Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر بين حسابات "ارحلوا قبل رمضان" وبدائل السلطة

الحراك الشعبي... مطالب تحققت وأخرى جرى الالتفاف عليها

هناك نية لاستنزاف قوة المسيرات رهاناً على عامل الزمن (اندبندنت عربية)

من باب "السخرية والتنكيت" في الجمعة الثانية للمسيرات المليونية المطالبة بالتغيير الشامل للنظام، كان جزائريون في جمعة "الأول من مارس (آذار) يرفعون شعارات تطالب النظام الحاكم بالمغادرة قبل "حلول شهر رمضان المبارك"، وبقدر ما كان الشعار "عفوياً" بقدر ما بيّن أن جزءاً من السلطة القائمة بعد رحيل بوتفليقة، كانت ترغب فعلاً في ربح المزيد من الوقت باتجاه "رمضان" أملاً في عودة الجزائريين إلى بيوتهم.

وعشية الجمعة رقم 11 منذ بداية الحراك الشعبي في الجزائر، مطالب تحققت وأخرى جرى الالتفاف عليها، ويقول جزائريون، وإن كان اعتقاد البعض مع توالي جمعات الحراك في بداياته، أن هناك نية لـ "استنزاف" قوة المسيرات رهاناً على عامل الزمن، إذ بات ذلك الاعتقاد قريباً من الحقيقة باقتراب شهر رمضان.

وتشاء الصدف أن يواجه الجزائريون، محطة جديدة في عمر الحراك، والتي كانت في بداياته "مجالاً للتنكيت"، إذ يقول قطاع واسع من الجزائريين في هذا الباب، إن "لرمضان خصوصياته". ومع ذلك، فالكثير من الفاعلين في المسيرات الشعبية، لديه أمل في أن يتواصل الحراك إلى غاية تحقق جميع المطالب الشعبية، ولو استمر ذلك إلى ما بعد نهاية شهر رمضان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الكثير تحقق... لكن لا شيء تحقق في الوقت نفسه

كان تاريخ الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، نقطة فارقة في الحراك الشعبي، يوم استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، احتكاماً لنص المادة 102 من دستور البلاد، ويعتقد مراقبون أن ذلك أقصى ما حققه الحراك إلى غاية الأن، بتحول المشهد من سياسي إلى قضائي بامتياز.

وشكّل دخول المؤسسة العسكرية، على خط الأحداث بشكل كامل منذ ذلك التاريخ، منعرجاً لافتاً في حراك الجزائريين، إذ تبين بشكل تدريجي، حرص المؤسسة العسكرية على البقاء ضمن مسار الدستور، في حين طالب الحراك بمسار "انتقالي" يعتبره الجيش الجزائري "بوابة للفوضى تدفع إليه أطراف" يلمح إليها على أساس تحالف بين الفريق الرئاسي ومسؤول الاستخبارات السابق محمد مدين، بدعم فرنسي.

ويختلف الحراك الشعبي في وصف نتائج الجمعات العشرة الماضية، بين من يعتقد بتحقيق الكثير على الصعيد السياسي أولاً، ومنع ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، ثم وقف خطة تمديد ولايته الرابعة، وأخيراً دفعه للاستقالة، وصولاً إلى مسار قضائي قدم رجال أعمال وسياسيين من كبار المسؤولين أمام القضاء. أما الطرف الثاني، فيصف النتائج بـ "المعدومة" ما دامت المسيرات لم تحقق بعد مطلب "رحيل الجميع" بمن فيهم رئيس الدولة الحالي، عبد القادر بن صالح، والوزير الأول نور الدين بدوي وحكومته.

الجمعة 11 الأخيرة أم بداية نفس جديد؟

لا يوحي النبض الآتي من الشارع الجزائري، بتوقف المسيرات الشعبية في شهر رمضان أو غيره، إذ لاحظت "اندبندنت عربية" استعدادات كبيرة للجمعة رقم 11، بمطالب متجددة تقول برحيل النظام ورموزه وإلغاء موعد الرئاسيات المقررة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، كما يتوقع أن تتزايد الشعارات المناهضة للخيار الدستوري المدعوم من المؤسسة العسكرية، مع الاحتفاظ ببن صالح وبدوي معا".

الحوار مع من؟

ويقول الناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي عن مستقبل الحراك، إنه يسجل محطات بعد أخر خطابين لقيادة الأركان الثلثاء والأربعاء الماضيين، إذ جددت إعلانها مرافقة الحراك الشعبي وفي الوقت نفسه تحدثت عن الحوار، لكنه يتساءل "الحوار طريقة حضارية لحل كل المشاكل، لكننا في الوقت نفسه نسأل: الحوار مع من وكيف ولماذا؟ إذ منذ 22 فبراير (شباط) المطلب ظل واضحاً: رحيل النظام وكل رموزه".

