Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتعاش قوي للتجارة العالمية بعد كورونا رغم المخاطر

تصاعد الحرب التجارية بين أميركا والصين يتحمل تكلفته المستثمرون والمستهلكون

على الرغم من المعوقات فإن مؤسسة موديز تتوقع استمرار تعافي التجارة العالمية (أ ف ب)

مع التوسع في توزيع لقاحات كورونا وإعادة فتح الاقتصادات تدريجاً في دول رئيسة، استعادت التجارة العالمية بعضاً من عافيتها، إلا أن المخاطر المتعلقة بعدم السيطرة الكاملة على الوباء والسياسات التي اعتمدتها دول عدة بسبب الأزمة الصحية العام الماضي واستمرار التوترات الجيوسياسية، ستحدّ من قوة وسرعة انتعاش التجارة العالمية.

وفي تقرير موسع، ذكرت مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني أنه "من المتوقع نمو التجارة العالمية هذا العام ما بين 7 و9 في المئة. لكن، حجمها لن يعود إلى ما كان عليه قبل كورونا إلا في 2022 أو بعده".

وكانت التجارة العالمية انكمشت بنسبة مماثلة تقريباً العام الماضي (9- في المئة)، بسبب الجائحة والإجراءات التي اتخذتها الحكومات حول العالم للحد من انتشار الوباء، وتضمنت إغلاق غالبية القطاعات الاقتصادية كلياً أو جزئياً.

وتوقع التقرير استمرار تعافي التجارة العالمية، على الرغم من المعوقات المتمثلة في عدم اليقين بالنسبة إلى كورونا والتوترات الجيوسياسية المختلفة التي تؤثر مباشرة، أو بشكل غير مباشر في حركة التجارة.

وذكر التقرير، "التوسع في توزيع اللقاحات والإجراءات التي تتخذها الحكومات تدعم التعافي الاقتصادي، وتزيد النشاط الصناعي، بالتالي انسياب التجارة. لكن تظل هناك مخاطر ظهور سلالات جديدة من الفيروس وموجات انتشار محتملة، بالتالي فرض قيود جديدة".

تباين التعافي

يشير التقرير إلى أنه نتيجة اختلاف درجات التعافي الاقتصادي بين دول العالم، لم يكن انتعاش التجارة العالمية القوي بالقدر الكافي للعودة إلى مستويات ما قبل كورونا في 2019. ومن خلال مجموعة كبيرة من الجداول والرسوم البيانية المأخوذة من مؤشرات التجارة المختلفة، تظهر الأرقام استمرار التعافي القوي في تدفقات التجارة في الاقتصادات المتقدمة، وتدعم هذا النمو الزيادة الواضحة في النشاط الصناعي في الاقتصادات المتقدمة.

وتشير البيانات كذلك إلى زيادة واضحة في النشاط الاقتصادي في الدول الثماني التي يستعرضها التقرير (الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا وكوريا الجنوبية وأستراليا)، وذلك على الرغم من موجات جديدة من الوباء في بعض تلك الدول واللجوء إلى إغلاقات جزئية. ويعزز ذلك ما تخلص إليه مؤسسة "موديز" من أن تبعات قيود الإغلاق هذه المرة ليست مؤثرة بالقدر الذي أدى إلى تضرر الاقتصاد في الربع الثاني من العام الماضي 2020.

مع ذلك، لا يستبعد التقرير احتمالات التراجع عن النمو القوي في حال استمرت معدلات الإصابة في الارتفاع أو مع انتشار سلالات جديدة من كورونا تعيق عملية السيطرة على الوباء.

أما في دول الاقتصادات الصاعدة، فيبدو التباين في التعافي الاقتصادي أكثر وضوحاً. مع ذلك، فإن الزيادة على الطلب في الاقتصادات الصاعدة مستمرة في دعم تعافي النشاط الاقتصادي، بالتالي مستويات التجارة.

وتشير الأرقام والبيانات من مؤشرات التجارة المختلفة إلى اختلاف واضح في معدلات النشاط الاقتصادي في الدول الثماني التي استعرضها التقرير (الصين والهند وروسيا والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا).

لكن كل المؤشرات في ارتفاع إجمالاً على الرغم من أن بعض تلك الدول يعاني بشدة الآن مواجهة موجة انتشار كبيرة للوباء، كالهند مثلاً. ويشير التقرير إلى أن بطء عملية التطعيم بلقاحات كورونا في دول الاقتصادات الصاعدة يمثّل خطراً على التعافي الاقتصادي، بالتالي على انتعاش التجارة.

أمّا بالنسبة إلى الدول النامية والفقيرة، فتشير البيانات إلى أن نمو التجارة فيها ما زال ضعيفاً. ويرجع ذلك إلى ضعف مستويات التطعيم، مقارنة بالوضع في الدول المتقدمة والصاعدة، إضافة إلى أن السياسات الحمائية في الدول الكبرى واستحواذها على القدر الأكبر من الإنتاج العالمي في مجال الأدوية واللقاحات يجعلان النمو والتعافي في الدول المنخفضة الدخل ضعيفين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحرب التجارية

يشير التقرير إلى أن أكبر المعوقات أمام التعافي القوي والسريع للتجارة العالمية هو الخلافات التجارية المستمرة، خصوصاً بين الصين والولايات المتحدة. وينوّه إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تبقِ فقط على العقوبات التي فرضتها سابقتها، إدارة الرئيس دونالد ترمب، على بكين بل أضافت إليها أيضاً. كما أعادت إدارة بايدن فرض رسوم تعريفة جمركية على منتجات دول أخرى، مثل رسوم صادرات الصلب والألمنيوم وغيرها.

كما أن انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة في تشديد العقوبات الاقتصادية على الصين وروسيا، وردّ البلدين بفرض قيود مقابلة، يزيد الضغوط السلبية على تعافي التجارة العالمية. وعلى الرغم من المفاوضات التجارية، وعودة الولايات المتحدة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، فإن استمرار حرب فرض الرسوم والتعريفة الجمركية وتقييد الصادرات تظل مخاطر تعيق التعافي القوي والسريع للتجارة العالمية.

ويعلّق التقرير بشكل غير مشجّع على دور منظمة التجارة العالمية، ويضيف: "تمكّنت منظمة التجارة العالمية أخيراً من تعيين مدير عام بعد فترة طويلة من البحث للاختيار. وستكون مهمة المديرة الجديدة ذات الأولوية هي حل مشكلة نقص لقاحات الفيروس. في الوقت ذاته، يظل نظام فض المنازعات في المنظمة شبه مشلول".

ومعروف أن الموقف الأميركي من آلية فض النزاعات في المنظمة لم يتغير في ظل إدارة بايدن عما كان عليه في ظل إدارة ترمب، ما يعني احتمال استمرار تعطيل الآلية.

ويضيف تقرير مؤسسة "موديز"، "ما زالت الرسوم والتعريفة الجمركية التي فرضت بين الصين والولايات المتحدة في 2018 و2019 معمولاً بها، بل أضيفت إليها عقوبات جديدة وقيود أخرى على التصدير. كما أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة تجاه بكين زادت من حدة التوتر بين البلدين".

ويخلص التقرير إلى أن "هناك أدلة قوية على أن المستوردين والمستهلكين الأميركيين هم من يتحمّلون العبء الأكبر من تكلفة فرض رسوم التعرفة بين الصين والولايات المتحدة".

وفي النهاية، يُتوقع أن تتراجع الضغوط على سلاسل التوريد في التجارة العالمية التي تضررت بشدة من أزمة كورونا، وذلك مع تعافي الاقتصاد العالمي تدريجاً. لكن السياسات الحكومية التي تروّج للحمائية والأولوية للمحلي، كما أن العقوبات الاقتصادية ستضيف إلى الاضطرابات في سلاسل التوريد، خصوصاً في الإمدادات الطبية والقطاعات الاستراتيجية. وستركّز الشركات على تنويع المورّدين ومصادر التوريد واسترتيجيات تعزيز المواد.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد