Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان يعزز الرقابة على العملات الأجنبية وأسعار الصرف

يهدف الإجراء إلى تجاوز أزمة اقتصادية مُعقدة والحصول على إعفاء دولي من الدين

توحيد سعر الصرف الرسمي في السودان (أ ف ب)

أعلن بنك السودان المركزي في بيان أن المصرف أصدر تعليمات للبنوك لتوحيد أسعار الصرف الرسمية والموازية للبلاد ابتداء من الأحد 21 فبراير (شباط)، في خطوة من المتوقع أن تفرز خفضاً كبيراً لقيمة الجنيه السوداني.

خطوة متوقعة

ويهدف الإجراء إلى تجاوز أزمة اقتصادية مُعقدة والحصول على إعفاء دولي من الدين إثر برنامج من صندوق النقد الدولي.

لم يوضح البنك المركزي السعر الذي تقرر توحيد سعر الصرف على أساسه، لكن المحللين يقولون إن التوحيد يعني عملياً الانتقال إلى سعر السوق الموازية نظراً لأن جميع المعاملات تقريباً تُحسب بذلك السعر.

وتُلزم التعليمات البنوك بإعلان سعر صرف في نطاق يزيد خمسة في المئة أو ينقصها عن سعر البنك المركزي بناء على العرض والطلب في السوق، وألا يزيد هامش الربح بين سعري البيع والشراء عن 0.5 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الآونة الأخيرة، بلغ سعر الدولار بين 350 و400 جنيه سوداني في السوق السوداء، مقارنة مع سعر رسمي يبلغ 55 جنيهاً.

بعد أسبوعين على حكومية جديدة

وكانت خطوة سعر الصرف متوقعة أواخر العام الماضي في إطار برنامج صندوق النقد، لكن تأجلت بسبب عدم الاستقرار السياسي.

وهي تأتي بعد أسبوعين من تعيين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك حكومة جديدة "تضم جماعات متمردة وقعت اتفاق سلام في أكتوبر" (تشرين الأول).

ويعمل حمدوك تحت مظلة مجلس مدني عسكري مشترك تولي السلطة عقب الإطاحة بحكم عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019.

     بعد تعويم العملة

ويتوقع محللون أن يخفض سعر الصرف الرسمي بشكل كبير نحو مستويات السوق السوداء، وأن تؤدي خطوة بنك السودان بتعويم العملة المحلية إلى زيادة أسعار السلع في حين يعاني السكان التضخم الذي تجاوز 300 في المئة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال المصرف في بيان، إنه "لمعالجة هذه الاختلالات استقر رأي حكومة الفترة الانتقالية على تبني حزمة من السياسات والإجراءات تستهدف إصلاح نظام سعر الصرف وتوحيده"، مضيفاً أن الإجراء يسمح له بتحديد سعر الصرف حسب العرض والطلب.

وقال البنك المركزي إنه قرر أيضاً "تحويل الموارد من السوق الموازية إلى السوق الرسمية واستقطاب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج عبر القنوات الرسمية"، مؤكداً أنه يريد "الحد من تهريب السلع والعملات وسد الثغرات لمنع استفادة المضاربين من وجود فجوة بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازية".

 دعم الأسر الفقيرة

قال محمد الفاتح زين العابدين، محافظ البنك المركزي للصحافيين، الأحد، إن "من شروط المانحين لتمويل مشروع دعم الأسر الفقيرة توحيد سعر الصرف. ومنذ غد ستبدأ أموال المانحين تنزل في حساب وزارة المالية".

واعتمدت الحكومة برنامجاً لتقديم دعم شهري إلى 80 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة للتكيف مع إصلاحاتها الاقتصادية. ويتم تمويل هذا البرنامج عبر عدد من المانحين، منهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.

وقال جبريل إبراهيم وزير المالية "وصلت إلينا أموال، وهناك أموال في الطريق، لكن لن أكشف عن قيمتها أو الجهات التي أتت منها. سيتم دعم كل فرد بمبلغ 5 دولارات شهرياً".

وأضاف أنه "لا أحد يستطيع تحديد سقف زمني لجني ثمار هذه القرارات. اتخذنا تدابير في حالة ارتفاع الأسعار بمواجهة هذا الأمر، والبنك المركزي لديه القدرة على التدخل، إضافة إلى برنامج دعم الأسر".

وأشار البنك في بيانه إلى أنه فرض قيوداً على حركة العملات الأجنبية عبر السماح للمسافرين إلى خارج البلاد بحمل مبلغ ألف دولار فقط.

تحفيز التصدير

ويأمل البنك المركزي بذلك في "تحفيز المنتجين والمصدرين والقطاع الخاص، واستقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي وتطبيع العلاقات مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية والدول الصديقة بما يضمن استقطاب تدفقات المنح والقروض من هذه الجهات والمساعدة في العمل علي إعفاء ديون السودان الخارجية بالاستفادة من مبادرة (تجاه) الدول الفقيرة المثقلة بالديون".

وقررت الحكومة الحد من استيراد الكماليات. وقال علي جدو، وزير التجارة للصحافيين، الأحد "سنزيد ضرائب الجمارك على السلع الكمالية للحد من الاستيراد من دون الإخلال بالاتفاقات الدولية".

جاءت هذه القرارات إثر تشكيل حكومة جديدة مطلع فبراير (شباط) وضعت على رأس أولوياتها معالجة الأزمة الاقتصادية.

وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم على "تويتر": "نرحب بقرار الحكومة السودانية الشجاع للمضي قدماً اليوم في إصلاح سعر الصرف".

جذب الاستثمار الأجنبي

أضافت السفارة أن "هذا القرار سيساعد أيضاً الشركات السودانية ويجذب الاستثمار الدولي، إذ لن تواجه الشركات المحلية والأجنبية بعد الآن صعوبات في ممارسة الأعمال التجارية في السودان بسبب سعر الصرف المزدوج".

وشهدت أجزاء متفرقة من البلاد احتجاجات على الغلاء ونقص الخبز والأدوية في الأسابيع الأخيرة عقب إعلان الحكومة زيادة أسعار المواد الغذائية، لكن الحكومة اتهمت مناصري الرئيس عمر البشير، الذي أطاحه الجيش، بالوقوف وراءها. فقد عانى اقتصاد السودان جراء عقود من العقوبات الأميركية في ظل حكم البشير والعديد من النزاعات، ومن انفصال جنوب السودان في 2011. وفي يناير قال صندوق النقد الدولي إنه "يعمل بشكل مكثف مع السودان لوضع الشروط المسبقة لتخفيف الديون".

وخلال الأشهر الماضية شطبت الولايات المتحدة السودان من لائحة للدول المتهمة برعاية الإرهاب، وأملت الحكومة أن تساعدها هذه الخطوة على استقطاب استثمارات أجنبية ومعالجة ديونها الخارجية البالغة 60 مليار دولار.

وقال محافظ البنك المركزي إن السودان سيعتمد نظاماً مصرفياً مزدوجاً من خلال استمرار النظام الإسلامي الذي تعمل به البنوك وشركات التأمين منذ عام 1984 مع إعطاء البنوك الحرية في أن تعمل بنظام غير إسلامي.

نظام مصرفي مزدوج

وقال زين العابدين، إن "النظام المصرفي المزدوج سيفتح الباب أمام البنوك الأجنبية لتعمل في السودان". وفي عام 1983 أعلن الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية التي استمرت في ظل عمر البشير. ووفق النظام الإسلامي لا تقدم البنوك أرباحاً للمودعين.

ويأتي التحول في سياسة البنك المركزي وسط مخاوف من اقتراب مستوى ما يملكه السودان من العملات الأجنبية من النضوب، من دون أن تكشف الحكومة عما لديها. وقال الاقتصادي السوداني محمد الناير لوكالة الصحافة الفرنسية، إن النقص الأخير في الخبز والوقود يشير إلى احتمال "نقص شديد" في الاحتياطات الأجنبية.

وأضاف أنه إذا كان للبنك المركزي أن ينجح في سحب المعاملات من السوق السوداء، فيجب أن تبلغ الاحتياطات نحو 5 مليارات دولار. وسقط نظام البشير قبل نحو عامين بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه الاستبدادي فجرتها ضائقة مالية أدت إلى زيادة أسعار الخبز بثلاثة أضعاف.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، وقع السودان اتفاق سلام مع الجماعات المتمردة يأمل المراقبون في أن ينهي نزاعات طويلة الأمد في مناطق مختلفة بعيدة عن العاصمة. وفي الشهر الماضي، وافقت الحكومة على ميزانية هذا العام، وهي تهدف إلى خفض التضخم إلى 95 في المئة بنهاية العام الحالي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد