Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اسطنبول بعيني كلب شارد في شريط "ضال" الوثائقي

نظرة مغايرة إلى الحياة الحضرية فيها تقدمها المخرجة إليزابيث لو بتنويعات تشمل أكل العظام واللهو والقتال والشمشمة

كاميرا فيلم "ضال" الوثائقي حلت بدلاً من عيني كلب في تأمل الحياة في اسطنبول (ديموفيز.أورغ)  

أخرجت إليزابيث لو فيلم "ضال" Stray ومدته 72 دقيقة. ونال تصنيفاً رقابياً بالسماح للمشاهدة لأعمار الـ18 سنة فما فوق. وعندما تنظر إلى مدينة بعيني كلب فإنها تبدو مختلفة تماماً. ويتتبع الشريط الوثائقي "ضال" Stray الجذاب بشكل مذهل للمخرجة إليزابيث لو، حياة كلاب الشوارع في اسطنبول التي تشمل نسيجاً ملوناً من مضغ العظام، والقتال المرح، والشمشمة. إن نجمة الفيلم "زيتون" كلبة هجينة رائعة ونبيلة، تمتلك عينين سوداوين شديدتي الحماس وحاجبين مقطبين. إنها بالضبط من ذلك النوع من الكلاب الذي يمكنكم تخيل أن ديوجين (المفكر اليوناني المعروف بأنه أسس مدرسة فكرية ميّزتها الاستهزاء المرير عُرِفَت باسم "المدرسة الكلبية") فكر فيه عندما ذهب إلى أن "البشر يعيشون بشكل مصطنع ومنافق، لكنهم سيُبلون بلاءً حسناً في معرفة الكلاب". واستطراداً، تُستخدم اقتباسات من ديوجين كعناوين فرعية تقسم العمل إلى ما يشبه الفصول، ولولاها لكان الفيلم فوضوياً إلى حد كبير ويفتقر إلى بنية واضحة.

في المقابل، يتجاوز فيلم المخرجة لو بكثير مجرد استغلال عواطفنا الطبيعية تجاه الكلاب. إذ يعد فيلم "ضال" عملاً إبداعياً فريداً من نوعه بكونه دراسة للمدينة بعيون الكلاب. وقد احتج المواطنون الأتراك بعدما حاولت الحكومة القضاء على الكلاب الضالة فيها. وصار من غير القانوني الآن قتل الكلاب الشريدة أو احتجازها. وعلى غرار وضعية القطط الضالة التي احتلت مركز البطولة في الشريط الوثائقي "كيدي" Kedi في 2016 ، شكلت الكلاب (في فيلم "ضال") مجتمعاً خاصاً بها وأنشأت مدينة داخل المدينة. إذ تعرف "زيتون" بشكل غريزي متى يمكنها عبور الطريق والمكان الذي تعثر فيه على أجود بقايا اللحوم. إنها تتعامل مع الكلاب الأخرى بما يشبه تعاملنا نحن مع الغرباء، متأرجحة باستمرار بين الشك والفضول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكذلك تتبعت المخرجة لو الكلبة "زيتون" إلى جانب نجمي العمل الآخرين "نزار" و"كارتال" على مدار عامين، وكسبت ثقتهم. تستطيع تثبيت كاميرتها على مسافة قريبة، متأملة وجوه الكلاب وهي تشمشم الهواء بفضول. وتقود "زيتون" المخرجةَ إلى أماكن مألوفة كالمقاهي والشواطئ ومواقع البناء، لكنها توجهها نحو تفاصيل أصغر وأقل وضوحاً.

وفي الشريط، نسمع مقتطفات صغيرة من الأحاديث الدائرة، ككلام مجموعة من الأصدقاء يبوح بعضهم إلى بعض بأشياء عن حياتهم العاطفية، أو حبيب غيور يعاتب شريكته. في مرحلة ما، تتسرب إلى مسامعنا أصوات صادرة عبر التلفزيون، إذ نسمع مذيع الأخبار يناقش توسيع سلطات الرئيس أردوغان. في وقت لاحق، نرى الكلاب تتجوّل في قلب مظاهرة نسوية.

لا يشتغل فيلم "ضال" على مجرد إظهار أمور قد يغفل عنها الآخرون فقط، لكنه يوضح لنا الأشياء التي يتجاهلونها باختيارهم. إذ تجد "زيتون" نفسها مع مجموعة من المراهقين المشردين واللاجئين السوريين الذين سقطوا من حسابات النظام، وباتوا الآن يعامَلون معاملة الأشباح في المكان الوحيد الذي يمكنهم حالياً إطلاق صفة الوطن عليه. إنهم يطورون ارتباطاً غريباً بالكلاب، لأنهم جميعاً يبحثون عن الضروريات الأساسية نفسها كبعض الطعام، وقليل من الدفء، ومكان ينامون فيه. ويُبعد الشباب الجرو الصغير "كارتال" عن أمه. ويبدو التصرف قاسياً في البداية، لكن سرعان ما يتضح سعيهم اليائس وراء رعاية كائن حي آخر، والتواصل معه.

© The Independent

المزيد من سينما