Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سبيرز وأخواتها: كيف تحدث الشهرة البلبلة في صحة النساء العقلية

عرضت ثلاثة وثائقيات عن بولي ستايرن وبريتني سبيرز وبيلي آيليش

حينما تتدفق أضواء الشهرة على أنثى يافعة، فقد يكون الاضطراب النفسي ثمناً (غيتي)

في الفيلم الوثائقي "بولي ستايرن: أنا فكرة مبتذلة" Poly Styrene: I Am a Cliché، نتعرف إلى كيفية خروج حب الشهرة من قلب المغنية التي تضج بالحياة ونجمة فرقة "إكس راي سبيكس" X-Ray Spex اللندنية لموسيقى البانك روك. بدأ ذلك عندما قدمت الفرقة عرضاً في نيويورك في أوائل 1978، وشهدت ستايرن المولودة باسم ماريان إليوت سعيد بشكل مباشر على النزعة الاستهلاكية والإسراف اللذين تنتقدهما في أغنياتها. وهناك أيضاً هاجمها المعجبون المحتشدون.

وكتبت، "كل ذلك الاهتمام. يعاملونك كما لو إنك مختلفٌ حقاً. لقد وصل الأمر إلي. ليس من الطبيعي أن يحاط الناس [بـ] أشخاص يقولون لهم إنهم رائعون. ليس من الطبيعي أن تقف على خشبة المسرح مع أشخاص يقفزون فوقك ويمزقون ملابسك".

تذكيراً، لقد لاقت فرقة "إكس راي سبيكس" تقديراً بفضل أغنيات مثل "أيتها العبودية! لا قيمة لك" Oh Bondage Up Yours المتميّزة بافتتاحيتها الصاخبة، كـ"يعتقد بعض الناس أنه يجب رؤية الفتيات الشابات وليس سماعهن"، وقد أقصت ذكور الكاوبوي من المشهدية المتكدرة لموسيقى البانك. شهدت ستايرن الإبنة الوحيدة لأم بريطانية بيضاء وأب صومالي، مرور مسيرات حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف أمام باب منزلها حينما لم تكن سوى فتاة صغيرة، وقد تغلغل إحساسها بأنها غريبة في موسيقاها. في 1976، أصدرت أغنية منفردة باسمها، لكنها قررت تشكيل فرقة بعد أن حضرت إحدى أوائل حفلات فرقة "سكس بيستولز" في ساحة المهرجانات في بلدة "هاستينغز" الساحلية.

بعد ذلك، نشرت إعلاناً في مجلة "ميلودي مايكر" الموسيقية، وغيّرت اسمها إلى بولي ستايرن، وعملت على تجميع أعضاء فرقة "إكس راي سبيكس". لكن مع صعود نجم الفرقة، باتت ستايرن مرهقة. بدأت تكره تقديم العروض وتبكي في غرفة تبديل الملابس بعد الغناء في برنامج "أفضل أغاني البوب" على تلفزيون "بي بي سي".

في مرحلة تالية، عمدت ستايرن التي سئمت من الانتقاد وتقييمها بناء على مظهرها، إلى زيارة منزل المغني والكاتب جون لايدن، وحبست نفسها في الحمام وحلقت شعرها. وتحدثت لاحقاً عن رؤية جسم فضائي غامض بعد إحياء حفل في "دونكاستر". آنذاك، تدخلت والدتها وأرسلتها إلى مستشفى "مودسلي" [المتخصص في الأمراض النفسية والعقلية] في لندن حيث شُخّصَتْ إصابتها بالفصام ["شيزوفرينيا" Schizophrenia]، وأُخبِرَتْ أيضاً إنها لن تعمل مرة أخرى (في وقت لاحق، تغيّر التشخيص إلى "الاضطراب الحاد الثنائي القطبية" Acute Bipolar Disorder).

في 1979، تركت ستايرن فرقة "إكس راي سبيكس". وفي 1981، أصدرت ألبوماً منفرداً حصل على استقبال ضعيف من الجمهور. بعدها، سافرت إلى الهند ثم عادت إلى المملكة المتحدة حيث ذهبت مع ابنتها الصغيرة للعيش في معبد "هاري كريشنا" في "هارتفورد شاير". وقد توفيت ستايرن في 2011 بعد إصابتها بالسرطان.

يشكّل فيلم "بولي ستايرن: أنا فكرة مبتذلة" الشريط الوثائقي الثالث الذي يصدر في غضون أسابيع قليلة ويتأمل عقابيل الشهرة، وكيف يمكن أن تؤدي صناعة الموسيقى إلى تدمير الصحة العقلية للشابات. هناك أوجه تشابه هامة بين فيلم ستايرن وفيلم "نيويورك تايمز" الوثائقي "تطويق بريتني سبيرز" Framing Britney Spears.

إذ يسجل ذلك الفيلم المعاملة القاسية التي تعرضت لها المغنية بريتني سبيرز من قِبَلْ الصحافة وصناعة الموسيقى، ومعاناتها اللاحقة مع مشكلات الصحة العقلية. بدأت كل من سبيرز وستايرن حياتهما المهنية في سن المراهقة، وتحملتا أسئلة المحاورين الطفيلية حول مظهرهما وحياتهما العاطفية. وكذلك عمدت كلتاهما إلى حلق شعر رأسيهما كنوع من التحدي وأمضيتا بعض الوقت في المصحات النفسية، وعلى الضد من إرادتيهما في كثير من الأحيان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى نحو مماثل، شهد الأسبوع الماضي أيضاً إطلاق فيلم "العالم ضبابي قليلاً"  The World’s a Little Blurry للمخرج آر جيه كاتلر عن الفنانة بيلي آيليش. وظاهرياً، يقدم الشريط صورة أكثر إيجابية عن تجربة نجمة موسيقى البوب. إذ لا تزال المغنية (19 سنة) التي دأبت على صنع أغنيات وإصدارها منذ بلغت الثالثة عشرة من عمرها، [لا تزال] تعيش مع والديها في منزلهم المريح والفوضوي في "لوس أنجليس". وفي الشريط، نرى كيف يحيط عامل البناء باتريك أوكونيل والمعلمة وكاتبة السيناريو ماغي بيرد ابنتهما بالحماية، وذلك بمساعدة شقيق آيليش وحليفها الموسيقي المغني وكاتب الأغنيات فنياس.

في المقابل، يكشف الفيلم الضغوط الإبداعية التي تتعرض لها هذه المغنية شديدة الحساسية، وقلّة حيلة العائلة في ما يتعلق بحماية إبنتها من الأذى عندما يكون لديها 78 مليون متابع على "إنستغرام" وصناعة كاملة في متناولها. قامت آيليش أكثر من مرة بمشاركة مخاوفها من إثارة غضب الجماهير على الإنترنت.

في إحدى المرات، شاهدناها تُرغم على مصافحة عدد مرهق من المعجبين. بعد الوقوف لأخذ صور "سيلفي" على مضض مع الجماهير، تهرب وتختبئ في غرفة تبديل الملابس الخاصة بها. في اليوم التالي، تعتذر والدتها، معترفة بأن ابنتها تعرضت لضغوط شديدة. وتصرح، "لقد خذلتك أنا وفريق عملك بأكمله يوم أمس". في تلك الأثناء، تنشغل وسائل التواصل الاجتماعي بانتقاد آيليش بسبب انعزالها الملحوظ.

على الرغم من تحقيق آيليش مبيعات استثنائية وحصولها على جوائز، إلا أن مسيرتها المهنية لا تزال في مهدها. ومن جهة أخرى، يظهر الشريطين الوثائقيين عن سبيرز وستايرن عواقب عدم الاهتمام بالمرأة الشابة عندما تكون تحت أضواء الشهرة المحرقة.

إذ يعتبر فيلم "أنا فكرة مبتذلة" الذي تَشاركَ في كتابته وإخراجه سيليست بيل إبنة ستايرن والمخرج بول سنغ، أن إرثها يتمثل في كونها رائدة، بينما يتأمل في صراعاتها المظلمة مع العنصرية والمرض العقلي وكراهية النساء. ونشهد أيضاً ارتباكها عندما تتعرض لاستجواب حول تقويم الأسنان وملابسها الصاخبة. في إحدى المقابلات التلفزيونية، يورد الصحافي توني ويلسون بتكلف، "مع التقويم الذي تضعه بولي ستايرن على أسنانها، فإنها بالكاد تبدو مثل ليندا رونستات"، في وقت جلست فيه ستايرن بجاوره.

وبصورة عامة، يبدو أننا لا نقدر على مواجهة الإهانات التي تتعرض لها النساء العاملات في مجال الترفيه، إلا من خلال الأفلام الوثائقية. وإلى جانب ما قدم حتى الآن هذه السنة، فقد شاهدنا سرديات مماثلة في فيلم "إيمي" Amy عام 2015 و"ويتني" Whitney عام 2018. لقد نشأت أولئك المغنيات في الحياة العامة، ورُصدت كل حركاتهن، وحُللت قيمتهن بناء على هويتهن الجنسية وانتُقدت حياتهن الخاصة. وعاشت بولي ستايرن ثلاث سنوات تحت هذا الضغط، فكان ذلك أكثر من كافٍ بالنسبة لها. من يستطيع أن يلومها على ارتداء ثوب الرهبانية والبحث عن الحب والمشاركة الاجتماعية في مكان آخر؟

لا يعتبر شريط "أنا فكرة مبتذلة" فيلماً وثائقياً مباشراً بل إنه قصة تحذيرية حول ما يحدث عندما يصطدم الإبداع مع الشهرة، إضافة إلى إظهار المعايير غير العادلة التي تُعامل الفنانات وفقها. الأهم من ذلك كله، أنه يوضح كيف تكررت القصص نفسها على مر العقود، وكيف أننا لا نتعلم الدرس أبداً.

© The Independent

المزيد من سينما