Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أين اختفت نعيمة سميح سيّدة الطرب المغربي؟

ابنها يقول إنها تركت عالم الغناء ولن تعود إلى جمهورها الكبير

المطربة نعيمة سميح نجمة الفن المغربي (صفحة المطربة على فيسبوك)

من حق محبي نعيمة سميح أن يتساءلوا باستمرار عن غيابها الذي قارب خمس سنوات. فسيدة الطرب المغربي لم تعد تشارك في حفلات الغناء، ولم تصدر عملاً جديداً، بل غابت عن الإذاعة والتلفزيون والصحافة بشكل عام.

كان آخر ظهور لها سنة 2016 ضمن تظاهرة "أصوات نسائية" في مدينة تطوان شمال المغرب، وبعدها غابت عن حفل تكريم لها برفقة الفنان الراحل محمود الإدريسي كان شعاره "ليلة وفاء". صرح ابنها شمس عقب تلك المناسبة بأن والدته تركت عالم الغناء، ولن تعود إليه من جديد، بل إنها قررت عدم الظهور. وكانت ترُوج أخبار عن وضعها الصحي، غير أنها كانت في أكثر من مناسبة تعلن عبر منصات التواصل أنها بصحة جيدة، وأن ما يروج عن حالتها الصحية محض إشاعات. وتعاني نعيمة سميح منذ بداياتها الفنية من مرض فقر الدم الذي أجبرها على مغادرة البلاد مراراً من أجل العلاج. غير أن عميدة الطرب المغربي ظلت تغني منذ عامها السادس عشر إلى أن تجاوزت الستين بعيدة عن ثقافة "البوز"، وحب الظهور عبر ترويج التفاصيل الشخصية، أو استدرار تعاطف الجمهور.

كوكب المغرب

تملك نعيمة سميح صوتاً فريداً، يتميز بتلك البحة الخاصة بها، التي تجعل المستمع يتعرف عليها من أول جملة. كما تملك قدرة رهيبة على تمثل المعنى، فيحس المتلقي بصدق الجملة الشعرية التي يتناغم مضمونها مع طريقة الأداء. فتلك التموجات الصوتية التي تصاحب نبرة الشجن عند نعيمة سميح كفيلة بأن تجعل الحمولة الدلالية للجملة أو للمقطع الغنائي تقع عند المتلقي موقعاً عميقاً ومؤثراً.

حتى في أغانيها الحزينة كانت تبعث البهجة في الكلمات. تكاد تكون أغنية "ياك أجرحي" هي أشهر عمل فني أدته في حياتها، حفظه محبوها وأعاد غناءه كثير من المطربين المغاربة والعرب. وثمة سبب جعل هذه الأغنية التراجيدية بالذات تقع موقعاً وجدانياً خاصاً لدى عشاق نعيمة سميح، فقد تزامنت إذاعة الأغنية مع فترة مرض سميح ولزومها الفراش إثر إصابتها بفقر الدم. تحكي الأغنية عن التعب من الحياة والشعور بالوهن ولوعة الفراق واعتبار الحب هو الدواء الوحيد للمرض. لذلك ظن محبوها أن الأغنية تصف حالتها. وقد تعمق لديهم الشعور بالتعاطف مع مطربتهم بالتالي ترسيخ مكانة أغنيتها تلك.

جعلت نعيمة سميح من الأغنية الوطنية عملاً وجدانياً قريباً من مشاعر الناس. فأغنية "البحارة"  التي أدتها سميح في بداية مشوارها الفني، التي تصف الملك الراحل الحسن الثاني بـ"القائد الهمام"، وتقف عند قضية الصحراء المغربية، لا تبدو للمتلقي أنها محصورة في خانة الأغاني المعدة للمناسبات الوطنية، أو في الأقل تبدو له مختلفة على نحو كبير عن باقي الأغاني الوطنية التي أدت وظيفتها في مرحلة معينة ثم اختفت. على العكس، مازال المذياع المغربي يبث هذه الأغنية ومازال محبو نعيمة سميح يستمعون إليها كما لو أنها أغنية حب خالدة.

سيرة وأعمال

ولدت نعيمة سميح سنة 1954، وبعد خمس سنوات من التعليم غادرت المدرسة، والتحقت وهي في عامها الثاني عشر بالمدرسة الوطنية للحلاقة، واشتغلت في هذا المجال إلى أن شاركت في برنامج إذاعي لاكتشاف المواهب الفنية كان يعده الإعلامي المعروف محمد البوعناني، ثم غنت أيضاً في برنامج آخر كان يقدمه عبد النبي الجراري الذي كان له الفضل في اكتشاف وبروز عديد من الأصوات المغربية التي ذاع صيتها داخل البلاد وخارجها.

 

لم يكن والد نعيمة سميح متحمساً لأن تلج ابنته عالم الغناء، كدأب معظم الآباء في تلك المرحلة. ولم يوافق إلا بعد تدخل أسماء كانت مركزاً في المجال الإعلامي، واشترط الأب أن تغني فقط الأغنية العصرية، وتحرص على اختيار شعراء وملحنين جيدين. لذلك تميزت أغاني سميح بجودة النصوص التي كتبها شعراء متمكنون في مجال الأغنية المغربية العصرية. ونستحضر على سبيل المثال أغنيتها الشهيرة "ياك أ جرحي" التي كتبها الراحل علي الحداني، و"أحلى صورة" و "دموع الكيّة" للشاعر مصطفى بغداد، و"رماني الريح" لفؤاد بوصفيحة، و"غاب عليّ الهلال" للشاعر أحمد الطيب لعلج، و"الحسن السامي" لإلهام سلاتي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دخلت نعيمة سميح عالم السينما باكراً، وغادرته سريعاً. فقد شاركت في الفيلم الاستعراضي "الدنيا نغم" لمخرجه اللبناني سمير الغصيني سنة 1978، غير أنها اقتنعت بأن موهبتها الأولى في صوتها، الصوت الذي سيملأ المغرب في جهاته الأربع على مدار خمسة عقود، وليمتد باكراً إلى المشرق العربي، فضلاً عن الدول المغاربية. 

سواء عادت إلى الغناء أو توقفت عنه، ستظل نعيمة سميح الصوت الأقوى والأجمل في تاريخ الأغنية المغربية، وستظل الاسم الأشهر والاسم الأقرب إلى قلوب المغاربة. فإذا كانت أم كلثوم هي كوكب الغناء في المشرق العربي فإن نعيمة سميح هي كوكب المغرب.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة