Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ترد أميركا على هجوم أربيل وتفكك شفرات رسائله؟

الطرف الذي استهدف قاعدة التحالف الدولي أراد أن يؤكد أنه قادر على زعزعة الأمن

زجاج محطم لأحد المحال في أربيل إثر الهجوم الصاروخي ليل الإثنين 15 فبراير (أ ف ب)

يسود الحذر الساحة السياسية العراقية بعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف ليل الإثنين الماضي قاعدة للتحالف الدولي وأحياء في محيط مطار أربيل، ويترقب الجميع طريقة الرد الأميركي ضد الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، التي تبنّت بشكل غير مباشر الهجوم وأوصلت رسالة طهران، ومفادها أنه لا ضمان للوجود الأميركي في أية بقعة من العراق من دون التفاهم مع الجارة الشرقية.
وصدرت مواقف أميركية غاضبة من الهجوم عبّر عنها عدد من مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن، بدءاً من وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي أكد خلال اتصاله برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ورئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ضرورة محاسبة المتورطين، ومروراً بإعلان البيت الأبيض أن واشنطن ستختار الوقت والزمان المناسبين للرد على الهجمات، ووصولاً إلى إبلاغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره العراقي جمعة عناد استعداد بلاده لدعم العراق في ملاحقة منفذي الهجوم.
كل تلك المواقف الأميركية، فضلاً عن بيان صدر عن وزراء خارجية أميركا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، أكدوا فيه عدم تسامح دولهم مع الهجمات ضد التحالف الدولي، تشير إلى وجود إجماع دولي ونيّة لدى التحالف، وخصوصاً الولايات المتحدة، للرد على الهجوم بشكل قد يستهدف بعض مواقع وقيادات الميليشيات الموالية لإيران في العراق كما حدث في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) 2020.
وفسّرت ذلك بيانات الإدانة التي صدرت من قيادات الأحزاب والميليشيات، ونفيها تحمّل أي فصيل منها مسؤولية الهجوم، وأبرز تلك البيانات ما أصدرته "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق" و"حزب الدعوة - جناح المالكي" وقيادات في "الحشد الشعبي" في المناطق المحيطة بإقليم كردستان خصوصاً نينوى وكركوك، على الرغم من أن فصيل "سرايا الدم" الذي تبنى الهجوم ودعمته ميليشيا "ذو الفقار" في بيان لها، ظهر بشكل واضح من خلال البيان والمفردات المستخدمة فيه، أنه يُمثل امتداداً للجماعات المسلحة التابعة لإيران.
وفي السياق، تحاشت الجماعات السياسية والمسلحة العراقية الموالية لإيران الرد على اتهامات حكومة إقليم كردستان لعناصر في "الحشد" والميليشيا بالوقوف وراء الهجوم، خصوصاً بعد تصريح المتحدث باسم "الحزب الديمقراطي الكردستاني محمود محمد، الذي اتهم مجموعة سماها "المختلة" من "الحشد" بالوقوف وراء الهجوم.

إدانة رسمية وتحركات لضبط الموقف

كما صدرت إدانات رسمية من الرئاسات العراقية الثلاث (الجمهورية والبرلمان والحكومة)، وجاءت متطابقة في الموقف من خلال اعتبار الاعتداء عملاً إرهابياً وليس عملاً خارجاً عن القانون كما كان يوصف قصف المنطقة الخضراء أو محيط مطار بغداد خلال الأشهر الماضية.

الهجوم تم من داخل الإقليم

وأعلن المتحدث العسكري باسم الكاظمي، اللواء يحيي رسول أن "الهجوم نُفذ من داخل أراضي إقليم كردستان، ويمثل خرقاً كبيراً للوضع الأمني فيه"، مشيراً إلى تشكيل لجنة تحقيق مشتركة بين بغداد وأربيل بهدف التوصل إلى الجهة التي نفّذت الهجوم.

ويُعد هذا الهجوم الثاني على مطار أربيل ومحيطه، حيث شنّ فصيل شيعي في 30 سبتمبر (أيلول) 2020 هجوماً بالصواريخ من حدود محافظة نينوى، إلا أن نتائج التحقيق في شأنه لم تُعلن بعد، مثلما هو الحال في مئات القضايا التي تخص أعمال العنف التي تقوم بها جهات وميليشيات مسلحة موالية لإيران.

التنسيق بين الجيش والبيشمركة

من جهة أخرى، دعت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي إلى التنسيق بين الجيش وقوات البيشمركة في المناطق الفاصلة بينهما لمنع "الجماعات الخارجة عن القانون" أو "تنظيم داعش" من تنفيذ هجمات أو أعمال عنف ضد القوات الأمنية.
ودعت اللجنة الحكومة العراقية إلى القيام بواجبها تجاه تحجيم السلاح المنفلت، في إشارة إلى الجماعات المسلحة الموالية لإيران، مؤكدة أهمية حفظ هيبة الدولة العراقية.

