Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إزالة عبارة "صنع في تركيا" للتصدير إلى السعودية

شاويش أوغلو: "أنقرة مصممة على أخذ خطوات ضرورية إذا فشل الحوار في إنهاء المقاطعة"

مواطن سعودي يدقق في المنتوجات المعروضة بعد حملة مقاطعة المنتوجات التركية (رويترز)

في محاولة للالتفاف على المقاطعة الشعبية للمنتجات التركية، ابتكر تجار ودبلوماسيون أتراك طريقة للتصدير إلى السعودية، وذلك بإزالة عبارة "صنع في تركيا" عن السلع.

وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت الخميس الأول من أبريل (نيسان)، عن تجار ودبلوماسيين أتراك قولهم، إن المصنعين الأتراك اضطروا إلى الإنتاج في دول قريبة تسمح للمصدرين بالحصول على وثائق جمركية، وذلك بعد تراجع حركات التجارة إلى مستويات متدنية لم تشهدها من قبل.

وأشاروا إلى أن الإنتاج للدول القريبة يسمح للمصدرين إزالة عبارة "صنع في تركيا"، بما يسمح بتصديرها للسعودية سواء من المواد الغذائية أو الملابس أو غيرها من السلع.

خفض أسعار المنتجات التركية 

وحول هذا الأمر، كشف اقتصاديون سعوديون طرق التحايل التي مارسها التجار الأتراك للالتفاف على المقاطعة الشعبية، وتصدير منتجاتهم إلى السعودية، إذ قال عضو مجلس الشورى المحلل الاقتصادي والمصرفي فضل بن سعد البوعينين، هناك أكثر من طريقة لمحاولة الالتفاف على المقاطعة، ومنها تعديل بلد المنشأ على الصادرات بطريقة مخالفة للقوانين الدولية وتصديرها من دول قريبة لتركيا، أو الإنتاج من خلال تلك الدول للحصول على تصديق بلد المنشأ بصورة رسمية، ويمكن تسريب المنتجات التركية من بعض المناطق الحرة، ما يسمح بتغيير بلد المنشأ تحت ذريعة التصنيع في تلك المناطق.

وأضاف البو عينين أن خلق سوق سوداء يمكن أن يكون من الطرق المستخدمة التي يعتمدون فيها على خفض الأسعار والبيع في أسواق محلية قد لا تكترث، أو لا تعي متطلبات المقاطعة الشعبية.

وقال، "من أخطر طرق الالتفاف استغلال شبكات التوزيع المحلية لتغيير بلد المنشأ بعد دخول البضائع السوق المحلية. وتبقى المراهنة الأكبر على وعي وثقافة المستهلكين، إضافة إلى وطنية التجار والموزعين الذين يجب أن يكون لديهم موقف وطني حازم تجاه كل ما يهدد أمن البلاد واستقرارها".

المقاطعة الشعبية كانت مؤثرة

وأوضح فضل البو عينين أن المقاطعة الشعبية أثبتت قدرتها على التأثير المباشر في حجم واردات السلع الآتية من الدولة المستهدفة، مشيراً إلى أن المقاطعة الاقتصادية نوع من أنواع الاحتجاج الحضاري، وأضاف: "قد يتعارض إغلاق السوق المحلية أمام التدفقات التجارية مع قوانين منظمة التجارة العالمية، غير أن المواقف الشعبية قادرة على تشكيل قوة مؤثرة في الحد من تلك التدفقات، وربما وقفها نهائياً بسبب توقف المستهلكين عن الشراء".

وتابع "أجزم أن المقاطعة الشعبية للمنتجات التركية أحدثت أثراً بالغاً في التجارة البينية، إذ هوت صادرات أنقرة إلى الرياض في أول شهرين من العام الحالي بمعدل سنوي بلغ 93 في المئة لتصل إلى 38 مليون دولار. 

كما توقفت التدفقات الاستثمارية بشكل كلي، ولم تعد تركيا من الوجهات السياحية المفضلة للسائحين السعوديين، وبالتالي لم تقتصر المقاطعة على المنتجات بل تعدتها للاستثمارات والسفر والسياحة، ما جعلها أكثر تأثيراً على الاقتصاد التركي، فالسوق السعودية أكبر أسواق المنطقة وملاءة مستثمريها لا تقارن، كما أن إنفاق مواطنيها على السياحة من الأعلى عالمياً".

التحايل حتى مرور عاصفة المقاطعة 

وأشار البوعينين إلى أن تأثر السوق التركية بالمقاطعة، جعل شركاتها ومسؤوليها يبحثون عن طرق لإيصال المنتجات التركية إلى السوق السعودية من خلال التلاعب في بلد المنشأ، وهي حيلة تستخدم للالتفاف على العقوبات والمقاطعة بأنواعها، وأن محاولة الالتفاف على المقاطعة الشعبية من خلال الإنتاج من أسواق دول أخرى للحصول على توثيق بلد المنشأ، يزيد من تكاليف الشركات التركية في المراحل الأولى، إلا أنها تكاليف يمكن استيعابها حتى مرور العاصفة، وهي بالنسبة إليهم أقل ضرراً من توقف مصانعهم عن الإنتاج.

وذكر أن "للأسواق السوداء ثمناً أيضاً في الضغط على أسعار المنتجات لتسويقها تحت طمع انخفاض السعر، ما قد يقدم المكاسب الشخصية لبعض التجار والمستهلكين على المصالح الوطنية العليا. ويغري العمالة الوافدة للانخراط في هذه السوق بقصد خفض التكاليف والتكسب، خصوصاً وأن مصلحة وطننا تأتي في آخر أولوياتهم. وهذا يفرض التحرك العملي لمواجهة كل تلك الطرق من قبل جمعيات المجتمع المدني المعنية بالأسواق والمستهلكين، ومن قبل الناشطين والمؤثرين. بل وحتى من الجهات الرقابية التي يمكن أن تنظر لتلك الأعمال على أنها مخالفات يجرمها القانون".

وختم البوعينين تصريحه، أن المقاطعة الشعبية لتركيا يجب أن تستمر وتتطور من حيث آلياتها، فنتائجها الأولية تؤكد على أهمية المواطنين وتحركهم الشعبي لمعاقبة الدول التي تستهدف أمن السعودية واستقرارها، واتخاذ مواقف صارمة تجاهها بعيداً عن قيود القنوات الدبلوماسية والعلاقات الدولية.

نقل المنتجات بشكل خام غير معلب لوضع ملصق بلد آخر 

من جانبه، ذكر المستشار الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية سليمان العساف، أن تغيير بلد المنشأ هو أمر سهل جداً، فعادة تقوم الدول التي تريد أن تخفي بلد المنشأ من بضاعتها، بتصدير المنتج بشكل خام وليس معلباً، أي في حاويات ضخمة لبلد آخر، وهناك تتم تعبئته وتغليفه ووضع الأوراق عليه، والملصقات التي تثبت أن هذا البلد الجديد هو البلد المنتج له، بهدف إخفاء المصدر الأساسي .

التحايل قد يكلف التجار حتى 10 في المئة     

وقال العساف "بالطبع هناك كلفة إضافية تشمل النقل أولاً والتخزين وإعادة الصناعة والتغليف والتعبئة قد تتراوح بين سبعة وعشرة في المئة، بالإضافة إلى سعر المنتج، ولكن هذه الحركة أسهل من الخسارة وكساد السلع والسوق التركية، ولكن من السهل أن تكتشف الدول هذا الأمر إذا كانت حريصة على ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار العساف إلى أن "المقاطعة الشعبية للمنتجات التركية أحدثت أثراً كبيراً وضرراً على الاقتصاد التركي، لتنخفض مبيعاته بما يعادل 95 في المئة وهذا يعد أمراً ضخماً جداً، فهو أشبه بزلزال أو كارثة للدولة المصدرة، كما أن هناك مقاطعات من دول عربية أخرى كما تم في السعودية".

جريمة تجارية ومطالبات بالتحري والتدقيق

فيما طالب رجل الأعمال السعودي منذر آل الشيخ مبارك بعمليات بحث وتحر للبضائع التي تمرر عبر وسيط، منها بلغاريا وصربيا، معتبراً أن "ما حدث جريمة مكتملة الأركان، وذلك بأن تمرر بضاعة رديئة عبر وسطاء، فهي تعد جريمة تجارية".

وقال مبارك إن "المقاطعة التركية جعلت من علامة (صنع في تركيا) علامة مخزية تدل على أنها بضاعة رديئة لا تتشرف بوضع اسمها على السلعة وبات الخجل يعتريها"، مؤكداً أن "المقاطعة الشعبية مستمرة وأن السعوديين أذكى من التحايل التركي".
صربيا وبلغاريا تضع اللمسات النهائية

هذا وقد ذكرت "رويترز" في تقريرها عن التحايل التركي في بيع السلع للسعودية، أن مستوردا لمواد البناء إلى السعودية طلب عدم نشر اسمه "كشف عن سوق سوداء ينقل فيها سماسرة البضائع التركية إلى موانئ أخرى ويزيفون الوثائق حتى تبدو (السلع) كأنها آتية من الصين أو أوروبا مقابل عمولات".

وقال مسؤول آخر في شركة تجارية لـ"رويترز"، "بعض الشركات التي تعتمد على السعودية كزبون رئيس حولت خطوط إنتاجها من أجل مواصلة القدرة على البيع".

وقال شريف فايد رئيس المجلس التركي للملبوسات، إن المصنعين يقومون بإرسال الأقمشة إلى جهة أخرى مثل بلغاريا وصربيا "لوضع اللمسات النهائية" على البضائع المتجهة إلى السعودية.

وتابع "المصدرون يحاولون التغلب على الحصار، لكن هذا يعني تكاليف إضافية لهم".

انخفاض يفوق 90 في المئة في عام واحد

وعلى الرغم من أن المقاطعة لم تكن رسمية على المستوى الحكومي، إلا أن ثمة رجال أعمال سعوديين مؤثرين أعلنوا تأييدهم والمشاركة في الحملة مع المواطنين، وقالوا إنها رد على ما وصفوه "بعداء" أنقرة تجاه الرياض.

وجراء ذلك، أظهرت مراجعة لبيانات التجارة الرسمية أن صادرات تركيا إلى السعودية في أول شهرين من العام الحالي هوت بمعدل سنوي يبلغ 93 في المئة لتصل إلى 38 مليون دولار.

إضافة إلى ذلك، أكدت رابطة الصادرات التركية أن صادرات الأجهزة الإلكترونية والملبوسات والحلي والسيارات انخفضت كلها بما يفوق 90 في المئة عما كانت عليه قبل عام، وهو ما أدى إلى شكاوى من منظمات تجارية تركية ورجال أعمال للحكومة، لكن رد فعل الحكومة التركية كان هادئاً.

تبادل تصريحات رسمية

ولم يعلق مكتب التواصل الحكومي في الرياض على المقاطعة. وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قال في مقابلة في نوفمبر (تشرين الثاني) قبل بدء الانخفاض الحاد في حركة التجارة، إنه لا يوجد من البيانات ما يشير إلى المقاطعة.

لكن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو وصفها بـ"المقاطعة غير الرسمية"، وقال إن تركيا مصممة على "أخذ الخطوات الضرورية" إذا فشل الحوار والدبلوماسية في إنهاء "المقاطعة".

حيث بلغت الواردات التركية في آخر إحصاء 14.1 مليون ريال (3.76 مليون دولار) في يناير (كانون الثاني)، انخفاضاً من 50.6 مليون ريال (13 مليون دولار) في ديسمبر (كانون الأول)، ومن 622 مليون ريال (165 مليون دولار) في يناير 2020، وفقاً للهيئة العامة للإحصاء السعودية.

تركيا تسعى إلى تقريب المواقف

وسعت تركيا في الأشهر الماضية إلى تقريب المواقف مع جيرانها في العالم العربي، خصوصاً مع مصر والسعودية.

وكان رجال أعمال سعوديون قد دعوا خلال العام الماضي شركات التجزئة إلى التوقف عن استيراد المنتجات من تركيا، لتنطلق بعدها حملة مقاطعة غير رسمية على خلفية التوتر السياسي بين البلدين.

وعلى الرغم مما نقلته وكالة "بلومبيرغ" أخيراً عن تحركات بين الرياض وأنقرة نحو تحسين العلاقات، إلا أن الأرقام تشير إلى أن التوافق المنشود ليس قريباً.

إلى ذلك، أظهرت البيانات أن أنقرة تراجعت من المرتبة الحادية عشرة من حيث الواردات إلى السعودية في ديسمبر 2019، لتحتل المرتبة 58 في ديسمبر 2020.

المقاطعة الشعبية تشمل دولاً أخرى 

ولم تكن السعودية الدولة الوحيدة التي خفضت وارداتها التركية، فبحسب معهد الإحصاء التركي، قللت "مصر والجزائر والإمارات والمغرب" من الاعتماد على السلع التركية هي الأخرى، ما أدى إلى انخفاض بنسبة 15 في المئة خلال 2020، لتبلغ 30.3 مليار دولار.

وكان العراق الأكثر تراجعاً من حيث القيمة بنسبة 1.9 مليار دولار، أي بمعدل أحد عشر في المئة.

وأعلنت وزيرة التجارة التركية روهصان بكجان أن الحجم الإجمالي للصادرات التركية في 2020 بلغت 169.5 مليار دولار، على الرغم من الانكماش الاقتصادي وتراجع الطلب في بعض الأسواق العالمية بسبب جائحة كورونا.

المزيد من اقتصاد