Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن وميركل غير قادرين على الاتفاق في شأن اللقاح

أود أن أعرف لماذا لا تبذل بلادي مزيداً من الجهود؟

أميركيون ينتظرون في سياراتهم الدور لتلقي اللقاح في لوس أنجيليس (أ ب)

في غرفة الانتظار الصغيرة بعيادة طبيبي في زيورخ، تتناهى إلى مسمعي بوضوح زقزقة العصافير من خلال نافذة يغطيها ستار بعد أن تلقيت أخيراً أول جرعة من لقاح "موديرنا". واللقاح صنع في مصنع "موديرنا" في بازل السويسرية، ولكنه لم يكن متوفراً ومتاحاً أمامي قبل هذا الأسبوع لأن الولايات المتحدة لم تكن تصدر الكثير من اللقاحات. مرةً جديدة خلال هذه الجائحة، صنعت اللقاحات في مختبرات أوروبية وشحنت إلى أميركا للتعبئة قبل أن تمتنع الأخيرة من إعادة توريدها إلى البلدان الأوروبية التي تحتاج إليها أكثر منها في الوقت الحالي.

ونظراً إلى وضع مناعتي الذاتية، أدرجت في المجموعة "ب"، مما أتاح لي الحصول على جرعتي هذا الأسبوع قبل الكثيرين من أصدقائي من الفئة العمرية نفسها والذين يتحتم عليهم الانتظار حتى فصل الصيف، لكنني لم أكن سعيدة بذلك. وفيما خضعت حالتي للمراقبة من أجل رصد أي عوارض جانبية، شعرت بعوارض مفاجئة امتزج فيها الحزن مع الامتنان والشعور بالذنب. كوني مواطنة أميركية أعيش في أوروبا، أرخت "حرب اللقاحات" العالمية الحاصلة اليوم بثقلها علي. ومنذ أن تلقيت جرعتي، زاد خلاف كل من جو بايدن وأنغيلا ميركل أكثر فأكثر حول هذه المسألة.

تمنيت لو أن الولايات المتحدة تدعم رفع براءات الاختراع الدولية كما أعلن بايدن أخيراً، ولكن المقلب الآخر من النقاش، كما شرحته الدكتورة ميشيل ماك هاري-هيث، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة الابتكار بالتكنولوجيا الحيوية في أعقاب إعلان بايدن، فاقم التباس الأمور وصعوبة فهم المسألة. فأشارت ماك هاري-هيث ومواطنيها بأن رفع براءات الاختراع من شأنه ضرب استثمارات التكنولوجيا الحيوية المستقبلية عرض الحائط وتزويد معلومات لن تكون مفيدة للبلدان النامية على المدى البعيد. وكتبت ماك هاري-هيث في بيان أصدرته أن "منح الدول المحتاجة كتيب وصفة من دون المكونات والضمانات وفريق عمل ضخم لن يساعد الأشخاص الذين ينتظرون الحصول على اللقاح. كما أن منحهم برنامج عمل لبناء "مطبخ" يتطلب بناؤه في ظل ظروف مثلى عاماً على الأقل لن يساعدنا على وقف بروز متحورات جديدة خطيرة من فيروس كورونا." وأضافت قائلةً: "لعل البديل الأفضل هو التزام تعهد الرئيس [الأميركي] الذي أعلنه الأسبوع الماضي والمتعلق بجعل الولايات المتحدة "الترسانة العالمية للقاحات"، علماً بأن كل هذا يجافي المنطق في وقت علينا الوفاء بالتزامنا الحالي في برنامج التبرع العالمي للقاح "كوفاكس" Covax".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تنتابني مشاعر متضاربة. شأني شأن غالبية الأشخاص بمن فيهم السياسيون الذين يوجهون دفة بعض أقوى البلدان في العالم. تتكشف مشاهد مرعبة في الهند ويموت الأطفال في كارثة إنسانية في البرازيل فيما يعاني العالم من نقص في أسرة المستشفيات والأوكسجين وأجهزة التنفس والأدوية. وتحذر العديد من المنظمات على غرار برنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز UN Aids من حدوث "فصل عنصري عالمي وشيك في توزيع اللقاحات" بعد وقف مد موجة الحالات الطارئة الأساسية.

وعوضاً عن إلزام بعض الشركات على رفع براءات الاختراع العالمية، لماذا لا تشحن الولايات المتحدة المزيد من اللقاحات أو تشتريها للدول التي هي بأمس الحاجة إليها كالهند والبرازيل؟ ولماذا لا نحصل على اللقاحات مباشرةً للذين يحتاجون إليها كما تقترح ميركل؟ في هذا السياق، أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أخيراً إلى كيفية تمنع الولايات المتحدة عن تصدير اللقاحات بشكل واسع على خلاف أوروبا. وبحسب ميركل، من شأن رفع براءات الاختراع أن ترتب تداعيات خطيرة على مستقبل إنتاج اللقاح. وفي نهاية المطاف، يزود المستثمرون العلم بالمال لجني المال. فما السبيل إلى تمويل اللقاح القادم خلال الجائحة القادمة إن كان التزام بايدن الوحيد لتلقيح العالم يقتصر فحسب على التنازل عن براءات الاختراع؟

بعد تلقي الجرعة، شعرت بالغثيان [السوء] من فكرة أن أميركياً واحداً من أصل أربعة حاصل على امتياز تلقي اللقاح غير عازم على استخدامه. لعل هؤلاء الذين يفكرون في تلقي اللقاح أو عدمه يعتقدون أن ذلك سيمنح ضعف الجرعات لحملة Go Give للآخرين الذين يصطفون يائسين في طوابير للحصول على لقاح.

"عليك الجلوس هناك لمدة 15 دقيقة لكي نتأكد من أنك بخير"، قالت لي الممرضة.

لا لست بخير. الثقب في يدي أشبه بالأخدود، هو ثقب في العالم يسقط فيه ملايين الأشخاص.

يود البعض منا أن يزعم أن الأمر سينتهي بمجرد تلقي الجرعة. نود فعلاً أن نصدق بأننا لا نعاني عوارض جانبية. ننشر صورة سواعدنا المغطاة بالضمادات على "فيسبوك"، ونرفقها بعبارة: أجل فعلتها!

لقد نجونا! ونستعد للعودة إلى العمل. هل ما زال باستطاعتنا حجز الفنادق؟ هل شرعت "أبواب" الشواطئ؟ طالعتني هذه الأسئلة على "فيسبوك" بالتزامن مع أعداد الوفيات والحرائق في المستشفيات. الأمر يتخطى السريالية [يعصى الخيال].

عادت الممرضة إلى غرفة الانتظار وسألتني "كيف تشعرين؟".

أردت أن أجيبها "لست بخير، هل من علاج لوخذ الضمير؟".

يقول الناس إن النجاة تكتسب، ولكن جل ما فعلته خلال هذا العام هو البقاء ضمن جدران منزلي الأمن. لم تلحظ الممرضة عيناي اللتين اغرورقتا بالدموع، أو لعلها سبق أن شاهدت خلال العام الجاري الكثير من المشاعر في تلك الغرفة القاتمة، حيث هرع المرضى لدخولها خائفين.

في طريق الخروج، مررت بامرأة أعمال شقراء متأنقة. كانت تقهقه من خلال كمامتها كمن فاز بجائزة اليانصيب. شعرت بالسعادة من أجلها ومن أجل كل شخص حصل على فرصة اللقاح، ولكن، أثناء خروجي من المبنى، انهمرت دموعي. وصلت بصعوبة إلى سيارتي وذكريات الجائحة تطغى عليها جوقة زقزقة العصافير. قلت في نفسي إنه حري بي أن أشعر بالسرور والامتنان لسماعي الموسيقى، وحتى لتمتعي كذلك بكافة الآثار الجانبية. لن أنسى هذا العام ولا كافة الأشخاص الذين ما زالوا يعانون. وأدرك جيداً أنه بالنسبة للكثيرين في العالم، لم تنتهِ الحرب بعد، بل إنها بدأت للتو.

تنازلوا عن امتياز اللقاح من خلال التبرع به لحملة Go Give التابعة لمنظمة الصحة العالمية.

© The Independent

المزيد من آراء