وتابع "إذا كان الحوار مع رموز النظام أي رئيس الدولة ورئيس الحكومة، أقول إن الجزائريين قدموا جوابهم، لا حوار مع بقايا نظام بوتفليقة"، لأنهم "يعتبرون أن هؤلاء لا يملكون الصدقية للقيام بأي حوار".

ويرافع بوشاشي في النهاية، لخريطة طريق يقول بقدرتها على إعادة الجزائريين إلى بيوتهم مطمئنين "إذا كان الإخوة في الجيش يريدون حواراً حقيقياً وجب أن نتفق على خريطة طريق تحظى بإجماع"، وزاد "الجزائريون طالبوا بمرحلة انتقالية من شخصيات مقبولة مهمتهم وضع تشريعات مقبولة للانتخابات والمواعيد المقبلة"، كما نحتاج إلى "حكومة محايدة من فاعليات نزيهة"، وأيضاً إلى "لجنة مستقلة ونزيهة لمراقبة الانتخابات".

من هذا المنطلق، يتوقع أن يعيد الحراك "رسم إستراتيجيته" للاستمرار في الحضور على مستوى الشارع، إذ تتناقش مجموعات عدة إمكان تحويل المسيرات إلى الفترة الليلية ما بعد الإفطار، أو الاستمرار بالتوقيت نفسه بالمسيرات المعتادة، نهاية كل جمعة".

تنازلات محدودة بحسابات الزمن

منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في الثاني من أبريل الماضي، كان المقابل المعروض على الجزائريين، محاكمة "رؤوس العصابة"، إذ مثل الخميس المدير العام السابق للأمن الوطني عبد الغني هامل، للمرة الثانية أمام القضاء، الأولى أمام محكمة تيبازة في ملفات فساد بالولاية، والثانية أمام قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد في قضية "كوكايين وهران".

كما مثل الوزير الأول السابق أحمد أويحي مرة واحدة أمام وكيل الجمهورية بمحكمة سيدي أمحمد، وربما ثانية على مستوى المحكمة العليا قبل توجيه اتهامات إليه بتهمة "تبديد أموال عمومية".

عائلة "كونيناف" بدورها مثلت أمام القضاء بمحكمة سيدي أمحمد في قضايا فساد، وأحيلوا إلى السجن الموقت بالحراش، وكذلك رجل الأعمال أسعد ربراب (التصريح الكاذب في حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج)، ورجل الأعمال علي حداد الذي أوقف على الحدود الجزائرية التونسية مطلع مارس الماضي، وشملت القائمة أيضاً وزير المالية محمد لوكال كشاهد في قضية تبديد أموال عمومية.

واستدعت لجنة الشؤون القانونية بمجلس الأمة بدورها العضوين السابقين، جمال ولد عباس وسعيد بركات، للمثول أمامها بعد أسبوع من الآن، لبدء إجراءات رفع الحصانة تمهيداً لمحاكمتهما في قضايا فساد كبيرة. وولد عباس الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، ووزير لأكثر من 15 سنة في حكومات متتالية في فترة حكم بوتفليقة، وكذلك السعيد بركات كان وزيراً على رأس حقائب عدة، والتحقيق معهما يخص تبديد أموال في قطاع وزارة التضامن، إذ عُيّنا في فترات متباعدة على رأسها.

التضحية بـ "الباءات" تدريجاً

أما سياسياً، فقد جرت "التضحية" برئيس المجلس الدستوري السابق الطيب بلعيز "ثالث الباءات" التي طالب الحراك برحيلها، ويعتقد أن حسابات الزمن (قبل رمضان) كانت سبباً في "تقطير" تلك التنازلات، ليطرح التساؤل إن كان نور الدين بدوي، الحلقة المقبلة في سياق التغييرات قبل شهر رمضان، مع الحفاظ على عبد القادر بن صالح، ثم قياس شعارات الحراك من جديد.

وألغت الوزارة الأولى المؤتمر الإعلامي المعتاد كل أسبوع لوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة حسان رابحي من دون تحديد الأسباب، لذلك ظهرت تكهنات جديدة، تقول باحتمال استقالة الطاقم الوزاري الحالي، بوجود بدوي أو عدمه، ليكون "التنازل" السياسي الجديد، ما يشبه العرض القائل "خذوا بلعيز وبدوي ومكافحة الفساد واتركوا بن صالح يشتغل".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي