Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بطء عملية التلقيح ضد كورونا في لبنان وتساؤلات حول "الجرعة الثالثة"

وزارة الصحة تلوم الموردين... وتزايد المطالبة بفتح مجال الاستيراد أمام القطاع الخاص

نفت وزارة الصحة اللبنانية الطلب من المواطنين إجراء فحص المناعة بعد تناول الجرعة الثانية من اللقاح (اندبندنت عربية)

بين امتلاء أسرة العناية المكثفة في مستشفيات لبنان بمرضى كورونا، واستهتار شرائح واسعة من المواطنين بالإجراءات الوقائية، تسير عملية التلقيح ببطء ملحوظ. كما يتواصل تدفق الإشاعات والأخبار المضللة حول اللقاح وتأثيراته على سلوكيات الأفراد، ما يدفع البعض إلى الإحجام عن تسجيل أسمائهم على المنصة الإلكترونية الرسمية، بهدف الحصول على الجرعة الضرورية لوقف التفشي المجتمعي لجائحة كوفيد-19.
وزاد تساؤلات المواطنين، فحص المناعة (Anti Spike Protein) الذي تطلب بعض مراكز التلقيح في المستشفيات الخاصة من المرضى الخضوع له، ثم تضرب لهم موعداً على بطاقة التلقيح بعد شهر من الجرعة الثانية، الأمر الذي سبب تشويشاً فكرياً لدى المرضى وأهاليهم، لناحية هل هم بحاجة إلى جرعة ثالثة؟ أم أن الهدف من تلك الإجراءات هو تأمين عائدات مادية إضافية للمستشفيات؟
يؤكد رئيس قسم الإنعاش في "مستشفى الروم" ببيروت، جورج جوفلكيان، أن الإلزام بفحص الأجسام المضادة (Anti bodies) غير معتمد في كل المراكز، لأن رقم المضادات ليس شرطاً لاكتساب المناعة بالضرورة، واللقاح فعال في الحد من الإصابة بالمرض وانتشاره، مطالباً بـتوصيل "أي لقاح معتمد" إلى الناس، وتلقيح أكبر عدد منهم بأسرع فترة ممكنة، داعياً إلى السماح للقطاع الخاص باستيراد اللقاحات، نظراً إلى أضرار البطء بعمليات التلقيح. ويستشهد جوفلكيان بحالة الولايات المتحدة، حيث أدى تلقيح ثلث السكان بخفض الإصابات بنسبة 75 في المئة.

وزارة الصحة لا تعلم

في المقابل، ينفي محمد حيدر، مستشار وزير الصحة اللبناني حمد حسن، الطلب من الناس إجراء فحص المناعة Anti spike protein بعد إتمام تناول جرعتي اللقاح، لافتاً إلى أن "بطاقة وزارة الصحة" لا تتضمن هذا الفحص الإضافي، لأن الإرشادات تشير إلى اكتساب المناعة بعد أخذ الجرعتين"، واصفاً ذلك الإجراء بـ"التجاري" من قبل المستشفيات التي تطلبه، لأنه "علمياً غير مطلوب".
وتحدث حيدر عن "استغلال جهل الناس في هذا الموضوع، والإيحاء بأن هذا الفحص إلزامي من أجل بلوغ مرحلة المناعة"، موضحاً أن بعض المؤسسات تحقق أرباحاً إضافية من جهة، وتستغل هذه الفحوص في إجراء أبحاث ونشرها لاحقاً. وتابع حيدر "لم نسمح لأحد باستغلال اللقاح للتجارة، فهل نسمح باستغلال فحص المناعة بالتجارة؟"، واعداً بإصدار تعميم من الوزارة بذلك.

متى يصل اللقاح؟

من جهة أخرى، اعتبر مستشار وزير الصحة أن "التأخير في عمليات التلقيح ليست من مسؤولية الوزارة، لأن كل اللقاحات التي تصل إلى لبنان، تعطى إلى الناس، والسبب يعود إلى تأخير الموردين في تأمين حصة لبنان من ضمن 7 ملايين لقاح تم حجزها". أما عن وصول دفعة من لقاح "أسترازينيكا" إلى لبنان، فأوضح حيدر أنه "كان من المفترض وصول أول دفعة منه إلى لبنان في 15 مارس الحالي، إلا أن الشركة توقفت عن التوريد بعد الشبهات التي أثيرت حوله في أوروبا، ومن باب الاحتياط لعدم رد لبنان للجرعات المرسلة، لذلك تم تجميد الإرسال"، لافتاً إلى أن "لبنان لا يزال يريد هذه الجرعات التي ستصل الأسبوع المقبل".

أولويات ضمن الأولويات

وأدى بطء عملية التلقيح في تأخير عودة الطلاب إلى المدارس، كما ثارت احتجاجات إثر عدم حصول شريحة كبيرة من كبار السن على حقهم بلقاح "فايزر". وقال مواطنون إنهم سجلوا أهاليهم الذين تفوق أعمارهم الـ80 عاماً، إلا أنهم لم يحصلوا على الجرعة بعد، فيما يطالب أحد مرضى السرطان بمنح تلك الشريحة الأولوية في التلقيح لأن مناعتهم ضعيفة للغاية، منتقداً تجاوز الأولويات من خلال منح بعض غير المستحقين اللقاح على غرار ما حصل مع بعض النواب الذين حصلوا على اول جرعة قبل غيرهم وفي مبنى البرلمان، ما أثار عاصفة سخط شعبي. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث لا بد من الإشارة إلى شكوى "ذوي الاحتياجات الخاصة" الذين لم يحصلوا على لقاحاتهم بعد، بينما بلغ التهميش بحقهم منتهاه.

في هذا الشأن، قال مستشار وزير الصحة، إن "هناك ضمن أولويات الأولويات، لأن الكميات قليلة جداً، لذلك هناك حاجة إلى التجزئة، حيث تصل 30 ألف جرعة فقط من لقاح "فايزر" أسبوعياً إلى لبنان، وقد وصلنا إلى تلقيح 140 ألف شخص حتى الآن. وما زال هناك أفراد من القطاع الطبي دون لقاح. أما فيما يتعلق بالقطاع التربوي وإنقاذ العام الدراسي، فإن الأولوية هي لطلاب الشهادة الثانوية وأساتذتهم، من أجل استئناف الدراسة وإجراء امتحانات الشهادات الرسمية، وعدم الاكتفاء بمنح إفادات النجاح".
وأوضح حيدر أن "لقاح أسترازينيكا مخصص للفئة العمرية بين 55–65 عاماً، بينما يستمر تلقيح كبار السن بجرعات "فايزر". ويتوقع أن تسير عملية التلقيح بخطى أسرع من قبل مع وصول جرعات "أسترازينيكا"، وبدء القطاع الخاص باستيراد اللقاحات". ولفت حيدر إلى أن "لقاح موديرنا خاص بالولايات المتحدة، ولن يتم توريده إلى الخارج قبل منح 200 مليون جرعة في أميركا، لأن أبحاث تلك الشركة كانت مدعومة من الحكومة الأميركية، ونأمل باستيراده بعد توسيع إنتاجه في أوروبا". وكشف حيدر عن "تعهد القطاع الخاص بعدم استغلال اللقاحات، وأنه سيبيع اللقاحات إلى القطاعات الأخرى، كـ"جمعية الصناعيين"، و"جمعية المصارف"، و"شركة طيران الشرق الأوسط" وغيرها، حيث تدفع الجهة المستفيدة للشركة المستوردة ثمن اللقاحات، فيما يحصل عليها الموظفون مجاناً لمنع نشوء سوق سوداء للقاح".    

اللقاح هو الحل

وتلاحظ الباحثة بعلم الفيروسات والأمراض الوبائية، ندى ملحم، أن "الإصابات بفيروس كورونا في لبنان لم تتراجع بالنسبة المطلوبة، وكذلك إيجابية الفحوص التي تقدر بـ18 في المئة، وهذا يترافق مع الانتشار المجتمعي".

وفيما ينظر على نطاق واسع إلى اللقاح على أنه الحل الأمثل لوقف انتشار فيروس كورونا، أشارت ملحم إلى أن "اللقاحات ضرورية للسيطرة على المرض وحدته، للوصول إلى المناعة المجتمعية، إلا أن هذه اللقاحات ما زالت جديدة، ولا بد من مراقبة قدرتها على تأمين الحماية على المدى البعيد، وإمكانية تطوير المناعة المجتمعية". ولفتت إلى أن "الجرعات الموزعة حول العالم، لم تصل إلى المستوى المطلوب بعد، بالإضافة إلى التفاوت بين الدول الغنية والفقيرة".

