Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أميركا تخشى غزو الصين لتايوان... فهل يكون الموعد عام 2027؟

علاقات واشنطن مع بكين تشهد أول اختبار في اجتماع في ولاية ألاسكا

الاختبار الأول لإدارة جو بايدن بشأن علاقاتها مع الصين (أ ب)

تضع الولايات المتحدة والصين توقعات مختلفة لاجتماعهما الدبلوماسي والأمني الأول رفيع المستوى في ظل إدارة جو بايدن الذي يبدأ الخميس 18 مارس (آذار) في ولاية ألاسكا الأميركية ذلك أن الخلافات بين الجانبين كبيرة، ولا تقتصر على الانتهاكات الصينية ضد مسلمي الإيغور والحملة ضد متظاهري هونغ كونغ، واستمرار التعريفات الجمركية بين البلدين وقضايا المناخ، بل تمتد إلى حشد الصين قواتها العسكرية في بحر الصين الجنوبي وتهديد تايوان، حليفة واشنطن. 

وأكثر ما يثير القلق الأميركي تنامي القدرات العسكرية الصينية في شرق آسيا، إلى درجة قد يصبح معها الرد العسكري غير متناسب وربما غير قادر على ردع بكين من غزو تايوان، وهو سيناريو كارثي لواشنطن لأن ذلك سيخلق أزمة دولية كبيرة ويؤثر على مكانتها حول العالم. فما البدائل التي تملكها الولايات المتحدة وهل تكفي الدبلوماسية والضغوط؟  

أول اختبار 

يُعد الاجتماع الذي سيضم من الجانب الأميركي وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومن الجانب الصيني يانغ جيتشي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي وهو كبير الدبلوماسيين في البلاد، ووزير الخارجية وانغ يي، أول اختبار لإدارة بايدن في كيفية التعامل مع بكين. ففي الوقت الذي أبدى فيه بلينكن وسوليفان تمسكهما بمعالجة الصين عدداً من القضايا الأمنية والحقوقية قبل البدء في تحسين العلاقات مع واشنطن، صور المسؤولون الصينيون الاجتماع على أنه فرصة لإعادة ضبط العلاقة بين قوتين رائدتين في العالم تعملان على وضع أسس نظام دولي جديد. 

ويتمثل الاختبار الحقيقي في ما يمكن أن تحققه إدارة بايدن بعد أن اعتبرت الاجتماع فرصة لمخاطبة بكين من موقع قوة كما أوضح سوليفان، وتأكيد مسؤولين آخرين أن توقيت ومكان الاجتماع كانا مدروسين للغاية، لأنه يأتي مباشرة عقب اجتماعات عقدها بلينكن وغيره من المسؤولين الأميركيين مع الشركاء الرئيسين والحلفاء الديمقراطيين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك اليابان وأستراليا والهند وكوريا الجنوبية. وهي تحركات دبلوماسية ترسل رسالة إلى الصين بأن الولايات المتحدة تعتبر شبكة تحالفاتها ميزة رئيسة في منافستها معها.

كما اعتُبِر تحديد ولاية ألاسكا مكاناً للاجتماع اختياراً استراتيجياً، فقد أرادت الولايات المتحدة عقد المحادثات الأولى مع الصين منذ تولي بايدن سُدة الحكم في البيت الأبيض على الأراضي الأميركية وبشروط أميركية حسب قول المسؤولين الأميركيين، على الرغم من محاولة صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الصينية تفسير هذا الاختيار بأنه سيعقد في منتصف الطريق بين واشنطن وبكين.

وما يزيد من أهمية الاختبار أن الجمهوريين يراقبون اجتماع الإدارة الجديدة وانخراطها مع الصين عن كثب ومستعدون لشن هجمات إذا كشفت المباحثات عن تنازلات أميركية، بخاصة أن السيناتور ماركو روبيو عبر عن قلقه بشأن التنازلات المحتملة لبكين في مقابل مزيد من التعاون بشأن تغير المناخ الذي يعد أولوية رئيسة لإدارة بايدن.

الأكثر إلحاحاً

غير أن التحدي الأكثر إلحاحاً الذي يواجه المسؤولين الأميركيين وينبغي معالجته هو تهديد بكين المتزايد لتايوان، إذ يحذر كبار المسؤولين العسكريين من أن الصين يمكن خلال فترة تتراوح بين أشهر أو سنوات قليلة أن تغزو تايوان، تلك الجزيرة التي طالما كان وضعها السياسي المتنازع عليه مشحوناً بالتوتر والخلاف الذي يخيم دوماً على العلاقات الأميركية الصينية.

وما أدى إلى تسارع إمكانية حدوث هذا السيناريو الخطير خلال الفترة الأخيرة، تعزيز القدرات العسكرية الصينية بشكل متسارع وحشد قواتها في المنطقة، والمؤشرات الأخيرة على أن تايوان يمكن أن تعلن استقلالها من جانب واحد عن الصين، فضلاً عن عمليات الاستفزاز المتكررة من إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب ضد بكين، التي بدأت بعد فترة وجيزة من فوزه بالمنصب عبر مكالمة هاتفية مع الرئيس التايواني، وكانت إدارته تروج بشكل مكثف لمبيعات الأسلحة الأميركية الضخمة والزيارات رفيعة المستوى.

ومع ذلك، أشار ترمب إلى أن أميركا قد لا ترغب في الدفاع عن تايبيه (عاصمة تايوان) في حالة حدوث غزو صيني، حيث تردد أنه أبلغ عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ عام 2019 أن تايوان على بعد قدمين فقط من الصين بينما أميركا على بعد ثمانية آلاف ميل، وإذا قام الصينيون بغزوها، فليس هناك شيء يمكن للولايات المتحدة أن تفعله.

حدث متفجر 

وفي كل الأحوال سيكون هذا الغزو ليس كابوساً فحسب لمخططي السياسة الاستراتيجية في الولايات المتحدة، بل حدثاً متفجراً يهدد بوضع المنطقة بأكملها في حالة من الفوضى، ومن المحتمل أن يتصاعد الأمر إلى اشتباكات وقصف متبادل وربما إشعال نيران الحرب بين الصين والولايات المتحدة، التي تعتبر وفقاً "لقانون علاقات تايوان" أن الغزو الصيني يمثل مصدر قلق بالغ، نظراً للالتزام الأميركي بمساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها ضد بكين.

ويعترف كثير من الباحثين والعسكريين في واشنطن أن أحد التحديات الرئيسة التي تواجهها الولايات المتحدة يتمثل في تطور قدرات الجيش الصيني الآن لدرجة أن هذه القدرات أصبحت معضلة لا يمكن بسهولة صدها. فقد شكل هذا السيناريو سؤالاً مربكاً للإدارات الأميركية السابقة، بخاصة مع اقتراب الصين كل عام خطوة أخرى من التحرك ضد تايوان.

من دون ذعر 

ومع ذلك، ينصح باحثون وأكاديميون فريق بايدن الجديد بضرورة الإشارة خلال مباحثات ألاسكا ولو بشكل ضمني، إلى رغبته في الذهاب إلى أرض المعركة من أجل تايوان، والمساعدة في ضمان أن تظل الجزيرة قادرة على الدفاع عن نفسها، ولكن من دون أن يسبب ذلك ذعراً لبكين، حيث عبر مسؤولون دفاعيون أميركيون عن خشيتهم من أن التدخل الأميركي سيكون عاملاً محفزاً قد يزيد المشكلة سخونة، لأنه إذا ضغطت الولايات المتحدة عسكرياً، فقد يستفز ذلك الصين ويدفعها لفعل مزيد ضد تايوان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن الواضح أن إدارة بايدن تواصل الضغط على بكين من خلال سياسة التعريفات الجمركية والعقوبات كما فعل ترمب من قبل، لكن الجديد الآن يتمثل في تعزيز التحالفات الأميركية لتضييق الخناق العالمي حول الصين، حيث يزور وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، وبلينكن اليابان ضمن زيارة مشتركة إلى آسيا، حيث ستكون مواجهة صعود الصين على رأس جدول الأعمال.

وفيما تربط واشنطن وتايبيه علاقات اقتصادية قوية من دون علاقات دبلوماسية رسمية، تتبع الولايات المتحدة سياسة "صين واحدة" التي تعترف بالصين في وقت تحافظ فيه على العلاقة التاريخية مع تايوان. وقد أعطى بايدن بعض المؤشرات المبكرة على أنه سيواصل هذا التواصل مع تايوان، وتأكد ذلك مبكراً من خلال دعوته سفير الجزيرة بحكم الأمر الواقع لحضور حفل تنصيب الرئاسة، كما أثار مخاوفه من ضغوط بكين على تايبيه في مكالمة مع نظيره الصيني شي جين بينغ. 

الصينيون قادمون

في شهادة رسمية أمام الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي، حذر الأدميرال فيل ديفيدسون، قائد القوات الأميركية في المحيط الهادئ، من أن الصين قد تغزو تايوان بحلول عام 2027، وهو موعد متقدم مقارنة مع تقديرات المسؤولين السابقة التي كانت تقدر أن يحدث ذلك عام 2035.

توصل المسؤولون الأميركيون إلى هذا الاستنتاج بعد مشاهدة الصين على مدى السنوات القليلة الماضية، وهي تزيد من قدرتها العسكرية مع شجاعة أكبر لتحمل المزيد من المخاطر على المسرح العالمي، من مهاجمة القوات الهندية على خط الحدود المتنازع عليها في جبال الهيمالايا إلى قمع المتظاهرين في هونغ كونغ.

وعلى الرغم من تفشي جائحة كورونا حول العالم، إلا أن الصين تمكنت عام 2020 من تدشين 25 سفينة حربية جديدة متطورة شملت طرادات ومدمرات وغواصات قادرة على إطلاق صواريخ باليستية، وهي قدرات استهدفت إبقاء أميركا وحلفائها الذين قد يتدخلون لحماية تايوان بعيداً من أرض المعركة. كما أن بكين تدمج أسلحتها الجديدة لتشكيل قوة متطورة بشكل متزايد، وتجلى ذلك في مناورات بالذخيرة الحية أعلن عنها الخريف الماضي، حيث تمكنت القوات الصينية من القضاء على "عدو مفترض" باستخدام الصواريخ الباليستية، مع تطوير هيكل قيادة يشبه إلى حد كبير هيكل القوات الأميركية. 

متى الغزو؟ 

ويبدي المسؤولون الأميركيون إعجابهم بأن الصين بنت بحرية بحجم عالمي لمهمة إقليمية، وأنه ليس لدى الولايات المتحدة النوع نفسه من القدرات في منطقة شرق آسيا، وهو ما يسهم مع عدة معالم أخرى قادمة في تحديد توقيت الغزو المحتمل. فقد سرعت الصين جدولها الزمني لتحديث جيشها من 2035 إلى 2027، وهو العام الذي سوف تحتفل فيه بالذكرى المئوية لتأسيس جيشها، وسيتزامن هذا العام مع ختام ولاية الحكم الثالثة للرئيس شي. 

لكن مسؤولين أميركيين يحذرون من الوقوع في براثن وشباك الخداع الصيني، لأن التجارب السابقة تشير إلى أن بكين ستصبح أكثر اقتراباً من تنفيذ مخططها التحديثي، وقد يصبح غزو تايوان أقرب مما هو متوقع. 

وعلاوة على ذلك، يشعر المسؤولون في واشنطن بقلق متزايد من أن تايبيه قد تجبر بكين على اتخاذ إجراء من خلال إعلان استقلالها من جانب واحد، بخاصة بعد إعادة انتخاب رئيس تايوان بأغلبية ساحقة العام الماضي، بالتزامن مع ما تكشفه استطلاعات الرأي التي تظهر باستمرار أن التايوانيين يريدون هوية منفصلة ليست صينية.

الباب الخلفي 

وبعيداً عن الغزو، يشعر المسؤولون العسكريون في الولايات المتحدة بالقلق من أن الصين يمكن أن تحتل تايوان فعلياً من باب خلفي، وهو تقديم المساعدات الإنسانية إذا مر إعصار مدمر عبرها، ثم تتحرك بكين تحت ذرائع إنسانية للمساعدة في الإغاثة، وبعد ذلك لا تغادر أبداً.

غير أن التايوانيين يعتبرون هذا السيناريو بمثابة ضغط يهدف إلى تقويض الثقة بالنفس لدى الشعب التايواني وفي قدرتهم على الحفاظ على الوضع الراهن، وتوسيع الانقسامات داخل النظام السياسي الداخلي، وإجبار تايوان على التفاوض مع بكين.

رسائل منتظرة

وعلى الرغم من هذه السيناريوهات التي قد تبدو متشائمة، من المتوقع أن يوجه كبار المسؤولين الأميركيين واليابانيين رسالة قوية إلى نظرائهم الصينيين بشأن الإجراءات القسرية التي تتخذها بكين في المنطقة خلال اجتماع ألاسكا، لأن الولايات المتحدة لا تستطيع كقوة عظمى تحمل عدم القيام بأي شيء، في وقت تضغط الصين على تايوان عبر إرسال طائراتها المقاتلة إلى منطقة التعريف الجوي التايوانية بهدف استنزاف قوة تايبيه الصغيرة من طراز "أف-16" الأميركية الصنع، كما أجرت الصين أخيراً تدريبات عسكرية في مضيق تايوان.

ولهذا يحث أكاديميون الإدارة الأميركية الجديدة على زيادة الاستثمار في قواتها الأمامية في المحيط الهادئ، وتعزيز العلاقات مع اليابان وأستراليا لردع بكين، واتخاذ خطوات لتعزيز دفاعات تايوان حتى تقنع بكين بأنها لن تنجح إذا لجأت إلى الإكراه العسكري لحل نزاعها السياسي مع تايبيه.

لكن خطوة واحدة خاطئة قد تكون حافزاً لبكين للتحرك حسبما يشير خبراء دفاع أميركيون، فمن وجهة نظرهم تمثل عسكرة الخلاف بشكل مفاجئ أو الدفع بقوات للرد على الصين أو إعلان حكومة تايوان استقلالها، أحداثاً هائلة يمكن أن تغير بشكل كبير الحقائق والافتراضات التي قد تحول الخلاف إلى صراع أو أزمة عسكرية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير