Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقارب روسي سعودي يشي بـ "حلحلة" في سوريا

مصادر سياسية في دمشق تجد أن موسكو تسعى إلى تقويض النفوذ الإيراني المتمدد

إعادة إعمار سوريا من ضمن المبادرة السعودية والتي ترتبط بتوقف الحرب والنزاع المسلح (اندبندنت عربية)

وصف المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف نتيجة زيارته إلى دمشق أمس الجمعة 19 ابريل (نيسان) الحالي، بأنها كانت إيجابية، وتضمنت مداولات لتطبيع علاقات سوريا مع الدول العربية. اللافت أن هذه الزيارة سبقها اجتماع في الرياض مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قبل يوم من وصوله إلى العاصمة السورية.

التسوية السياسية

وتشير الأنباء عن تحرك سعودي يلوح بالأفق لوضع نقاط إنهاء الصراع السوري. ووفق مصادر مطلعة فإن ما طُرح على الجانب السوري تضمن نوعاً من الحلحلة بين أطراف النزاع قبل جولة "أستانا"، المتوقعة في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي في كازاخستان، ودوراً للرياض بإعادة الإعمار بعد توقف أتون الحرب بالإضافة إلى ملف اللجنة الدستورية.

مفاتيح التسوية

مفاتيح التسوية السياسية هي أبرز ما دار في اللقاء السوري - الروسي، لتكشف الخارجية الروسية عبر بيانها أن ضمان التسوية السياسية المستدامة للأزمة السورية يأتي بالتوافق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 الصادر في 18 ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 المتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية. وتتكشف عناوين عريضة للمبادرة حول إيلاء اهتمام خاص بمهمة تشكيل اللجنة الدستورية، وإطلاق عملها في أسرع وقت ممكن، وبحث مهمات ترتيب الأمور في سوريا خلال فترة ما بعد النزاع وتطبيع علاقات الجمهورية السورية مع الدول العربية.

مصير المفقودين

لقاء المبعوث الروسي في دمشق تناول الملفات المدرجة على جدول أعمال الجولة المقبلة من محادثات أستانا، والمبادرة السعودية، وإعادة إحياء العلاقات بين سوريا والدول العربية، إلا أن إدلب حضرت بأوضاعها الإنسانية أيضاً، في ضوء بيان سوري تطرق إلى العوائق التي تحول دون تنفيذ ما اتفق عليه سابقاً حول منطقة إدلب، والذي يتمحور بالقضاء على الإرهاب و"مناقشة المبادرات المتعلقة بتبادل الموقوفين ومعرفة مصير المفقودين والجهود المبذولة في هذا الإطار، والاتفاق على ضرورة تسريع العمل لتحقيق النتائج المرجوة في هذا الملف لما له من أبعاد إنسانية واجتماعية هامة".

التقارب الروسي

وفي حال صحت معلومات التحرك السعودي، لا يمكن فصل ذلك عن التقارب الملحوظ مع موسكو. فالرياض تترقب زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والتي ستحدث نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين في ضوء حديث سابق لوزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير وتأكيده دعوة بلاده للرئيس الروسي لزيارة السعودية.

هذا التقارب بكل أشكاله هو من باب التحرك السعودي السياسي المدروس في المنطقة، خصوصاً بعدما شهدت موسكو هذه السنة لقاءات وزيارات لمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى لبحث أطر التعاون في مجالات مختلفة.

توجس وحذر

في مقابل ذلك، تنظر المعارضة إلى هذا التقارب الروسي - السعودي بعين الحذر، وتتخوف من انعكاساته على الأرض والميدان السوري، لتسارع بإدانة السلطة السورية على مجازر مروعة في إدلب لكن "هيئة التفاوض" كشفت على حسابها على "تويتر" أن مناقشات حدثت بين المعارضة وموسكو محوره محادثات أستانا.

وما لقاء رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري 18 أبريل الحالي بلافرنتيف في السفارة الروسية بالرياض، إلا لمناقشة تفاصيل انفراج مرتقب، وسبقت ذلك سلسلة لقاءات أبرزها مع المبعوث الأممي غير بيدرسون.

وكل الاحتمالات بحسب معارضين تذهب باتجاه تدخل سعودي أو ما يشبه وساطة سعودية للاقتراب أكثر من الحلول السلمية، والتسويات السياسية تفسره المعارضة السورية بتحرك سعودي لقطع الطريق على المساعي الإيرانية التي تدفع باتجاه إنجاز تقارب سوري تركي محتمل.

 مبادرات في دمشق

من جهتها، تدرس دمشق كل الاحتمالات والمبادرات، وعلى المقلب الآخر تدفع طهران بمبادرة نوعية تهدف إلى إعادة ترتيب أوراق الصراع السوري مع دول الجوار وأبرزها الجارة العثمانية. وما زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى سوريا إلا لنقل رسائل بين أنقرة ودمشق في مساع إلى تسويات سياسية، تصل لإعادة فتح باب العلاقات بين البلدين، ولو أنه يقتصر على التعاون الاستخباراتي، في موازاة تردي العلاقات السياسية لأنقرة مع البلدان العربية وسقوط حليفها الأخير الرئيس السوداني عمر البشير وتغيير الحكم في الخرطوم.

ومن سعي طهران إلى العمل على تقارب وجهات النظر بين دمشق وأنقرة، ومبادرة موسكو إلى تقريب وجهات النظر بين دمشق والرياض، تُقرأ هذه التحركات في دمشق بأنها تصب في مصلحة التقارب مع البلدان العربية وعودتها إلى الجامعة العربية، وكسر الحصار السياسي وفك الاشتباك الحاصل تمهيداً للتسوية المقبلة.

اشتباك القوى

تسارع الأحداث والمبادرات والرسائل التي تحط في دمشق، ومن وجهة نظر مصادر سياسية سورية لا يمكن فصله عن سعي موسكو إلى تقويض النفوذ الإيراني المتمدد، والذي بات يتوسع، مع وجود خلاف خفي غير معلن بين القوى الحليفة لسوريا في السنوات الماضية. وبهذا الشأن يفسر المراقبون أن التقارب الروسي - السعودي، مقابل التقارب الإيراني - التركي، وزحمة المبادرات، ليست أهدافها سياسية فحسب، فالانعكاسات ستُترجم فوائد اقتصادية لا بد منها في المرحلة المقبلة لإنعاش سوريا.

المزيد من تحقيقات ومطولات