وذكرت ملحم بضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية، واعتماد الكمامات إلى حين بلوغ مرحلة "مناعة القطيع"، أو ما يعادل 80 في المئة من تلقيح الأفراد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الجرعة الثالثة ممكنة

في سياق متصل، تصاعد في الأيام القليلة الماضية، الحديث حول الحاجة إلى جرعة ثالثة من لقاح "فايزر"، بينما ظهر اعتقاد أن الإصابة بكورونا تغني عن جرعة من جرعات اللقاح. وقالت ملحم في معرض إجابتها عن تلك التساؤلات، إن "هناك دراسات حول الجرعة الثالثة في الولايات المتحدة، إذ بدأت شركة "فايزر" بإجراء تجارب سريرية للتحقق من تأثير هذه الجرعة على المناعة البشرية، إلا أنه من المبكر الحديث عن ذلك حالياً".
وقالت ملحم إن "الحديث عن جرعة ثالثة أو "جرعة تذكيرية" (Booster)، يظهر عندما نجد أن الاستجابة المناعية تنحدر مع مرور الوقت. لذلك، فإن هذه الجرعة قد تكون حاجة بهدف الحفاظ على استجابة مناعية مرتفعة، وللحد من بروز سلالات متحورة جديدة من الفيروس".
أما في ما يتصل بالإصابة واعتبارها جرعة من جرعات اللقاح، فتوضح ملحم هذه المسألة قائلةً إن "الدراسات تشير إلى أن الاستجابة المناعية بعد الإصابة بفيروس كورونا، تتراوح بين ثلاثة وسبعة أشهر، لذلك يمكن تأجيل تلقيح الذين أصيبوا لمدة ثلاثة أشهر من باب الاحتياط والوقاية، إلا أن الإصابة لا تعد بديلاً عن اللقاح".
وتابعت أنه "بالنسبة إلى اعتبار اللقاح المضاد لكورونا "لقاحاً موسمياً"، فإن الأمر ما زال مبكراً للتأكيد على هذه المسألة، لأن عملية التلقيح بدأت منذ ثلاثة أشهر فقط، مع وجود إمكانية كبيرة لذلك. ولا بد من الانتظار لبعض الوقت للتأكد من قدرة اللقاحات على السيطرة على فيروس كورونا والسلالات المتحورة الجديدة، والعكس صحيح، لأننا ما زلنا في مرحلة الإستخدام الطارئ".
ورفضت ملحم الخوض في نظريات "المستقبل الوبائي القاتم للبشرية"، "لأننا أمام لقاحات تحاول السيطرة على الانتشار الوبائي. وفي مجال الأمراض الجرثومية، يبقى ظهور فيروسات جديدة مسببة للأوبئة أمراً حاضراً وواقعاً. من هنا، نرى أن الأمر الأكثر أهمية هو أن نتعلم من فيروس كورونا، وأن نستخرج سياسات دولية ملائمة للاستجابة السريعة والطارئة لمواجهة الكوارث والأوبئة، تمهيداً للخروج من الإجراءات المربكة على مختلف المستويات السياسية والصحية والاقتصادية".

اللقاحات بأساليب مختلفة

في السياق ذاته، تتبع اللقاحات بروتوكولات مختلفة، فمن جهة يمكن الحديث عن "فايزر بيونتيك"، و"موديرنا"، ومن جهة ثانية هناك "سبوتنيك في" و"أكسفورد أسترازينيكا". تتبع المجموعة الأولى أسلوب "آر أن إيه ميسينجر" (messenger RNA)، الذي يدخل إلى الجسم على شكل رمز تقرؤه الخلايا الجسمية، وتحوله إلى بروتين سبايك (spike)، الذي يتعرف عليه الجسم كجسم غريب، ويطور استجابة مناعية ضده.
في المقابل، يعمل لقاحا المجموعة الثانية وفق نهج آخر، يعتمد على فيروس حامل لأجزاء من كوفيد-19 الذي عندما يدخل الجسم يؤدي إلى تطوير البروتين سبايك (spike protein)، ومن ثم تتم الاستجابة المناعية. أما الفارق بين "سبوتنيك في" و"أكسفورد أسترازينيكا" فهو أن مصدر الفيروس (Adeno Virus) في اللقاح الروسي (سبوتنيك في) هو من أصل بشري يسبب عادةً أمراضاً معوية وتنفسية بسيطة، أما اللقاح البريطاني – السويدي (أكسفورد أسترازينيكا) فيعتمد على حامل فيروس من أصل حيواني من قرد الشمبانزي.
في المحصلة، ومع استمرار المعاناة من الجائحة وظهور سلالات متحورة في بريطانيا وجنوب أفريقيا والبرازيل، ومتحورات جديدة في نيويورك وكاليفورنيا، يصبح التعجيل في منح اللقاح واجباً وضرورة، وكذلك قيام السلطات الرسمية بدورها في تأمين ذلك، وتوزيع اللقاحات بشكل عادل ومتساوٍ لجميع السكان بعيداً عن أي اعتبارات أو امتيازات لأفراد أو جماعات معينة.

المزيد من صحة