Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سبيل "رقية دودو" في القاهرة يعود للحياة بعد انتهاء ترميمه

يقع في شارع سوق السلاح وطور في إطار مشروع لإنقاذ 100 مبنى أثري

كان إنشاء السبيل في عصور سابقة عملا خدميا يقوم به الأمراء والأغنياء (الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار المصرية)

تمتلئ القاهرة القديمة بالأسبلة التي كانت إحدى أهم المنشآت التي يتبارى الحكام والأمراء وذوو المال إلى بنائها، لما تقدمه من منفعة للناس، فتأمين الماء في ذلك العصر كان من أهم الخدمات التي يمكن لشخص أن يقدمها.

وفي إطار مشروع أطلقته وزارة السياحة والآثار لترميم وإنقاذ 100 مبنى أثري في القاهرة التاريخية، انتُهي من أعمال ترميم وتطوير سبيل "رقية دودو" الواقع بشارع سوق السلاح في القاهرة، والذي يعد من أجمل الأسبلة التي تعود للعصر العثماني.

وأوضح هشام سمير، المشرف على مشروع القاهرة التاريخية في تصريحات صحافية، أن أعمال الترميم نفذت وفقاً للأصول الفنية والأثرية للخرائط والوثائق القديمة للسبيل، حيث شملت أعمال التوثيق المعماري والترميم الدقيق لواجهته وإظهار تفاصيل الشبابيك النحاسية المزخرفة بها، فهي تعتبر من أجمل واجهات الأسبلة العثمانية القديمة.

وأشار إلى أن الأعمال تضمنت ترميم الأرضية الرخامية لغرفة التسبيل، وترميم وعزل سقف الغرفة الخشبية المزخرف، والشبابيك والكتيبات الخشبية الموجودة بغرفة الكتاب، إإضافة إلى تأهيل المنطقة الخلفية للسبيل.

كما تضمنت أعمال الترميم تطوير شبكة الكهرباء ووضع نظام إضاءة جديد ومتكامل من الداخل والخارج.

إنشاء الأسبلة

تضم القاهرة العديد من الأسبلة تعود إلى عصور مختلفة، وتتميز بطرز معمارية متنوعة لا يزال كثير منها قائماً حتى الآن، حاملاً اسم بانيه وذكراه. 

وعن تاريخ إنشاء الأسبلة في القاهرة، يقول الباحث في الآثار الإسلامية معاذ لافي في تصريح خاص، إنها "كانت في العصور القديمة شيئاً ذا قيمة، وأحد أوجه عمل الخير يقوم به السلاطين أو الأمراء أو أي شخص ذي مال ونفوذ، سواء لنفسه أو على اسم شخص راحل كشكل من أشكال الصدقة على روحه، والأسبلة في مصر كانت في قمة ازدهارها خلال حقبة العصر المملوكي، وكان الهدف منها خدمة العوام والفقراء والصوفية، وكان لها طراز معماري معين يميزها، فتبنى على شكل مربع. وغالباً كان السبيل جزءاً من مجموعة معمارية متكاملة تضم عدة مبان لأهداف مختلفة أو على الأقل يكون سبيلاً وكُتاباً".

 

ويضيف "خلال العصر العثماني أصبحت تبنى كوحدة مستقلة، وهذا له بعدان اقتصادي وآخر اجتماعي، حيث كانت الظروف لا تسمح بالأبنية الضخمة، كما أن الحاكم أو الوالي العثماني كان يتواجد في مصر لسنوات ثم يرحل بعدها فيعمل على تخليد اسمه من خلال منشأة صغيرة مثل سبيل أو مسجد، وظهر هذا حتى في قباب المقابر التي تميزت بالبساطة، إلا أن كثيراً من المنشآت في العهد العثماني تأثرت بالطراز المملوكي وتطبعت بروح عمارة القاهرة التي كانت تفرض نفسها على أي معماري". 

إنشاء النساء للأسبلة

تحمل كثير من الأسبلة في القاهرة أسماء نساء قمن بإنشائها وسميت بأسمائهن. ويوضح لافي أنه "منذ عهد السلطان سليمان القانوني بدأت تظهر سلطة ونفوذ النساء في قصر الحكم حيث عملن على تشييد منشآت خدمية تحمل أسماءهن لعمل الخير من ناحية وخلق الشعبية بين عوام الناس لتدعيم ركائز الحكم من ناحية أخرى". ومن أشهرها "سبيل نفيسة البيضا وسبيل أم عباس في القاهرة، وكلاهما لا يزال قائماً حتى الآن". 

سبيل "رقية دودو"

من تكون "رقية دودو"، وما حكايتها، ولماذا تنسب إلى أمها وليس لأبيها؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشير لافي إلى رقية المبني على اسمها السبيل فيقول "هي ابنة بدوية شاهين وهي حفيدة رضوان كتخدا الجلفي الذي كان من أمراء المماليك. وتوفيت في سن صغيرة وأنشأت أمها هذا السبيل على روحها  عام 1174 هجرية، وهو من أجمل الأسبلة في القاهرة وهو مبني على الطراز العثماني الذي يتكون من حجرة مستطيلة لها ثلاثة أضلاع والضلع الرابع يأخذ الهيئة المقوسة ويفتح بها شبابيك التسبيل، ويعلوها الكُتاب".

ويضيف "نسب رقية إلى أمها وعدم ذكر أبيها قد يبدو غريباً في المجتمعات العربية، إلا أنه كان شائعاً بين طبقة الأمراء والمماليك، ربما حتى لا تتعرض للأذى نكاية في الأب أو يهدم السبيل من كارهيه وأعدائه، بخاصة مع ما تداول عن أبيها من سوء علاقته بالسلطة".

شارع سوق السلاح

"أيها الوارد إلى هذا السبيل اشرب ماء زلالاً به يُشفى العليل، الله تعالى يرحم من كان على اسمها هذا السبيل"... كلمات منقوشة على واجهة سبيل "رقية دودو" الواقع في شارع سوق السلاح الذي يعد واحداً من أشهر شوارع القاهرة التاريخية، ويضم العديد من الآثار التي ترجع للعهد الإسلامي. ووفق لافي يعود تاريخ إنشائه "إلى عهد المماليك، وكان سوقاً للسلاح بالفعل".

ويضيف "باعتباره من المناطق الحيوية، بنيت فيه الكثير من المنشآت مثل المساجد والأسبلة ومنها سبيل رقية دودو"، مشيراً إلى أن القاهرة مليئة بآثار إسلامية فريدة إلا أن بعضها لا يحظى بالشهرة نفسها التي تتميز بها أماكن أخرى يرتادها الناس باستمرار، وجهود الترميم والاهتمام والتعريف بها ستجعلها في دائرة الضوء، وعلى مسار زيارة الناس للمناطق الأثرية في القاهرة القديمة".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات