Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سوناطراك" الجزائرية تحاول التبرؤ من شحنة الوقود المغشوش إلى لبنان

فرع الشركة العامة بلندن ينفي تورط موظف كبير في الملف

مقر سوناطراك في العاصمة الجزائرية (موقع الشركة)

في وقت تحاول شركة النفط الجزائرية الحكومية العملاقة "سوناطراك" إبعاد اسمها عن أي ملف جديد مرتبط بالفساد في سياق محاولاتها لاستعادة صورة "فخر النفط الجزائري"، بخاصة بعدما هزتها سلسلة فضائح مالية ودولية كبرى لا سيما في إيطاليا والولايات المتحدة، تفجّر ملف جديد على مستوى القضاء اللبناني مرفقاً بادعاءات عن ضلوع مسؤول كبير في "سوناطراك" في صفقة تتعلق بشحنة "وقود مغشوش".
 

تفاصيل القضية

وصمة عار تلاحق اسم الشركة الجزائرية للنفط لا تزال تداعياتها مستمرة إلى اليوم أمام المحكمة العليا، فبعد محاكمة "صورية" جرت قبل بضع سنوات أُبعدت عنها غالبية الأسماء الوازنة سياسياً في مرحلة "الجريمة المالية"، لا سيما وزير الطاقة السابق شكيب خليل، قررت السلطات الجزائرية بضغط من المؤسسة العسكرية العام الماضي، إعادة التحقيق في الفضيحة المالية وإدراجها للمحاكمة في تاريخ لاحق.
وبينما تحاول "سوناطراك" خوض تجربة "شفافية" جديدة، عبر تعيينات واسعة على مستوى الإدارة العامة والنواب الثمانية للمدير العام، فجّر القضاء اللبناني فضيحةً جديدة ذكّرت الجزائريين بـ"الفضيحة الأم"، التي تكشفت منذ سنوات انطلاقاً من قضاء مدينة ميلانو الإيطالية.
وبمجرد الكشف عن أولى تفاصيل فضيحة شحنة الوقود المغشوش إلى لبنان، انتقل الجدل سريعاً إلى مقر شركة النفط العملاقة في حي حيدرة في العاصمة الجزائرية، ما دفع الشركة إلى إصدار توضيحات فورية وتكليف فريق الشركة القضائي بمتابعة ما يجري داخل أسوار محكمة الاستئناف في جبل لبنان.

وبدأت القضية انطلاقاً من معلومات نقلتها صحف لبنانية عن أمر من النائب العام للمحكمة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، السبت، بإيداع 17 شخصاً الحبس المؤقت من بينهم مدير شركة "سوناطراك" في لبنان وعدد من موظفي ومسؤولي المنشآت النفطية على ذمة التحقيق معهم في قضية "زيت مغشوش للوقود (الفيول أويل)". 

ووجّه القضاء اللبناني تهماً تتعلق بحدوث "تلاعب كبير في عمليات الاستيراد ورشاوى قُدمت إلى عددٍ من كبار الموظفين" إثر تحقيق انطلق في القضية بناءً على الإخطار المقدم من قِبل المحامي وديع عقل، عضو المكتب السياسي في "التيار الوطني الحر" ​(حزب رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون)، الذي أفاد بدفع مبالغ مالية بالدولار​ من الخزينة العامة للدولة اللبنانية مقابل شراء "الفيول​ أويل" والمشتقات النفطية، تبين أنها غير مطابقة للموصفات، مع وجود شبهات في طريقة الاستيراد من الخارج ودفع رشاوى مقابل ذلك.
 

"وكيل حر وليس كادراً في الشركة"

"اندبندت عربية" تواصلت مع الإدارة الإعلامية لشركة النفط العملاقة التي تدير صادرات الجزائر من النفط والغاز، وتشكّل عوائدها 97 في المئة من مداخيل البلاد من العملة الصعبة، التي أحالتنا إلى بيان صحافي مكتوب صدر عن فرع المؤسسة في لندن "سوناطراك بيترولوم كوربورايشن" المعني بكل الصفقات مع وزارة المياه والكهرباء اللبنانية. وتنفي شركة "سوناطراك بيترولوم كوربورايشن" في البيان "بشكل قاطع" الخبر الذي تناقلته بعض الصحف ويفيد بضلوع موظف كبير في خلافٍ تدرسه العدالة اللبنانية. وتسرد الشركة في التوضيح أنها "تفند تماما الإدعاءات غير الصحيحة والكاذبة حول تورط موظف كبير بسوناطراك في هذه القضية، وتعلم أن الشخص الذي تم الاستماع إليه أمام العدالة اللبنانية هو وكيل بحري مستقل يعمل لحساب سوناطراك بيتروليوم كوربورايشن". وأضاف البيان أن "هذه القضية تتعلق بخلاف يعود إلى 30 مارس (آذار) الماضي، عندما أُّعلمت سوناطراك بيترولوم كوربورايشن من طرف زبونها وزارة الكهرباء والمياه اللبنانية بمشكل عملياتي يتعلق بعيب في نوعية إحدى الحمولات الأخيرة للوقود المسلَمة لمؤسسة كهرباء لبنان بتاريخ 25 مارس 2020".

ودخلت "سوناطراك بيترولوم كوربورايشن" ووزارة الكهرباء والمياه اللبنانية منذ ذلك الوقت، في حوار مستمر قصد محاولة إيجاد حل في أقرب وقت، ولا شك أن الوضعية ستسوى فعلياً ونهائياً عما قريب، نظراً إلى العلاقات المتميزة التي تربط الطرفين. كما أن الطرف الجزائري يحترم التزاماته التعاقدية في ما يخص التموين تجاه المؤسسة اللبنانية.
ويعود اتفاق فرع "سوناطراك بتروليوم كوربورايشن" مع الحكومة اللبنانية إلى عقد مؤرَخ في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 يقضي بتوفير وقود الديزل وزيت الوقود لمصلحة "مؤسسة كهرباء لبنان" التي تعمل تحت إشراف وزارة الطاقة والمياه اللبنانية، يتم من ذلك التاريخ تجديد العقد كل ثلاث سنوات. ويعتمد الفرع على شركات تجارية دولية عدة من أجل اقتناء أو تنفيذ عمليات التسليم لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان وفق العقد المبرم بين فرع سوناطراك والوزارة اللبنانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ملفات قديمة؟

في سجل مؤسسة "سوناطراك" خلافات دولية عدة، تم اللجوء في بعضها إلى تسويات ودية وتطورت أخرى إلى نزاعات دولية. وارتبطت ملفات فساد سابقة ببلدان غير عربية، إلا مرة واحدة ذُكر فيها اسم لبنان في سياق معطيات تتعلق بشركات وحسابات مالية مملوكة لأفراد من عائلة الرئيس المدير العام السابق للمؤسسة عبد المؤمن ولد قدور، لم يتسن التحقق منها.
هذا الاستنتاج بوجود علاقة افتراضية بالقضية الجديدة ومسؤول الشركة الجزائرية السابق، يشير إليه المحقق الصحافي الجزائري هابت حناشي، ويقول إن "تحقيقات قضائية في لبنان، كشفت قضية أخرى في الجزائر، قضية جديدة تخص سوناطراك، وفي قلب هذه القضية عبد المومن ولد قدور. والمؤلم أنه كان يمكن للرقابة أن توجد في كل مكان باستثناء سوناطراك. بعد أيام قليلة، سيكشف القضاء اللبناني كيف قام تجار النفط اللبنانيون بتوريد نفط ليس بالمواصفات المطلوبة، قيل إنه جزائري، وهو في الحقيقة ليس كذلك. ما فعله هذا الرجل وعرّابه الكبير شكيب خليل في حق الدولة الجزائرية لا يُغتفر ولا يُنسى".

وذكر الهواري بن معصومة، الناشط السابق في الجمعية الجزائرية لمكافحة الرشوة لـ"اندبندت عربية"، أن "القضاء اللبناني قد يضع يده على ملف مرتبط بممارسات قديمة ورثتها سوناطراك، لا سيما في ما يخص اختيار وكلائها في الخارج". وأضاف أن "الإدارة الجديدة للمؤسسة التي عُينت حديثاً من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مدعوة إلى متابعة تفاصيل هذا الملف وتبيان كل شيء يتعلق به للرأي العام. يعتقد الجزائريون أن مؤسسة سوناطراك كانت لعقود، القاعدة الخلفية لممارسات العصابة (مجموعة الحُكم في عهد بوتفليقة)، وأفراد من عائلاتهم وشركائهم في الخارج، وأي تهاون في متابعة هذه القضية سيضرب شعار محاربة المفسدين في الصميم".

المزيد من العالم العربي