رسائل متعددة

ويبدو أن هيبة الدولة ضُربت من جديد، ومثّل الهجوم رسالة واضحة بحسب متابعين للشأن العراقي بأن الجماعات المسلحة هي من يتحكم بالوضع العراقي، وقادرة على تخريب الاستقرار النسبي الذي تشهده البلاد.
ورأى رئيس "مركز التفكير السياسي" إحسان الشمري أن "تداعيات كبيرة ستترتب على هجوم أربيل في المستويين السياسي والأمني، فضلاً عن كونه إضعافاً للمؤسسة الأمنية العراقية والدولة بشكل كامل أمام السلاح الرديف"، مشيراً إلى أن "هذه الجماعات بعثت رسائل عدة من خلال هذا الاستهداف". وأضاف الشمري أن "هذا الاستهداف سيهز صورة الدولة والمؤسسة الأمنية وإقليم كردستان، وسيعطي مؤشراً على أن هذه الجماعات مستمرة في استهداف الجهات التي تتقاطع مع مشروع تلك الفصائل"، مرجحاً أن يكون هناك "رد دولي إذا استمرت هذه الجهات في استهدافها، لا سيما أن كردستان منطقة نفوذ ومصالح، وتمتلك علاقات مع أميركا وتركيا وأطراف أخرى على مستوى المنطقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اتركوا سنجار

ولفت الشمري الى أن "هذه الفصائل تبعث رسائل عدة إلى أربيل بضرورة التخلي عن رغبتها بالسيطرة على سنجار من خلال التعاون مع تركيا، وتحذير الجهة المسؤولة عن الهجوم (أولياء الدم) لإقليم كردستان من تحويل أراضيه، كما قالت، منصة للإسرائيليين"، مضيفاً أن "هناك رسالة إلى واشنطن مفادها أن هذه الجهات تستطيع الوصول إلى أي مكان توجد فيه داخل الأراضي العراقية".
وتابع الشمري قائلاً إن "هناك رسائل أخرى إلى الحكومة العراقية تبيّن قدرة هذه الجماعات على إرباك الوضع وتعكير الأجواء بين بغداد وأربيل"، مؤكداً أن "الرسالة محاولة لقطع الطريق على محاولات الكاظمي أن يكون العراق صانع السلام، وتقريب وجهات النظر في المنطقة، كون هذه الجهات لا يروق لها أن يلعب العراق هذا الدور، لأنه ربما تكون هناك تداعيات على هذه الجماعات ومن يقف خلفها".

معدات جديدة

من ناحية ثانية، استُخدمت في الهجوم الصاروخي على أربيل معدات جديدة فاعلة في تحديد دقة الإصابات بحسب خبراء أمنيين، وأوضح المتابع للشأن الأمني، سرمد البياتي أن "استهداف مطار أربيل عملية مدروسة اُستخدمت خلالها معدات جديدة"، مشيراً إلى أن "مطلقي القذائف بعثوا رسالة إلى الرئيس الأميركي بايدن بأن الأهداف الأميركية ليست بعيدة منهم".

وأضاف، "الحدود كبيرة بين الإقليم والحكومة الاتحادية وبالتالي يسهل الدخول إلى الإقليم عبر طرق نيسمية غير الرسمية، حيث تم استهداف المطار من منطقة تبعد خمسة كيلومترات ونصف عن أربيل"، موكداً أن "الموضوع كان مدروساً بصورة جيدة، واُستخدمت معدات حديثة لزيادة دقة إصابات الصواريخ المحلية الصنع التي اُستعملت في الهجوم".
وعن الجهات المسؤولة عن العملية، قال البياتي إن "الجهات التي تبنّت العملية لا نعرفها، فنحن نريد المسؤولين الفعليين"، لافتاً إلى أن "هذه الجهات أرادت إيصال رسائل عدة إلى الإدارة الأميركية الجديدة، أهمها أن أية قاعدة توجد بها قوات أميركية لن تكون في مأمن من الهجمات، كما أنها جاءت بعد 24 ساعة من القبض على عصابة إجرامية للقتل والذبح في إشارة إلى عدم رغبتهم باستقرار العراق".
ذراع إيراني

كذلك اعتبر الباحث في المجال الأمني مؤيد الجحيشي أن "أذرع إيران في العراق هي من نفّذ الهجوم، والفصيل الذي أعلن مسؤوليته وهمي للتغطية على الأمر". وأضاف الجحيشي أن "الذين قاموا بالعملية فصيل انبثق من فصائل معروفة، والصواريخ التي استُخدمت إيرانية"، مرجحاً أن "تكون هناك تداعيات كبيرة لاستهداف مطار أربيل، لا سيما أن هناك سفراء دول أوروبية كانوا هناك وقت الهجوم".
وصرح الجحيشي أن "من قام بالاستهداف أراد إيصال رسالة إلى حكومة أربيل مفادها أنه قادر على زعزعة الأمن، وأن الجانب الأميركي غير قادر على حماية الإقليم من هجمات الجماعات المسلحة".

المزيد من العالم العربي