Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أميركا تحيي ذكرى أسوأ مجزرة عنصرية في تاريخها بعد عقود من التكتم

شهدت مدينة تولسا في ولاية أوكلاهوما عام 1921 قتل عشرات الأميركيين – الأفارقة وتدمير ممتلكاتهم

عامل يركب لوحاً زجاجياً في كنيسة تاريخية للأفارقة بمدينة تولسا في ولاية أوكلاهوما الأميركية (أ ب)

يصادف خلال شهر مايو (أيار) الحالي، مرور 100 عام على المجزرة العرقية التي جرت في مدينة تولسا، الواقعة في ولاية أوكلاهوما الأميركية، والتي تعتبر على نطاق واسع أسوأ تمظهر للعنف العنصري في التاريخ الأميركي. إلا أن القصة الحقيقية حول ما حدث بالفعل في 31 مايو 1921 لم تظهر للضوء إلا أخيراً. ففي ذلك اليوم، هاجمت مجموعة من الغوغاء البيض في حي غرينوود في تولسا أوكلاهوما، إثر سريان شائعات عن اعتداء مراهق أسود على امرأة بيضاء.

وفي غضون 24 ساعة، أطلق المهاجمون النار بشكل عشوائي على المواطنين السود الأبرياء، وقتلوا عدداً كبيراً منهم. كما دمروا عشرات الشركات المملوكة للسود وكنائس ومنازل ومدارس. ويعتقد أن ما يصل إلى 300 شخص لقوا حتفهم في ذلك اليوم، لكن العدد الدقيق لا يزال غير واضح. ولم يتم اتهام أي شخص بارتكاب جريمة.

ويؤرخ البرفيسور سكوت إلسورث، المحاضر في قسم الدراسات الأفرو-أميركية والأفريقية بجامعة ميشيغان، لتلك القصة في كتابه الأخير، "حجر الأساس، مدينة أميركية وبحثها عن العدالة" (The Ground Breaking: An American City and Its Search for Justice")، كما يشرح بالتفصيل كيف تم التستر على المجزرة عن عمد لعقود.

وأضاء إلسورث في حوار أجراه مع الإعلامية تانيا ريفيرو من قناة "سي بي أس أن" الأميركية، على ما يُعتبَر على نطاق واسع أسوأ مذبحة عنصرية في تاريخ الولايات المتحدة.

وقال الكاتب في تعريفه عن موقع المجزرة، حي غرينوود، إنه "كان موطناً لنحو 10000 من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية. كان هناك صحيفتان وصالتان للسينما، إحداهما تستوعب 1000 شخص، والأخرى 750 شخصاً. وكان هناك أكثر من 30 مطعماً، وأكثر من 30 محل بقالة وأسواق لحوم، وعشرات الكنائس وأكثر من دزينة من الجراحين والأطباء مكاتبهم في غرينوود. كان هناك محامون سود ووكلاء عقارات وأطباء أسنان. وكان هناك مستشفى وفرع مكتبة عامة ومكتب بريد. كان مجتمعاً نابضاً بالحياة، وبالنسبة إلى عدد كبير من الأشخاص كان الحلم الأميركي يتحقق فعلاً لهؤلاء الأميركيين الأفارقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي معرض رده على سؤال حول الوقت الطويل الذي استغرقته قصة تلك المجزرة في الظهور إلى العلن وما إذا كان قد واجه تهديدات خلال عمله على كشف حقيقة ما حصل في تولسا، أجاب الأستاذ المحاضر في جامعة ميشيغان، "علمت بهذه الحادثة مذ كنت طفلاً تقريباً، إذ ولِدت وترعرعت في تولسا، وعندما كنت في العاشرة من عمري، كنت أسمع قصصاً يرويها كبار السن عما أُطلق عليه لاحقاً تسمية "الشغب العرقي"، ولكن لم أتمكن من معرفة الكثير عما جرى حينها. ولم أبدأ بالعمل فعلياً على الموضوع إلا حين أصبحت طالباً جامعياً في فترة السبعينيات. لم أتعرض شخصياً للتهديد مطلقاً، لكن لم يكن هذا هو الحال بالنسبة إلى مَن عملوا قبلي في هذا المجال. في الأربعينيات من القرن الماضي وحتى السبعينيات، تعرضت حياة باحثين للتهديد بسبب رغبتهم في البحث في هذا الأمر، والسبب في ذلك بصراحة، هو أنه منذ ما يقرب من نصف قرن في المجتمع الأبيض، تم التستر على قصة تلك المذبحة. وسُرقت السجلات الرسمية وأتلفت، وحُذفت المقالات من الصحف. ولم تذكر صحيفة تولسا اليومية الناطقة باسم مجتمع البيض، الحدث مطلقاً منذ ما يقرب من 50 عاماً. ومن المفارقات أنه في المجتمع الأفريقي - الأميركي لم تتم مناقشته بشكل علني أيضاً. ويحضر في ذهني الناجون من هذا الحدث المروع، إذ أتخيلهم مثل الناجين من المحرقة، كثيرون منهم لم يكونوا راغبين في مشاركة هذه الصدمة المروعة مع أطفالهم وأحفادهم. المؤرخ العظيم جون هوب فرانكلين قال ذات مرة عن تلك الحقبة، إن "تولسا فقدت إحساسها بالأمانة". واستمر ذلك التكتم لمدة 50 سنة".

وسألته المذيعة الأميركية عن المقابلات التي أجراها مع عشرات الناجين على مر السنين، ولا سيما أنه في الأسبوع الماضي أدلت ناجية من المجزرة تبلغ من العمر 107 أعوام بشهادتها في الكابيتول هيل، فهل بات الأميركيون الآن في مرحلة حيث يمكنهم كدولة معالجة هذا الأمر علناً؟ فأجاب، "آمل ذلك بكل تأكيد. ما زلت ألتقي أشخاصاً يقولون لي: لا أصدق أنني لم أسمع بهذه المجزرة من قبل. وأعتقد أن تلك القصة ستنال اهتماماً كبيراً في الأسبوع المقبل، لكن لا يزال لدينا الكثير من العمل للقيام به. الجميع خذل هؤلاء الناس. إذ لم يحاول جيرانهم قتلهم وتدمير منازلهم وشركاتهم فحسب، بل خذلتهم حكومة مدينتهم، وخذلتهم ولاية أوكلاهوما أيضاً، ولم تحقق الحكومة الفيدرالية أبداً في هذا الحادث المروع. كما خذلتهم شركات التأمين، إذ رفضت تسلم المطالبات المقدمة من قبل حاملي التأمين من الأميركيين الأفارقة. لذلك أعتقد أننا كمجتمع لدينا الكثير من العمل لنقوم به. نحن بحاجة إلى تصحيح ذلك، ليس فقط للناجين الثلاثة من المذبحة، ولكن أيضاً لأحفاد أي ناجٍ أيضاً".
ولدى سؤاله عما يعني ذلك التعويض، خصوصاً أن بعض أحفاد ضحايا المجزرة رفعوا دعاوى للحصول على نوع من التعويضات القانونية، قال إلسورث، إن "مدينة تولسا تستحق التقدير لدعمها عملنا في العثور على المقابر الجماعية. أعتقد أن تلك المجزرة ستصبح قضية وطنية. لا أستطيع أن أدعي أنني أعرف ما هو رقم التعويض الصحيح. لن أوكد أنه لن يكون كافياً (مقارنةً بحجم الخسارة)، لكن قبل 20 سنة، أتيحت لولاية أوكلاهوما فرصة لدفع شكل من أشكال التعويض المالي لنحو 150 ناجياً، لكنها أدارت ظهرها لذلك، وبدلاً من ذلك منحتهم ميداليات مطليةً بالذهب. أعتقد أنه يمكننا تحديد هوية الناجين الذين تعرضوا للمذبحة. أعتقد أنه يمكن إنشاء آليات لمعرفة مَن هم المتحدرون. ومهما كان المبلغ المحدد للتعويض لهم، فلن يكون كافياً. وأعتقد أن معالجة ذلك الملف في النهاية ستكون مسؤولية فيدرالية".

المزيد من دوليات