة على الطرف الأخر".

فلس بنك الأهداف

يقول الخبير السياسي طلال عوكل إن "إسرائيل لا تريد إراقة الكثير من الدماء الفلسطينية للحفاظ على جمهور احتفالية (يورو فيجن) التي يُحضر لها في تل أبيب، لذلك ركزّت على استهداف المباني السكنية".

ورأى عوكل أن "إسرائيل تعتقد أن استهداف المباني السكنية، هو الأسلوب الذي أرغم الفصائل الفلسطينية على الموافقة على وقف إطلاق النار في العام 2014، لذلك لجأت إليه للضغط السريع على الفصائل، من أجل وقف الرشقات الصاروخية".

ولفت إلى أن "سياسة استهداف المنازل قد لا تشكل هذه المرة ضغطاً فعّالاً على الفصائل للموافقة على وقف إطلاق النار، من دون ثمن، ولذلك ستستمر إسرائيل في قصف البنايات السكنية". 

وأكد عوكل أن "استهداف المدنيين يشير إلى أن بنك الأهداف لدى الجيش الإسرائيلي فقير، لأنّ الغارات لم تكن على مناطق عسكرية وأمنية ومؤسساتية فصائلية".

تدمير اقتصادي

يوضح أستاذ العلوم الاقتصادية مازن العجلة، أن "تدمير المباني يُعد خسائر صافية لأصحاب المباني وتدميراً اقتصادياً شديداً، مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ويزيد من خسارة أصول الأموال لأصحاب المشاريع التجارية التي تعرضت للتدمير".

وبيّن العجلة أن "إسرائيل تعزز من الوضع الصعب الذي يعيشه السكان، من خلال تكبيد أكبر عدد من المواطنين خسائر فادحة، مشيراً إلى أن تعوضيهم عن الخسائر سيكون صعباً جداً، في ظل تنصّل العديد من المانحين عن دفع تعويضات للمواطنين المتضررين".

من ناحية أمنية، يقول أستاذ العلوم الأمنية هشام المغاري إن "إسرائيل تسعى إلى الضغط على المدنيين ليتشدّدوا في مطالبة الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق النار، كما يُقرأ سلوك التردّد في الضربات، خوفاً من الانجرار نحو تصعيدٍ واسع".

المزيد من الشرق الأوسط