Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف من ارتفاع نسبة القروض المتعثرة في العراق

انعكست الأزمة المالية وتعطل القطاعات الاقتصادية خلال 2020 إيجاباً على المصارف

أسهمت القروض التي منحتها المصارف العراقية في تحريك سوق العقارات (رويترز)

انعكست الأزمة المالية الخانقة وتعطل القطاعات الاقتصادية في العراق، خلال 2020، بسبب انتشار فيروس كورونا وانخفاض سعر النفط، إيجاباً على المصارف العراقية، وتمثل ذلك في زيادة نسب القروض الممنوحة لجميع فئات المجتمع، مقارنة بالسنوات الماضية.

وأظهرت مؤشرات جديدة لـ "رابطة المصارف العراقية" ارتفاعاً في معدلات القروض الممنوحة إلى المواطنين والشركات خلال 2020 بنسبة 15.5 في المئة، مقارنة بالعام 2019، فضلاً عن ارتفاع الودائع ورأس المال.

وفي المقابل، فهناك حذر من ارتفاع نسبة الديون المتعثرة التي قد تجبر المصارف على اتخاذ إجراءات تقيد منح القروض.

وشهد العام 2020 أزمة اقتصادية خانقة هي الأولى منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، تمثلت بالانخفاض الشديد لإيرادات الدولة العراقية من النفط والقطاعات الأخرى، وعدم قدرتها على دفع رواتب موظفي القطاع العام لأشهر عدة، ولجوئها إلى الاقتراض الداخلي من المصرف المركزي والمصارف بنحو 25 تريليون دينار عراقي (17 مليار دولار) لسد العجز في إيراداتها.

مؤشرات إيجابية

وأعلن المدير التنفيذي لـ "رابطة المصارف الخاصة العراقية"، علي طارق، أن "رأسمال المصارف ازداد خلال 2020 بنسبة 8.5 في المئة، إضافة إلى افتتاح مصارف جديدة"، مشيراً إلى أن غالبية النمو في رأسمال المصارف كان في الخاصة منها.

وكشف طارق أن ودائع القطاع المصرفي ازدادت 3.13 في المئة، لتصبح 84.75 تريليون دينار عراقي (57 مليار دولار)، بعدما كانت 82.1 تريليون دينار (56 مليار دولار) في العام 2019، وهذا النمو يعد بسيطاً بسبب الأزمات التي أثرت في الوضع الاقتصادي خلال 2020.

ونوّه إلى أن الائتمان النقدي المقدم من المصارف إلى المواطنين ازداد 15.5 في المئة، مرتفعاً من 42 تريليون دينار (28 مليار دولار) في العام 2019 إلى 49.75 تريليون دينار (34 مليار دولار) في 2020.

لكن طارق تحدث عن "الديون المتعثرة لدى المواطنين، إذ ارتفعت بنسبة 6.47 في المئة لتصبح 4.43 تريليون دينار" (3 مليارات دولار)، لافتاً إلى أن "هذا الأمر مؤشر مقلق جداً، وقد يجبر المصارف على فرض مزيد من الإجراءات في مقابل منح القروض".

وأسهمت القروض التي منحتها المصارف العراقية لشراء المنازل أو ترميمها في تحريك هذا القطاع الحيوي، إذ أظهرت المؤشرات منذ رفع قيود كورونا عن المدن العراقية في أغسطس (آب) 2020 حركة إقبال كبيرة على سوق العقارات في العاصمة بغداد، والتي تراجعت بشكل محدود لأسابيع بعد خفض قيمة الدينار نهاية 2020.

وأطلقت المصارف الحكومية العراقية، ومنها "الرشيد" و"الرافدين"، فضلاً عن "صندوق الإسكان العراقي"، مطلع العام الحالي سلسلة من القروض للمواطنين لبناء المساكن، تتراوح ما بين 30 و90 مليون دينار (20 ألف إلى 62 ألف دولار)، لبناء مساكن تتراوح مساحتها بين 50 و100 متر مربع.

وأطلق المصرف المركزي العراقي قروضاً لبناء المنازل وشراء الوحدات السكنية في المجمعات الاستثمارية التي يتم تشييدها في العاصمة، تتراوح قيمة القرض بين 50 و125 مليون دينار عراقي.

فيما بدأت المصارف العراقية الحكومية والخاصة حملة تسليف واسعة لموظفي الدولة، تراوح ما بين 5 ملايين و25 مليون دينار (3400 و17 ألف دولار) في فترة سداد تمتد لست سنوات مع نسب فوائد مرتفعة، إلا أنها شهدت إقبالاً واسعاً.

حركة الاستثمار

واعتبر المتخصص في الشأن الاقتصادي باسم جميل أنطوان أن "القروض الحكومية أسهمت في تحريك الاستثمار وقطاع البناء وتشغيل الأيدي العاملة"، مشدداً على "ضرورة تسهيل الإجراءات في منح القروض".

وأضاف أنطوان أن "الحكومات تعمل على زيادة حجم القروض في أوقات الانكماش الاقتصادي لأنها تنعش القطاع الخاص، مع تخفيف الاعتماد على القطاع الحكومي، وهذا الأمر يحدث في كثير من دول العالم، حيث تُعطى قروض ميسرة بفوائد طفيفة لخلق فرص عمل وتحريك الاقتصاد".

ويشير إلى أن "القروض متنوعة، فهناك قروض البناء والقروض التجارية وهي بفوائد من تسعة إلى 10 في المئة، وهناك قروض المشاريع الصغيرة بفوائد من اثنين إلى ثلاثة في المئة"، مشدداً على ضرورة "تثقيف الشباب حول أهمية قروض المشاريع الصغيرة، لا سيما أنها تسهم في تطوير المهن الصناعية".

سُلف غير منتجة

ورأت المتخصصة في الشأن الاقتصادي سلام سميسم، أن "القروض يجب أن تركز على الإسكان وبناء المنازل وإنشاء مشاريع صغيرة، كونها منتجة وتُشكل دفعاً لتحريك الاقتصاد العراقي من خلال زيادة حجم الطلب على المواد الإنشائية وتشغيل الأيدي العاملة".

ودعت سميسم إلـى "ضرورة تقييد القروض الاستهلاكية، مثل شراء سيارة، لكونها تزيد من الاستيراد واستنزاف العملات".

وشددت على "ضرورة تشجيع القروض التي تشكل دفعة للاقتصاد، بشرط أن تكون هناك شفافية في منح تلك القروض، وأن تكون ذات جدوى اقتصادية"، مشيرة إلى أن "السُلف التي تعطى للموظفين بفوائد مرتفعة هي استغلال لحاجة الناس، وليس فيها أية منفعة اقتصادية، وهدفها إسكات الناس وزيادة النسخة الاستهلاكية للمواطن من دون بناء قاعدة اقتصادية".

ويبلغ الاحتياطي النقدي للعراق من الدولار حالياً 56 مليار دولار، بحسب المصرف المركزي العراقي، الذي أكد أن الاحتياطي ارتفع بنحو 4 مليارات دولار منذ خفض قيمة الدينار العراقي وارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية.

المزيد من اقتصاد