Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثائقي "ترمب يواجه العالم" نزهة مذهلة في أروقة ذاكرة كابوسية

مع أنّ طريقة السرد في هذا الوثائقي عادية إلا أن نوعية الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات تجعل مشاهدته ضرورية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لدى مغادرته منصبه في يناير الماضي (غيتي)

فيما بدأنا نعتاد على السكون المخيف في الشؤون الدولية، بوجود رئيس أميركي يسعده أن يتلو المنومات المعتادة عن السلام والتفاهم، يأتينا تذكير قوي لما يفوتنا. ترمب يواجه العالم (على قناة بي بي سي الثانية) وثائقي من ثلاث حلقات يعرض السياسة الخارجية "الفريدة" للرئيس السابق، بدءاً بالمقاربة الملفتة التي اعتمدها تجاه حلفائه الأوروبيين خلال أول 18 شهراً من حكمه.  

كما هو الحال دائماً مع الأفلام الوثائقية المعنية بترمب، يشكل أرشيف المشاهد المصوّرة نزهة في أروقة الذاكرة الكابوسية، وسلسلة متتابعة من لحظات الذهول "نسيت أن هذا ما قاله/فعله/غرّده": الإمساك بيد تيريزا ماي في البيت الأبيض، والانسحاب من اتفاقية باريس لتغيّر المناخ، والتهديد بالانسحاب من الناتو، وجعل ميلانيا تجلس إلى جانب بوتين خلال عشاء لدول العشرين كي تكون لديه فرصة تلقائية لإلقاء السلام، ونعت نفسه بـ"النابغة المستقرّ جداً".

لا تقدّم طريقة السرد أي جديد، لكن نوعية الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات تجعل من الضروري مشاهدة الفيلم. كنت لأظنّ أن أي شخص قريب من رئاسة ترمب سيأخذ استراحة لبضع سنوات، أو ربما ينضمّ إلى معبد بوذي، لكن ها هم جميعهم هنا، إما يزيدون الطين بلة أو يدافعون عن تواطئهم أو يفعلون الأمرين معاً: غاري كون وجيم ماتس وكيم داروش وفرانسوا هولاند وفيونا هيل وجيريمي هنت وجون بولتون وغيرهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والنتيجة تصوير صريح ومقنع ليس عن ترمب وحده بل عن عالم من اجتماعات القمم والمؤتمرات الصحافية التي يعمل فيها هؤلاء الأشخاص، تافه مثل أي ملعب آخر باستثاء أنه يضم أسلحة نووية وسمّ نوفيتشوك. كنت قد نسيت مدى الثِقل الذي حملته الإشارة في بيان ما إلى "النظام الدولي القائم على القوانين" بدل "نظام دولي قائم على القوانين". يا لبنود الحرب.

قد يكون بولتون، مستشار ترمب لشؤون الأمن القومي، الأكثر تنويراً بين المشاركين في المقابلات، مع أن هولاند يكسب بعض النقاط بسبب اقتراحه لترمب، بعين تلمع، أن يعيّن هنري كيسنجر في حكومته الأولى. فبولتون من القلّة التي حاولت أن تشرح التفكير- أو أقلّه الحَدس- الذي حرّك عملية اتخاذ القرارات بالنسبة للرئيس، بدل انتهاز الفرصة فحسب من أجل تسديد ضربة لرئيسه السابق. ظهر شعور حقيقي بأن أعضاء الناتو لم يسددوا التكاليف المترتبة عليهم، وأن أميركا غالباً ما تعرّضت للإحراج خلال اجتماعات القمة من أجل الموافقة على بيانات لا تؤيدها. من خلال أسلوبه الشخصي الفاضح، دفع ترمب الدول الأوروبية إلى الانتباه أكثر لأمنها وعدم اعتبار الدعم الأميركي من المسلّمات بالدرجة نفسها. لكن الأمر لم يكن سهلاً بالنسبة لموظفيه. في اللحظات الأخيرة من أول فيلم، تصف هيل متابعتها للمؤتمر الصحافي مع بوتين، حين قام ترمب لدى سؤاله عن التدخل في الانتخابات الرئاسية، بالانحياز إلى موقف الرئيس الروسي بدل أجهزة استخباراته. 

وتقول "تحوّل الأمر إلى كارثة. فكّرت فعلياً بالتظاهر بأنني أصبت بوعكة صحّية طارئة والقفز إلى الخلف مع إطلاق صرخة مدوية". ساورنا جميعاً الشعور نفسه بعض الأحيان. والسبب الوحيد الذي قد يدعو مستشاري بايدن إلى الوقوع للوراء خلال مؤتمراته الصحافية هو أن يكون النعاس قد غلبهم. تشعر غالبية الأشخاص بالامتنان للحقبة الجديدة في العلاقات الخارجية الأميركية، إنما ربما ليس صانعو الأفلام الوثائقية.

© The Independent

المزيد من منوعات