Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شركات أجنبية تلجأ إلى التحكيم الدولي ضد "سوناطراك" الجزائرية

كشف حجم الفساد في الشركة النفطية الحكومية ويؤكد سوء الإدارة الذي مس الاقتصاد على مر الحكومات المتعاقبة

شركة النفط الحكومية "سوناطراك" (وكالة الانباء الجزائرية)

عادت قضايا شركة النفط الحكومية "سوناطراك" لتصنع المشهد في الجزائر، وتثير المخاوف من ضياع ملايين الدولارات تحتاجها السلطات لمواجهة المشكلات التي تتخبط بها مختلف القطاعات، بعد أن لجأت بعض الجهات الاقتصادية والمالية الأجنبية إلى التحكيم الدولي لاستعادة ما تصفه بـ"الحقوق".

هرولة نحو التحكيم الدولي

وباشرت شركة "بيتروسيلتيك" البريطانية إجراءات رفع قضية تحكيم دولي ضد "سوناطراك" التي قامت منذ أسابيع، بفسخ عقد يجمع الطرفين في مشروع تطوير أحد الحقول الغازية في جنوب الجزائر، إذ أوضحت وسائل إعلام بريطانية، أن أنجيلو موسكوف، وهو رجل أعمال بلغاري مالك شركة "بيتروسيلتيك" التابعة لمجمع "ساني هيل"، يرى أن ما قامت به "سوناطراك" الجزائرية، غير قانوني، وهو بصدد استشارة عدد من مكاتب المحاماة حول القضية.

من جانبه، قرر مجمع "أو أش أل" الإسباني، رفع قضية تحكيم دولي ضد شركة "سوناطراك" لمطالبتها بالامتثال لاتفاقية شراء 49 في المئة من حصة شركة "فيرتيال" للأسمدة، التي يحوز عليها الطرف الإسباني بموجب اتفاق تم التوصل إليه في مارس (آذار) 2019، حيث أشار الموقع الاقتصادي المتخصص "إلإيكونوميستا" الإسباني، إلى أن مالك المجمع رجل الأعمال خوان ميغال فيارمير، لجأ إلى الغرفة الدولية للتجارة في باريس المتخصصة في التحكيم الدولي، من أجل الضغط على الشركة النفطية الجزائرية، على الرغم من أنه ترك باب الحوار مفتوحاً مع الحكومة الجزائرية لتسوية ودية للقضية، وأوضح أن المجمع الإسباني قدّر قيمة حصته بـ 129 مليون يورو، إضافة إلى 20 مليون يورو أرباح.

توضيحات "سوناطراك"

ومن أجل تقديم توضيحات بخصوص ما يجري مع الشركاء، سارعت إدارة الشركة البترولية الحكومية الجزائرية، إلى إصدار بيان جاء فيه أن "سوناطراك" مارست حقها في فسخ العقد مع "بيتروسيلتيك" بعد أن طلبت من دون جدوى، من الشركة البريطانية الامتثال لالتزاماتها التعاقدية، من منطلق أن الإنتاج في الحقل الغازي كان مبرمجاً في 2017، لكن ذلك لم يحدث.

وأضافت "سوناطراك" أن عملية فسخ العقد تمت باحترام تام لمضمونه، لا سيما البنود التي تعترف بهذا الحق، أي الحق في فسخ العقد، وهو إشارة واضحة لاستعداد الشركة لخوض معترك تحكيم دولي بكل ثقة، في ظل الإخلال الواضح لشركة "بيتروسلتيك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شكوك

في المقابل، لم يعلّق الطرف الجزائري على خطوة الشريك الإسباني، غير أن المحلل الاقتصادي، رابح واعلي، يعتبر أن مجمع "أو أش أل" يتحرك في دائرة "الابتزاز"، على اعتبار أنه على علاقة برجل الأعمال الجزائري علي حداد، الموجود بالسجن بتهم الفساد، وهو الذي كشفت تقارير أميركية وفرنسية عن طلب تقدم به لمجموعة أميركية من أجل الضغط على السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه، بعد أن دفع ما قيمته عشرة ملايين دولار، مضيفاً أن ما يقوم به المجمع الإسباني هو "ابتزاز" بين إطلاق سراح رجل الأعمال علي حداد، المقرب جداً من شقيق الرئيس السابق سعيد بوتفليقة، أو تحصيل حوالى 150 مليون يورو. وختم أن عدم تحرك "سوناطراك" قد يعود إلى مفاوضات مع الطرف الإسباني لحل النزاع ودياً، أو أن السلطات الجزائرية على علم ببطلان القضية وما يطالب به مجمع "أو أش أل" الذي يقصد التحكيم الدولي للمرة الثالثة.

حجم الفساد

ويكشف توالي لجوء الشركات الأجنبية إلى التحكيم الدولي ضد "سوناطراك" عن حجم الفساد الذي "تغلغل" في الشركة النفطية الحكومية، كما يؤكد سوء التسيير الذي مس الاقتصاد الجزائري على مر الحكومات المتعاقبة، إذ أبرز المحلل الاقتصادي رابح واعلي، أن ما تعيشه البلاد من ضعف يتحمله المسؤولون الفاسدون الذين جعلوا من شركة "سوناطراك البقرة الحلوب التي تطعم العالم وتفقّر الجزائريين"، وشدد على أن مداخيل البترول والغاز كان يمكن أن ترتقي بالجزائر والجزائريين إلى مصاف العالمية، غير أنه "وللأسف عاث بعض المسؤولين فساداً لدرجة أن البلاد باتت في وضعية أقل ما يقال عنها أنها كارثية على المستويات كافة".

سوابق مع الفضائح

وشهدت "سوناطراك" فضائح هزت سمعة الجزائر، ولعل أهمها ما يعرف في البلاد بقضية "سوناطراك1" و"سوناطراك2"، التي تميزت بقضايا فساد استغرب لها الرأي العام في الداخل والخارج، وهي مستمرة ولم تطوَ ملفاتها بعد.

كما كانت قضية الوقود المغشوش الذي تسلمه لبنان، إحدى أوجه الأزمات التي لازمت شركة "سوناطراك"، وهو الملف الذي شغل الصحافة والرأي العام ودفع بالمسؤولين في لبنان والجزائر إلى الإسراع بتوضيح ما جرى قبل فوات الأوان، حين أبرز الناطق باسم الرئاسة الجزائرية محمد السعيد، أن فضيحة الوقود المغشوش قضية لبنانية داخلية، والدولة الجزائرية غير متورطة وغير معنية، وأضاف أن الرئيس عبد المجيد تبون، أمر وزارة العدل بفتح تحقيق في ملابسات القضية، وإذا ثبت تورط أشخاص، فالقضاء سيحاسبهم، لكن المؤكد أن الدولة الجزائرية لا علاقة لها بالقضية.

هذا بالإضافة إلى صفقات "فساد" أبرمتها "سوناطراك" مع شركات أجنبية عدة، لم تفصل فيها المحاكم الجزائرية بشكل نهائي، وأهمها أربع شركات أجنبية تتهمها المحكمة بأنها حصلت على صفقات غير قانونية في الجزائر بقيمة تقارب مليار دولار، تورّط فيها 19 متهماً، بينهم كبار المسؤولين في شركة "سوناطراك".

المزيد من العالم العربي